انسحاب الوفد العمالي المصري والعربي من مؤتمر جنيف رفضًا للتطبيع    أمين البحوث الإسلامية مهنِّئًا بحلول عيد الأضحى: فرصة لتعزيز المحبَّة والرحمة والتكافل    محافظ الدقهلية أثناء استقبال المهنئين بعيد الأضحى: مصر قادرة على تخطي أي تحديات    الكنيسة تُثمن موقف الدولة تجاه دير سانت كاترين.. وتصدر عددًا من التوصيات    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    الضاني يبدأ من 300 جنيه، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق قبل حلول العيد    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    وزير قطاع الأعمال يبحث مع شركة كورية فرص التعاون بقطاع الغزل والنسيج    ماكرون يطلب من 3 دول الضغط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا    ماكرون: سنقرر خلال أيام ما سنتخذه بشأن إسرائيل    وزير خارجية إسرائيل ينتقد دولًا أوروبية داعمة لغزة    مانشستر سيتي يحسم صفقة رايندرز استعدادًا لمونديال الأندية    بيراميدز يقطع الطريق مبكرا ويجدد عقود الثلاثي رسميا    273 مركز شباب وناديا مستعدون لاستقبال المواطنين في عيد الأضحى بالدقهلية    محافظ كفرالشيخ يعلن تجهيز 404 ساحات لصلاة عيد الأضحى المبارك    إيرادات الأربعاء.. "المشروع X" يواصل تفوقه و"ريستارت" بالمركز الثاني    مصطفى حجاج ينتهي من تسجيل ألبومه الجديد    صوم عرفة.. تعرف على موعد أذان المغرب اليوم الخميس 5 يونيو    تمنع زيادة الوزن- 5 مشروبات تناولها بعد لحم العيد    نائب وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك فى جولة ميدانية بمطار القاهرة: حريصون على تسهيل الإجراءات الجمركية للعائدين من الخارج    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    «بعتنا ناخده».. رسالة نارية من أحمد بلال ل هاني شكري بعد «سب» جمهور الأهلي    شوبير يكشف موقف أحمد عبد القادر من الاستمرار في الأهلي بالموسم المقبل    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بيوم عرفة وعيد الأضحى المبارك    في شكوى مها الصغير.. الأعلى للإعلام يستدعي ممثلين المواقع والوسائل الإعلامية المشكو في حقها    واشنطن تعيد تموضع قواتها عالمياً.. أولويات جديدة في حماية الحدود والردع الآسيوي    "المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق" في العدد الجديد من "مسرحنا"    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    بعروض فنية وسينمائية وأنشطة للأطفال.. قصور الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بمحافظات وسط الصعيد    وزير الخارجية الألمانى: نرفض سياسة الاستيطان التى يجرى تنفيذها فى الضفة الغربية    رئيس إيران يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى ويؤكدان أهمية تجنب التصعيد بالمنطقة    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    س وج.. كل ما تريد معرفته عن خدمات الجيل الخامس "5G"    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    فيفا: الأهلي يستعد لكتابة فصل جديد من المجد في كأس العالم للأندية    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات اللاعبين قبل نهائي الكأس    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    ملايين الحجاج يقفون على جبل عرفات (بث مباشر)    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدّى النهار!
نشر في التحرير يوم 26 - 04 - 2015

وها هى قطعة من جمالنا المصرى تنسحب معتذرة مع الغروب، فقدناها كأننا لا نكتفى، وأخذت معها بعضا من قلوبنا وشذرات من حبة أرواحنا المتطايرة شعاعا وشجنا، فهل من مزيد؟ أبنودى مصر يغيب عن مصر، فلا تعود مصر كما كانت، تماما كعادتها، هذه المصر الحرون بطباعها الصعبة المتعبة تسافر فى قلوبنا فنسافر، نقع فى حبها فتتكاسل.. تتشاغل.
تتباعد وتأبى بعناد أن تعود، تتعبنا نحن عشاقها المغلوبين على أمرنا. أسعدنى زمانى بلقائه يومًا، أطعمنى ذات نهار بيديه التى تكتب الكلام الذى به تتكلم مصر الفلاحة الحلوة عندما يحلو لها أن تتكلم. مصر التى تسبى عيونها الناعسة قلوبًا وأرواحًا وهى لا مبالية، قاعدة ع الترعة بتغسل شعرها.
مصر السد وحراجى القط. نكشته مداعبًا، قلت له: يا خال، قال لى: نعم، قلت له: احمد ربنا حظكو حلو! أنا لو كنت غنيت كنت حاقعدك فى البيت انت وعبد الحليم بتاعك! رد فورا: تقعّده هوا آه، بس أنا مالى، أنا كنت حاسترزق منك برضه! ونضحك! هو الإنسان القادر على ترجمة حروف عواطفنا، تلك التى تأبى فى العادة أن تتحول إلى كلمات تقال.
