العلاقة بين رجال الشرطة والجيش ذات رباط مقدّس منذ زمن بعيد، إلا أن هناك منغّصات وشوائب طفت مؤخرًا على السطح تشي بأن هناك نارٌ مستعرة تحت الرَّماد لا يحترق بلهيبها إلاّ الوطن والمواطن مالم يحكّم الطرفان العقل في هذه المسائل الخلافية بينهما والتي عادة ما تكون واهية ولا ترقى لحجم الخسائر والمشاحنات التي تدور على الأرض، فقد تسببت "ركنة" سيارة أو رخصة مرور أو أي احتكاك خفي في إضرام نار الغيرة بين الجانبين ويشعر أي طرف بالغبن تجاه الآخر حال ظلمه أو إنتهاك كرامته ليقف له بالمرصاد، فهناك إجراءات صارمة وصادمة بين الطرفين كان شهدتها الأعوامم السابقة تعكس خلافات مكتومة بين الطرفين، لاسيما أن الجهاز الأمني كان صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في عهد مبارك، والتي تسجلها وترصدها "التحرير" على النحو التالي: أزمة "عجلة" شهد قسم شرطة إمبابة واقعة إطلاق نار في الهواء بدأت بمشادات كلامية بين أحد المجندين وأمين شرطة الذي أراد أن يترك دراجته البخارية بالقرب من مدرعة الجيش المتواجدة لحماية القسم، فطلب منه المجند تغير مكانها، لكنه رفض، فاندلعت مشادات كلامية بين الطرفين تحولت إلى مشاجرة، الأمر الذى جعل أهالي المنطقة يتجمعون على مصدر الصوت، فيما تدخل مأمور القسم ورئيس المباحث لاحتواء الموقف. المسؤولون في مديرية أمن الجيزة سارعوا لوقف الواقعة قبل إندلاعها بين أمناء الشرطة والمجندين مؤكدين للطرفين أنهما يعملان من أجل هدف واحد وهو تأمين المنشآت الشرطية، والحفاظ على أرواح المواطنين، وأن الشرطة والجيش يقفان جنبًا إلى جنب للتصدى للخارجين عن القانون، ومكافحة الإرهاب الذي يضرب ويزعزع أرجاء الوطن. نار تحت الرماد ويرى مراقبون أن تلك الاشتباكات، التي تندلع من حين إلى آخر، تعكس أجواء من الخلافات المكتومة بين الطرفين، لاسيما أن الجهاز الأمني في مصر كان صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في البلاد أثناء حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وكان يعتقد أنه أعلى من القوات المسلحة، إلا أن الثورة أسقطت تلك الأسطورة، وارتفعت كفة الجيش لدى المصريين، فضلًا عن أنه صار الحاكم الفعلي للبلاد. كمين للجيش في 2012 19 نوفمبر 2012 وقعت مشاجرة بين الطرفين في القاهرة، عندما أقدم ضابط شرطة على معاملة ضابط جيش بطريقة اعتبرها الأخير غير لائقة، أثناء استيقافه في كمين أمني، وحاصرت قوات من الجيش قسم شرطة ثاني القاهرة الجديدة، وحطم ضباط من الجيش بعض سيارات الشرطة، وتدخلت قيادات في الجيش في الأزمة، وتم احتواؤها. المدينة الباسلة واشتباكات 2013 كما شهدت مدينة بورسعيد اشتباكات مماثلة في شهر مارس 2013، في أعقاب وفاة مجند جيش، بسبب إطلاق قوات من الشرطة الرصاص عليه بطريق الخطأ، أثناء فضّ تظاهرة شعبية، وتبادلت قوات الجيش والشرطة إطلاق الرصاص. 15 مايو وكعوب البنادق هناك رواية متداولة بين ضباط بالقوات المسلحة ومصادر أمنية تقول سطورها إن ضابط شرطة تعدى لفظيًا على ضابط الجيش وزوجته، فأبلغ الشرطة العسكرية التى تحركت إلى الموقع واقتادت أفراد قوة الكمين إلى أحد معسكرات الجيش لتكديرهم، وتناقل البعض روايات مفادها أن قوة الشرطة تم التعامل معها فى البداية ب«كعوب البنادق» و«البيادات». ولم تكن هذه المرة الأولى التى تخرج فيها إلى العلن مشاكل من هذا النوع بين القوات المسلحة والشرطة، ففي مارس 2009 هاجم عشرات من طلبة الكلية الحربية قسم شرطة مدينة 15 مايو، وألحقوا به دمارًا واسعًا، وأحرقوا سيارات للشرطة، وقيل حينها إن الأمور تطورت بعد شكوى طالب بالكلية الحربية لزملائه من سوء معاملة قوة شرطة استوقفته فى شوارع المدينة. المنتزه.. قسم تحت الحصار! لم تلبث قيادات مؤسستى الجيش والداخلية التقاط أنفاسهما عقب السيطرة على أزمة حصار قوات الجيش لقسم ثان التجمع بالقاهرة الجديدة، عقب خلاف بين ضابط جيش وأحد ضباط القسم، حتى اندلعت شرارة أخرى بالإسكندرية تفاصيلها حصار آخر بطله الجيش لقسم المنتزه بحجة الإفراج عن أحد ضباط البحرية الذى نشب خلاف بينه وبين أحد ضباط الشرطة، فتم اصطحابه على إثر الخلاف إلى قسم الشرطة، فتوجه زملاؤه إلى القسم لحصاره فى محاولة للإفراج عنه. والطريف أن أزمة حصار قسم المنتزه نشبت فى الوقت الذى كانت فيه قيادات مؤسستى الشرطة والجيش طرفى مأدبة عشاء قوامها 1500 ضابط وقياداتهم من مختلف رجال المؤسستين، هدفها تعميق أواصر العلاقات بين المؤسستين والتأكيد على كونهما جناحى الأمن للبلاد، وإذا تمكنت قوى خارجية من بث روح الفوضى والفتنة بينهما فستكون النتيجة مؤلمة للمجتمع ككل. رسالة الجيش والشرطة في عام 1951 وقف بعض من رجال الشرطة البواسل أمام الهجوم العنيف الذي شنّته قوات الاحتلال البريطاني على مبنى المحافظة، وطلب تسليمه ولكن أصر رجال الشرطة على المقاومة، مما أصفر على سقوط 50 شهيدًا و 80 جريحًا من رجال الشرطة البواسل، وكان سبب هذا الهجوم أن مصر قد قررت إلغاء المعاهدة التي أبرمتها مع بريطانيا عام 1936، ولتخليد هذه الذكرى قرر الوطن أن يحتفل يوم 25 يناير من كل عام بعيد الشرطة لتذكر شجاعة هؤلاء الضباط، لتأتي ثورة 25 يناير 2011 التي غيّرت فيها مصر جلدها القديم بحماية القوات المسلحة التي انتصرت إلى الحرية والكرامة الإنسانية ووقفت بجوار الشعب الذي وصفته بالعظيم.