وسط عدد كبير من الورش والأسواق الشعبية غير المرخصة والمباني المخالفة، في منطقة اللبان غرب الإسكندرية، تختفي معالم منطقة "كوم الناضورة". تلك المنطقة الأثرية المهملة التي يعود تاريخها لأكثر من 1300 عام منذ الفتح الإسلامي لمصر، والتي على الرغم من أهميتها التاريخية لم تفتح يوما من الأيام للزوار سواء المصريين أو السياح. "كوم الناضورة" عبارة عن كوم ترابي متدرج تكون عبر مئات السنين بدءا من العصر الإسلامي، فأصبح التل الثاني الذي يميز الإسكندرية بعد كوم الدكة، حيث كان يراهما القادم من بعيد، ويميز المكان تتابع الحقائب التاريخية عليه وتنوع معالمه مثل المقابر وثلاثة أبراج (مرصد محمد علي والبرج الحديث والبرج الحديدي) وطابية كافاريللي آخر آثار الحملة الفرنسية، وصهريج مياه، ومن المتوقع أن تمده الآثار بمجموعة من الآثار المتنوعة المنقولة مثل الأعمد وشواهد القبور. وفي عهد الحملة الفرنسية، تم بناء طابية أعلى البرج عرفت باسم طابلة كافاريللي نسبة إلى أحد قواد نابليون الذين أشرفوا على الأعمال الهندسية وذلك تخليدا له، وفي عصر محمد على تم تجديد المنطقة وترميمها وأنشأ بها برج استخدم لمراقبة البحر وتحركات السفن الداخلة والخارجة، سُمي برج محمد علي، فيماعرفت المنطقة منذ ذلك الوقت بكوم الناضورة. وفى العصر الحديث وفي عام 1926 م تم بناء برج مثمن مكان البرج القديم بعد تهدمه، كما بنيت ثكنه للمأمور الإنجليزي وأسرته، كما بنيت ثكنة للمأمور المصري في وقت أحدث نسبيا. وتبلغ المساحة الإجمالية لمنطقة كوم الناضورة 26341.25 متر مربع، ما يعادل 6 أفدنة، وقد تعرضت بعض أجزاء من التل الأثري للتجريف من جانب محافظة الإسكندرية عام 1981م، وكانت هناك محاولات لاستغلال الموقع كمساكن، ولكن قامت هيئة الآثار بالاعتراض على هدم التل الأثري، وتم تشكيل لجنة مشتركة من الهيئة وجامعة الإسكندرية وأوصت بضرورة الحفاظ على التل الأثري والمبايى القائمة عليه. وعلى الرغم من قيمة المكان الأثرية، إلا أنه عانى من الاهمال على مدى سنوات طويلة، بخلاف أنه لم يكن يوما مزارا سياحيا لا للمصريين ولا السائحين، لكنه تحول خلال السنوات الأخيرة، ومع ضغف الحراسة على ما بها من آثار تحولت المنطقة المحيطة إلى تجمع لورش مسابك النحاس والعقارات المخالفة التي تم بنائها على حرم المنطقة الأثرية وسط غياب من الأجهزة المختصة. وخلال الفترة الأخيرة اتخذت وزارة الآثار قرارا، بتجديد المنطقة الأثرية وتحويلها لمزار سياحي بتذاكر للجمهور، وإزالة 10 عقارات شاهقة الارتفاع تم بنائها في الحرم الأثري للمنطقة، وتنفذ قرارات إزالة صادرة منذ ما يزيد عن ال15 عاماً لإزالة الورش المحيطة بالمكان. من جانبه أوضح محمد متولي، مدير عام آثار الإسكندرية، أن هناك خطة متكاملة من جانب هيئة الآثار لتطوير المنطقة وتجديدها وترميم الآثار المتواجدة فيها تمهيداً لإعادة افتتاجها للزائرين بتذاكر. وأشار إلى أن مشروع التطوير من المقرر أن يتم بالتعاون مع محافظة الإسكندرية التي تبرعت بمواد البناء، مشيراً إلى أن الهدف من المشروع هو تحويل منطقة كوم الناضورة لحديقة متحفية متكاملة، تحوي الآثر وفي نفس الوقت تكون معدة بأماكن خضراء واسعة تستقبل الزوار، خاصة أن محيط المنطقة يصل لحوالي 6 أفدنة كاملة. وأكد "متولي" أن أهم المشاكل التي تعوق التطوير هو وجود تعديات كبيرة على الحرم الأثري للمنطقة بخلاف ورش مسابك النحاس، التي سبق وصدر لها قرارات إزالة منذ عام 1998، لم يتم تنفيذ أغلبها حتى الوقت الحالي.