هو الرسام الذى يرسم بحروفه السمراء ويضع الألوان مقتدرا كيف يحب، وحيث يشاء، سمرة النيل، خضار الغيط، صفرة الصحراء مع زرقة السما وبياض السحاب. سنابل القمح وسعف النخيل وأعواد القصب. نسمة الهوا الطرية فى عز الصيف متغمسة فى أذان المغرب، لقمة العيش الحاف المتغمسة فى العشق لما تتقسم فى نور القمر على اتنين، القلب الأخضرانى اللى دبلت فيه الأمانى. وهل من بعد الحب كلمة تقال؟ يا كلمتى، لفى ولفى الدنيا طولها وعرضها، وفتحى عيون البشر للى حصل على أرضها. هأنذا أتخيلك شابًّا تستمع بلهفة للراديو فى ليلة صيفية ستينية بعيدة، من هذا؟
هو عبد الحليم يقف صامتًا كالتلميذ المطيع، وخلفه يقف المايسترو العبقرى على إسماعيل، أستاذ التوزيع الموسيقى، ليتولى بنفسه قيادة الأوركسترا الكبير، الوتريات، ثم آلات النفخ بقواعد الهارمونى التى أبدع المايسترو فى توظيفها، لتضيف العمق للجملة الموسيقية البسيطة، فإذا هى شىء آخر يمتلئ شجنًا بآلات لم تصنع فى الأصل لتلقى شجنًا، لكن ها هى كالسحر تفعل! الترومبيت، الترامبون، ثم الأوبوا، وأخيرا لمسات الفلوت فائقة الحساسية، يقودها الأستاذ بروح مرهفة تشعر بأصغر شاردة وواردة، كأنها دقات قلبه وقد سافرت كلها إلى الطرف الدقيق لعصا المايسترو لتنبض فى الهواء كرسام قلب. أرواح تحلق، حنجرة عاشق تؤدى، والكل مسخر ليقول كلمتك أنت، يا من غاب ليلحق بكل هؤلاء الغائبين! هّوا انتو بتسيبونا لمين؟! يا هل ترى الليل الحزين.. أبو النجوم الدبلانين.. أبو الغناوى المجروحين.. يقدر ينسيها النهار أبو شمس بترش الحنين؟ أبدا!! يقولون إن عيون الرجولة لا تترقرق بالدموع، لكن الأمر يختلف حينما يكون الحديث عن مصر الحب.. والغلب!
الآن أتذكر يا شاعرى، كان الوقت ظهرا ونحن نقف فى بهو ذلك النادى مكدودين منهكين محاصرين، فى الليلة الماضية كانوا قد هدموا الخيمة وقبضوا على الأولاد اللى قلوبهم خضرا بلون الزرع وأحلامهم وردى بلون الزهر وبلدهم المعشوق ست الحسن والجمال، سألونى كيف شعرت لاعتقالهم؟ تذكرت قبل عدة ليال كيف هاجمتهم القوات لتهدم الخيمة وتنزع العلم وتصادر طبلتهم الكبيرة، وكيف نجح شاب صغير فى الجرى خلف اللورى القبيح ليقفز فى داخله فى أثناء سيره ليسترد طبلته وزوج العصىّ، ثم يقفز خارجه فى لمح البصر، لا زلت أتذكر منظره ليلا وأضواء مصابيح الشارع تعكس ظله، ليبدو جسده الصغير عملاقا وهو يسير عائدا ظافرا بطبلته، يطبل عليها منتصرا زىّ القرد، ضاحكًا بخفة ظل مصرية عزّ مثيلها كأنه قد فتح عكا!! ثم وقفت أرقبهم وهم يعيدون رفع علم مصر على السور فى قلب الليل الصامت، وكيف لم يطاوعنى قلبى فتسللت ناحيتهم مستغلا الظلام، حيث لا يعرفنى أحد، لكى أرتقى السور معهم لأضيف لأياديهم العاشقة يدا إضافية ترفع مع أياديهم علم بلدى.
وها هم قد زالوا فى الليلة الماضية لم يبقَ لهم أثر ولا حتى الطبلة!! سجنوهم، أخذوهم ليغتالوا براءتهم، لعلهم الآن يجلدون بالسياط أو يضربون بالأقلام والشلاليت. أردت أن أقول إن كل ذنبهم كان خيمة.. وطبلة وعَلَمًا.. وحنجرة تهتف ليل نهار تحيا مصر، هممت أن أقول لكن صوتى انحاش فجأة، انشرخ، وأخيرًا تنهمر صمتًا دموع غزيرة ساخنة على نحو أذهلنى لم يحدث لا من قبل ولا من بعد، لتنتقل عدواها على الفور لكل الواقفين حولى. إنها المصر التى نسعى خلفها بالمشوار ليأتينا كلامك، مشيت على الأشواك.. وجيت لأحبابك.. لا عرفوا إيه ودّاك.. ولا عرفوا إيه جابك!! رميت نفسك فى حضن.. سقاك الحضن حزن.. حتى فى أحضان الحبايب شوك.. يا قلبى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.