تقارير حقوقية، انتشرت على صعيدٍ واسعٍ، في الفترة الأخيرة، حول ما قالت هذه التقارير إنها "معاملات غير إنسانية" يتعرض لها السجناء في السجون المصرية، حيث ذهبت هذه التقارير إلى أنَّ "عمليات تعذيب" يتعرض لها هؤلاء السجناء. "التحرير" أجرت جولة بمنطقة سجون وادي النطرون، رفقة وفد إعلامي، لسماع أقوال السجناء؛ بهدف نقل شهادات حول حقيقة الوضع على الأرض، وما يتم خلف جدران السجن، داخل العنابر المغلقة. داخل "ليمان 440" بسجن وادي النطرون، بدأت الجولة، التي حرصت "التحرير"، خلالها، على اختيار عينات عشوائية من السجناء. السجين خميس سيد، قال إنَّه دخل السجن يعاني إعاقةً في القدم، ولم يكن يتوقع أن يقدِّم له أحدٌ المساعدة في العلاج، فاعتبر أن المفاجأة جاءت من إدراة السجن التي وفَّرت له الرعاية اللازمة، على مدار 33 شهرًا من العقوبة المقررة عليه. وأثناء جولة "التحرير" في طرقات السجن، استوقف السجين أحمد عبد اللطيف، الذي يقضي عقوبة السجن ست سنوات، في قضية مخدرات، الوفد، فقال إنَّه أصيب بشلل نصفي؛ بسبب جلطة في القلب، جعلته غير قادرٍ على الحركة، إلا أنَّ مصلحة السجون سلَّمته كرسيًا متحركًا، أعاد إليه الحياة بعد أن كان طريح الفراش لا يقوى على الخروج، وفق تعبيره. وليد السيد عبد الله، يقضي عقوبة الحبس في قضية أقراص مخدرة وسرقة لمدة ست سنوات، التقط منه أطراف الحديث، فذكر أنَّه أصيب ببترٍ في ذراعه الأيمن في مشاجرة قبل دخول السجن، وأنَّ إدارة السجن قدَّمت له يد العون، من خلال تركيب طرف صناعي ليستطيع تلبية احتياجاته بنفسه. أحمد عبد اللطيف، سجين آخر من كوم السمن بالقليوبية، مصاب بشللٍ نصفي، ناتج عن التهاب في النخاع الشوكي، أوضح أنَّه مسجون منذ خمس سنوات ونصف، في قضية مخدرات محكوم عليه فيها بالسجن ست سنوات، مشيرًا إلى أنه يلقى رعاية خاصة داخل السجن وتوفير كرسي متحرك له؛كونه لا يستطيع الحركة نهائيًا، وأنَّه يخرج كل فترة لمستشفيات خارجية؛ لتلقي علاج خاص بالنخاع الشوكي، موضحًا أنَّه يقضي يومه بالكامل داخل العنبر بخلاف أوقات الخروج في الهواء الطلق قليلاً، حيث يرافقه أحد السجناء لمساعدته على التنقل. مجدي إبراهيم، سجين أيضًا، محكوم عليه بالسجن عشر سنوات في قضية مخدرات، أفاد أنه كان يعاني شلل أطفال، تسبَّب في بتر قدمه، فركَّب بتركيب الأجهزة الطبية اللازمة في هذا الإطار، لتعينه على الحركة، ووجَّه الشكر للمسؤولين على قال إنه اهتمام صحي يتلقاه السجناء في السجون. السجين خميس علي محمود، المحكوم عليه بالسجن 20 عامًا في قضية قتل، أخبر أنَّه قضى 19 عامًا من مدة حبسه، وأنَّه يلقي اهتمامًا كبيرًا من جانب الإدارة الصحية والمستشفى. من جانبه، ذكر المقدِّم دكتور محمد عادل، مدير مستشفى سجن ليمان 440 بوادي النطرون، أنَّ المسؤولين بالمستشفى يوفرون كافة أوجه الرعاية الصحية اللازمة لجميع السجناء، خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين تكون لهم الأولية في الرعاية، وصرف كافة الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية لمساعدتهم على التنقل والحركة. وأشار مدير المستشفى إلى أنَّ جميع السجناء يتم إخضاعهم للفحص الشامل، قبل دخولهم السجن؛ للتأكد من الأمراض التي يعانوها؛ استعدادًا لتوزيعهم على العنابر بالسجن، موضحًا أنَّ السجن يوفر كافة أوجه الرعاية الصحية للسجناء، بالإضافة إلى أجهزة طبية وأجهزة أشعة وتحاليل على أعلى مستوى تكون خاصة بالسجناء فقط. وذكر المقدم دكتور محمد عادل، أنَّ إدارة السجن متعاقدة بالفعل مع أطباء استشاريين من الخارج، يأتون بصفة دورية لفحص السجناء ومتابعة الحالات المرضية، موضحًا أنَّ أكثر الأمراض انتشارا في السجون هي "فيروس سي والسكر، والضغط، والأزمات الصدرية". وقال إنَّه تم إنشاء مصلحة بمستشفى 430 بسجن وادي النطرون، وخاصة بمرضى بالدرن، حتى اكتمال شفائهم، وكذا عزل السجناء المصابين بالإيدز، وعددهم 12 سجينًا داخل مستشفى سجن برج العرب. فيما أكد العميد علاء فاروق، مأمور ليمان 440 في وادى النطرون، أنَّه بناءً على تعليمات صادرة من اللواء حسن السوهاجي، مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، تم تخصيص عنابر لذوي الاحتياجات الخاصة، موضحًا أنها تجربة تطبق حديثًا داخل السجون لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على الحركة والتنقلات وصرف أجهزة تعويضية؛ تساعدهم وتعينهم على الحركة داخل السجون، مضيفًا أنه تم تجهيز حمامات خاصة بهم. واستكملت "التحرير" زيارتها في السجون، بجولة داخل فصول محو الأمية، والتقت عددًا من المساجين أثناء حضورهم الدروس، حيث قال محمد ابراهيم إبراهيم، الذي يقضي عقوبة السجن خمس سنوات أنَّه سيتم الإفراج عنه خلال ستة أشهر، مشيرًا إلى أنَّه تعلم القراءة والكتابة داخل السجن، وحصل على شهادة محو الأمية؛ حتى يستطيع الحصول على رخصة قيادة ليكسب قوته، بينما قال محمد فتحي، الذي يقضي عقوبة السجن ثلاثة سنوات في قضية حيازة سلاح ناري، أنه يعلِّم زملاءه لحمايتهم من الوقوع في فخ الجريمة مرة أخرى. ونظرًا لما توليه السجون بتعليم وتثقيف السجناء، قال اللواء طارق بدر، وكيل الإدارة العامة لمنطقة سجون وادي النطرون، إنَّ مصلحة السجون تتولى تنظيم دورة كل ستة أشهر لمحو أمية السجناء، تضم نحو 25 سجينًا لمساعدتهم في تعلم القراءة والكتابة وتأهيلهم للعودة إلى المجتمع كأفراد صالحين. وزارت "التحرير" المكتبة الخاصة بالسجن، حيث لوحظ أحد السجناء يقرأ ديوان شعر، وتبيَّن أنه عبد الغفار أحمد، الذي يقضي عقوبة الحبس ثلاث سنوات في قضية مخدرات، الذي قال إنَّه فوجئ بوجود مكتبة داخل السجون.