كتبت- هدى أبو بكر ورنا ممدوح: استكمالا لحالة الغموض التى تسيطر على أجواء الاستعداد للانتخابات البرلمانية، علمت «التحرير» من مصدر حكومى رفيع المستوى، أن هناك جدلا داخل الحكومة بين إقرار المشروع الذى أعدته وزارة العدل لتحرير المحكمة الدستورية العليا من المواعيد الملزمة للفصل فى الطعون على دستورية قوانين الانتخابات، أو إدخال تعديل آخر بموجبه تتم مساواة الطعون فى دستورية قوانين الانتخابات بالطعون على قوانين الضرائب، من حيث أحقية المحكمة الدستورية العليا فى تحديد تاريخ معين لسريان الحكم وتنفيذه، بما يعنى إضافة مادة إلى قانون المحكمة الدستورية العليا مفادها أنه «إذا قضى بعدم دستورية نص فى قانون الانتخابات يستمر المجلس فى أداء مدته»، ولفت المصدر -الذى فضل عدم ذكر اسمه- إلى أن الحكومة ترجح كفة المقترح الثانى رغم موافقة الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عدلى منصور على إلغاء هذه المادة، التى وضعها المستشار عدلى منصور نفسه، وقت توليه رئاسة البلاد فى الفترة المؤقتة عقب ثورة 30 يونيو، حينما أصدر قرارا بالقانون رقم 26 لسنة 2014، يتيح تقصير المدد التى تستغرقها المحكمة فى الفصل فى الطعون المتعلقة بالانتخابات، ونص القرار على إضافة مادة جديدة برقم (44 مكررا «1») إلى قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. وعن الهدف من تلك التعديلات فى الوقت الحالى أوضح المصدر الحكومى أنه بالرغم من أن تلك المقترحات تصب فى خانة تحصين قوانين الانتخابات التى يجرى إعدادها الآن، ومن ثم عدم المساس بالبرلمان القادم فإنه يرى أن تلك التعديلات من شأنها الإيحاء برغبة الحكومة فى إجراء الانتخابات، رغم أن تلك التعديلات وفقا للمصدر لن تمنع محكمة مثل القضاء الإدارى من إصدار حكم بوقف قرار الدعوة للانتخابات، وإحالة أى قانون من قوانينها إلى المحكمة الدستورية إذا ما توافر لديها شبهات عدم الدستورية. وبعد إجراء هذه التعديلات تكون هناك طريقتان لإتمام وجود برلمان، الأولى بأن تستغرق الطعون على الانتخابات -إن وجدت- وقتا طويلا قد يصل إلى انتهاء مدة البرلمان، وبالتالى ينتخب البرلمان وينعقد وتنتهى مدته دون أن يهدده أى إجراء، والطريقة الثانية بأن تستخدم المحكمة الدستورية العليا صلاحيتها، وتحدد تاريخ سريان الحكم، حيث توجد مادة بقانون المحكمة تمنحها صلاحية أن تحدد تاريخ سريان الحكم، وهنا يمكن أن تحدد التاريخ عقب انتهاء مدة البرلمان. مصدر بالمحكمة الدستورية أكد هذا الأمر، وقال إن القانون بالفعل يمنح المحكمة حق أن تحدد تاريخ سريان الحكم، وقال عن تعديل القانون، إن هذا يمكن المحكمة من دراسة الطعون بالشكل المناسب والوقت الكافى، لأن تقييد المحكمة بمدة معينة كان يؤدى إلى الاستعجال فى كتابة التقارير وعدم دراسة الطعون جيدا، حسب المصدر. غير أن هذه التعديلات التى سيعلن عنها خلال أيام، تواجه انتقادات كثيرة، وقال المحامى بالنقض والدستورية العليا عصام الإسلامبولى، إنه كان يعتبر التعديل الذى أجراه المستشار عدلى منصور فى 2014 نقلة كبيرة للمحكمة الدستورية، وحسما لأمر هام يتعلق باستقرار البرلمان ومؤسسات الدولة، أما أن يتم إلغاء هذا التعديل والعودة إلى ما قبله فهو انتكاسة ورجوع للخلف، وأكد الإسلامبولى أنه كان أولى أن تلحق تعديلات أخرى على قانون المحكمة بدلا من الرجوع إلى الوراء، لتواكب التطوير الذى يحدث، بدلا من أن تستغرق المحكمة إجراءات طويلة من أجل أن تفصل فى الطعون، ليس من بينها هذا التعديل، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية سبق أن فصلت فى الطعون على البرلمان ومجلس الشورى خلال عام 2012، وتم هذا قبل تعديل القانون وتقييدها بمدة معينة للفصل فى الطعون، فهل كان الأمر وقتها بناء على توجيهات أو تعليمات من المجلس العسكرى؟ من جانبه سأل المحامى أسعد هيكل: «كيف يمرر هذا القانون بهذه السرعة وهذه المفاجأة دون أن يعرف أحد؟» لافتا إلى أن هذا القرار إن دل على شىء فإنما يدل على أننا نعانى من خلل فى المنظومة التشريعية، مشددا على أنه من العيوب التشريعية الجسيمة، أن يصدر تشريع ويلغى خلال فترة لا تتجاوز عاما واحدا، وأشار هيكل إلى أن التعديلات يبدو أنها جاءت تنفيذا لتوجيهات الرئيس، وأنه تم تفسير حديثه على هذا الشكل، وانتقد التعديل واعتبره عودة إلى الوراء، ليظل دائما مجلس النواب معلقا على حكم من المحكمة الدستورية العليا يصدر فى أى وقت تريده المحكمة، ويكون المجلس مهددا بالحل دائما، مثلما حدث فى الحكمين اللذين صدرا من المحكمة خلال عامى 88 و2012، وهو ما يعد إهدارا للمال العام الذى يصرف على الانتخابات، إن صدر حكم ببطلانها بعد إجرائها.