على أنغام كوكب الحب أم كلثوم "ياصباح الخير ياللّي معانا.. ياللّي معانا"، يودّع المصريون منازلهم في السادسة صباحًا سعيًا وراء الرزق في "البدّرية" ملوّحين للكسل من بعيد بإبتسامة رضا تقطعها عذوبة محمد قنديل التي تشعّ بهجة على كلمات حسين طنطاوي وألحان أحمد صدقي التي يبدأ "ياحلو صبّح يا حلو طل" التي يلوكها بسعادة كل الصحبجية على عربات الفول التي ترصد "التحرير" العديد من الأسباب وراء عشق المصريين لها. 1 - اصطباحة «تيك أواي» نظرًا للاستيقاظ مبكرًا للحاق بساعات العمل الرّسمية، يهرّول المصريون إلى عربات الفول التي تتلقّفهم مع نسمات الصباح الجديد، حيث طلبات الزبائن التي تأتي متسرّعة للبائعين الذين يحتلون نواصي شوارع القاهرة بعرباتهم الخشبية الملونة والمنتشرة في أرجاء المعمورة والتي تحمل إناء ضخمًا "قدرة" مملوءًا بالفول الناضج وكمية كبيرة من الخبز، وزجاجات الطحينة والزيت والبصل الأخضر والليمون والمخللات والبيض المسلوق على العربة. 2 - 5 جنيهات وبصلة نشوة المصري تختلف حينما ينظر إلى طبق الفول الصباحي الذي تنظر إليه عيون الرضا بإبتسامة يتبعها طلبات ملحّة للبائع الذي يباغت زبائنه بحبة "كمون" وشئ من المخلل والليمون وثنائية التذوق"البصل الأخضر والزيت الحار"، كل هذه يغري بها البائع زبائنه ب 5 جنيهات في شوارع مصر القديمة، فكل ما سابق من وليمة صباحية يهرع إليها المتعجّلون في شوارع المحروسة لكبح جماح البطن التي خرجت للتو من تحت عباءة الدفء في الشتاء القارص إلى شوارع البرد التي يتوسّد فيها الفقراء والبهوات، أحيانًا، 5 أرغفة ولوازمه من فول بالبيض المسلوق ومخللات وليمون وطحينة وبصل أخضر يزكم أنوف الجوع ..! 3 - وليمة اليوم الواحد عادة المصري هي التوفير، خاصة لو كان يقتات من عمل غير مجدٍ في ظل ظروف البطالة التي تضرب بأطنابها طول البلاد وعرضها، مما لا يجد المصريون مفرًا من عدم الإسراف والتحايل على ظروف المعيشة الصعبة، وإدخار ثمن وجبة ديليفيري من محال وسط البلد الباهظة، حيث تجد غالبية المتواجدين على "عربات الرضا" هو من شريحة الفقراء أو محدودي الدخل ممن يصبّرون أنفسهم بوجبة رخيصة وفي متناول الجميع، والتي من فوائدها هي أن تقبع في "البطن" طيلة يوم عمل طويل وشاق ولا تبرحه إلا عندما يدخل المصري عتبات منزله، وهناك يستطيع أن يلحقها بوجبة إضافية تعوّضه عن منغصّات الوليمة اليتيمة. 4 - الفول واللّمة نسب يشعر المصري بالراحة النفسية في معيّة الجميع على عربات الفول، حيث تنتاب المصري "الشقيان" حالة من السعادة الغامرة نتيجة "اللّمة"، فقليل من المصريين يفقتدون لنسمات الضحكة الصباحية خاصة وهم مقبلون على عمل شاق يستدعي الجدّية وتكشيرة صاحب العمل، الأمر الذي يجعلهم يبدأون رحلتهم من السرير إلى العمل بمحطة فاصلة تنعش الروح بوقفة على عربات الفول التي يتخللها قفشة أو نكتة أو مداعبة من البائع تغسل مقدمة اليوم قبل أن يغوص المصريون في "قعر" نكد" صاحب العمل ! 5 - عربات الفول.. والسّر الإلهي سر لا يبيح به صاحب عربات الفول إلى زبائنه وراء جمال وروعة التذوق على عربته المتهالكة التي تتخذ من ناصية الرّزق ركنًا يهرع إليه كل مواطن وكائن صباحي، فطعم الفول يختلف عنه في المحال الشهيرة، وهو سر إلهي وضعه الله عز وجل لكي يجلب الرزق لأصحابه، فمهما تحاول الزوجة في البيت، والصنايعي في محال الفلافل أن يزيد من التوابل، فإنه لا يصل إلى درجة المذاق الرّباني الذي حباه المولى عز وجل لصاحب عربات فول القدر والقدرة الساخنة التي يحرص الكثير من عباده الشكور على تناول مزاقها "من على الوش" فهي بركة تبدأ بالبسملة قبل الأكل إلى حمد الله على نعمائه، ثم يسارع الخطى إلى عمله منتشيًا ومرددًا يا حلو صبح يا حلو طل .. النهاردة أبيض وزي الفل" أو كما قال صباح الفول..! الفول واللحم..كنتاكي المصريين "!" تحتوي كل حصة من الفول المدمس على 418 سعرة حرارية و22 غ من الدهون معظمها غير مشبعة، كما أنها تحتوي على 15 غ من البروتينات ويعتبر هذا الطبق غني بالألياف الغذائية وهو نوع من أنواع البقوليات وبالتالي له من الفوائد الغذائية ما لجميع البقوليات حيث أنها تحتوي على نسبة مرتفعة جدًا من البروتين وتعتبر بديلاً اقتصاديًا عن اللحوم.