دكتور نبيل.. عندما قرأت أعمدتك التى عاتبت فيها الأزهر الشريف على رفعه السلاح فى وجه مَن يعارضه غضبت منك كثيرًا، لأننى نشأت وتربيت على حب الأزهر واحترامه، حتى إننى سعيت يوما لإقامة جامعة أزهرية فى البلد الذى هاجرت إليه منذ سنوات والذى لا يتحدث شيئا من العربية، ولم أتصور أن يجرؤ شخص على انتقاد الأزهر الذى عشت أرى أنه لا يخطئ. ولكن إقامتى الطويلة فى هذا البلد الذى يحيا فى ديمقراطية يصعب علينا فهمها، دفعتنى إلى مراجعة موقفى منك، ومن الأزهر، وتوقفت عند فكرتين فى عمودك «الأزهر الشريف يرفض أن يتعامل بشرف مع معارضيه»، و«الأزهر رفع قضية على من قال لا إله إلا الله ولم يؤمن بالبخارى. ولم يرفع قضية واحدة على من قال إنه يكفر بوجود الله عزّ وجلّ!». حقيقةً، لقد أفزعتنى الفكرتان، ودفعتانى إلى إعادة التفكير فى كل ما كنت أراه فى الأزهر، وتساءلت: أهو حقًّا شريف؟! وما مفهوم الشرف عنده؟! أهو أن يقاتل مَن يختلف معه ويستعدى الكل عليه؟! أهذه هى الحكمة؟! أهذا مفهومهم للموعظة الحسنة؟! ما فعله الأزهر يا دكتور يعد جريمة قانونية وأخلاقية حيث أُقيم، ولو فعلتْ الكنيسة هنا ما فعله الأزهر فى مصر، لخرج الآلاف فى مظاهرات ضدها لأنها تحاكم الفكر وتريد بنا العودة إلى عصور الظلام ومذابح محاكم التفتيش الوحشية التى بُرِّرت فى أيامها أيضا بأنها حماية للرب والدين. ولكم شعرت بالعار والندم على مفهومى القديم للأزهر وهيبته، وبالحيرة والضياع، لأنه لم يعد لدىَّ من أستفتيه فى أمورى وأثق بصدقه وحكمته وعدم تطرفه، ولكن التفكير السليم يقول إن مَن ارتكب هذه الجريمة ليس الأزهر، بل الأزهريون فى موقع السلطة الحالى منهم فحسب، وهؤلاء سنتركهم للتاريخ الذى سيتعامل معهم كما تعامل مع مرتكبى مذابح محاكم التفتيش القديمة الذين تصوروا مثلهم أنهم حماة الدين وجند الله، ويرتكبون مذابحهم الفكرية من أجل الحق والعدالة. دكتور نبيل.. أنا أحيا فى بلد أوروبى حر، لن أذكر حتى اسمه، ولكنه من بلاد أوروبا التى عانت كثيرا فى عصور الظلام ومحاكم التفتيش، التى أحسنتَ الربط بينها وبين ما يفعله الأزهر «الشريف» الآن. ولقد أرسلت نسخة من عمودك مترجمة إلى كل من أتعامل معهم وأعرفهم، ونسخة عربية إلى كل العرب هنا، ومن ردود أفعالهم أكاد أرى المظاهرات القادمة ضد انتهاك الأزهر للفكر.. سنقول كل ما يعنّ لنا فى بلد حر، وليرفع علينا الأزهر قضايا محاكم تفتيشه إن استطاع أو ليكفرْنا، كما قلتَ فى عمودك إنه يفعل فى مواجهة مَن يعجز عن مقارعتهم فكريًّا.. سنشنّ الحرب على الأزهر حماية للأزهر، وحتى يعود الأزهر الشريف شريفًا. حسين مصطفى