ومن فتاوى ابن تيمية المستنكَرة، أنه يقول إن «المؤمن تجب موالاته، وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك» (كتاب مجموع الفتاوى، ج 28، ص 118). والسؤال المطروح: هل هذا يقبله العقل والمنطق؟ أليس هذا دعوة إلى الكراهية والبغض ضد المسيحيين واليهود وغير المسلمين قاطبة؟ أيضا يرى ابن تيمية أن الكفار ليست لهم الشرعية فى التصرف فى أموالهم، أما المسلمون فلهم الحق فى ذلك، وإن استولوا عليها غصبًا، لأنها تعتبر من الغنائم، مما يعطيهم حق الشرعية وحق التصرف فيها. كما يقول ابن تيمية عن الشيعة فى مجموع الفتاوى، المجلد 28، صفحة 479: (وَقَدْ أَشْبَهُوا الْيَهُودَ فِى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَا سِيَّمَا السَّامِرَةُ مِنْ الْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ أَشْبَهُ بِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْأَصْنَافِ: يُشَبِّهُونَهُمْ فِى دَعْوَى الْإِمَامَةِ فِى شَخْصٍ أَوْ بَطْنٍ بِعَيْنِهِ، وَالتَّكْذِيبِ لِكُلِّ مَنْ جَاءَ بِحَقِّ غَيْرِهِ يَدْعُونَهُ، وَفِى اتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ أَوْ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَتَأْخِيرِ الْفِطْرِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَتَحْرِيمِ ذَبَائِحِ غَيْرِهِمْ)، وهو ما يثير الطائفية بين السنة والشيعة. أيضا قول ابن تيمية فى مجموع الفتاوى (28/ 108): «ومن لم يندفع فساده فى الأرض إلا بالقتل قُتِل، مثل المفرِّق لجماعة المسلمين والداعى إلى البدع فى الدين». أيضا يقول ابن تيمية فى مجلد الفتاوى الكبرى (2 /98): «الجهر بلفظ النية ليس مشروعًا.. ويجب تعريف الفاعل بالشريعة واستتابته من هذا القول فإن أصرّ على ذلك قُتِل». وكما أفتى ابن تيمية بقتل العلويين، أفتى بقتل كل من ينتسب إلى الطائفة الدرزية حتى صُلحائهم. ونحن نتعجب من موقف الجماعات الإسلامية المتطرفة، مثل «داعش» و«الإخوان» و«القاعدة» و«بوكو حرام» والسلفيين و«أنصار بيت المقدس» و«أنصار الشريعة» و«شباب المجاهدين» فى الصومال و«جبهة النصرة» وغيرها، وبعض من يعتبرون أنفسهم علماء، من تقبُّلهم فتاوى ابن تيمية الإجرامية، رغم أن أكثر شيوخ عصره كانوا على تكفيره والحُكم عليه بالبدعة، حتى ابن خلدون لم يذكره فى المقدمة، بعد أن عدَّد فيه كبار العلماء، رغم أن ابن خلدون جاء بعد ابن تيمية بعشرات الأعوام. فمنذ عصر ابن تيمية فى القرن السابع الهجرى حتى زمن ابن عبد الوهاب فى القرن الثانى عشر الهجرى، كان أغلب شيوخ المسلمين يحكمون على ابن تيمية بالكفر والبدعة والشذوذ، ولولا إحياء الوهابية لتراثه لأصبح ابن تيمية وكتبه فى طى النسيان. فالدعوة السلفية الوهّابية هى التى اتخذت من المذهب الحنبلى مرجعية فقهية، فقد قاموا بنسخ وطباعة كتبه ونشرها وتوزيعها فى مواسم الحج وكل البلاد الإسلامية بعد طبع أكثر من 840 مليون كتاب تروج لفكر ابن تيمية، دون أن يتصدى أحد لذلك الهدم والتجريف والتخريف لعقلية المسلم، إلا من بعض الأسماء القليلة التى بدورهم حاصروها وكفّروها وطمسوها مع إهدار دمهم، وقد ساعدهم على ذلك، أن البلاد الإسلامية دون كل دول العالم، لا تعاقب على إهدار الدم، وساعدهم فى ذلك أموال البترول التى لولاها ما كانت للسلفية قدرة على هذا الانتشار ونشر المكتبات المتخصصة فى نشر هذا الفكر المنحرف دون محاسب، وأيضا إهداؤهم مئات الكتب إلى كل المساجد حول العالم. كما أن ابن تيمية هو من وضع الأساس لفقه الجريمة فى الإسلام، ثم ناقش فروعه بتوسع وأَصَّلَ لهذه المسائل بفتاوى ومناظرات عقلية وشرعية، حتى باتت دعواته محل قبول لذوى الرغبات والنزعات الدموية العنيفة المتسترة بغطاء العلم والدين... وهذا ضلال وانحراف، لأن الأصل هو فقه التعايش والسلام والتسامح والعدل والمساواة، لا الحرب والاعتداء. وقد قام بعض الأطباء النفسيين بتحليل شخصية ابن تيمية من خلال كتاباته، وقالوا عنه إنه شخص مريض نفسى لديه نزعة وسمات إجرامية. لذا نحن نُفتى بفسادِ فكره، وأن تأييد أفكاره على العموم أو الأخذ بها يكون من جاهل أو ضالّ أو مضلل. هذا وعلى الله قصدُ السبيل وابتغاءِ رِضَاه. الشيخ د.مصطفى راشد