لم تعد قضية السلام مع الفلسطينيين متواجدة على أجندة الانتخابات الإسرائيلية، فقد سيطرت عليها قضايا إيران والأمن والقضايا الاجتماعية والاقتصادية، وصار الأمر ملحوظًا في انتخابات تلو الأخرى، أن الصراع الممتد مع الفلسطينيين لا يمثل قضية مهمة حتى على صعيد الشعارات الانتخابية. وفي الانتخابات الحالية نرى الوزيرة السابقة تسيبي ليفني، التي تخوض الانتخابات في تحالف مع زعيم حزب العمل، إسحق هرتسوج، والتي قالت يومًا: "كلمة إيجابية للغاية مثل السلام انتهى بها المطاف لتتحول إلى إهانة للأبرياء والضعفاء". فقد اختفى "السلام" من الخطاب الانتخابي للتحالف، واستبدلوه بتعبير "عملية دبلوماسية". أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحاول الدفاع عن ولايته الثالثة على التوالي، فيتطرق للقضية الفلسطينية بحذر بالغ، ويقدم نفسه بأنه الوحيد الذي استطاع مواجهة التحديات التي تواجهها إسرائيل في مجال الأمن، رغم أن أعضاء حزبه، الليكود، كشفوا عن أنه يعتبر فكرة إقامة الدولة الفلسطينية أمر غير ملزم. وقد نفى مكتب "نتنياهو" معلومات أشيعت مؤخرًا عن قبوله الانسحاب إلى حدود 1967، في مفاوضات سرية مع الفلسطينيين منتصف 2013، لمنع هروب أصوات القوميين المتشددين، فيما يبدو موقفه من البرنامج النووي الإيراني، وخطابه الأخير أمام الكونجرس الأمريكي في صالحه تمامًا. وقد أعلن نتنياهو في 2009 دعمه لإقامة دولة فلسطينية وفقًا لشروط معيّنة، ولكن جهود التفاوض بهذا الشأن باءت بالفشل.، فالفلسطينيون يرفضون شروطًا مثل الإبقاء على قوات في وادي الأردن، أو أن يتم الاعتراف بإسرائيل كوطن للشعب اليهودي. فيما اتسعت المستوطنات اليوهودية تحت حكم نتنياهو، وهو ما يعتبره رئيس الورزاء أحد إنجازاته، فهو يدرك أن التحالف مع اليمين المتطرف سيقلل من احتمالات استئناف حوار السلام، إذ لا يخفي زعيم البيت اليهودي، نفتالي بنيت - وهو أحد شركاء نتنياهو المحتملين، والذي تصنِّف استطلاعات الرأي حزبه كثالث قوة سياسية في الانتخابات القادمة - رفضه لإقامة دولة فلسطينية. ولن يختلف فكر نتنياهو عن منافسه أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني، والحليف السابق لليكود، والذي يدافع عن إعادة ترسيم الحدود، ليترك في الجانب الفلسطيني غالبية القرى العربية المتاخمة للضفة الغربية. ويظل زعيم حزب العمل، يتسحاق هرتسوج - المرشح الرئيسي لخلافة نتنياهو - هو الصوت الوحيد الذي يتحدث علنًا عن العودة للحوار، قائلا: "سأسعى لإحياء العملية مع جيراننا الفلسطينيين من خلال تحالف إقليمي"، رغم أن تحالفه الانتخابي لا يطرح القضية كأحد وعوده الانتخابية. وبالنظر إلى مواقفه العملية، نجد أنه هاجم نتنياهو بسبب وقف إطلاق النار مع حماس في غزة عام 2014، ويؤكد أنه لن يتفاوض مع الحركة الإسلامية، ما يعكس اتجاه اليمين في خطابه السياسي. أما الحزب الوحيدة التي تتحدث بصوت مرتفع وواضح على الحاجة للسلام هي ميرتس اليساري، الذي قد يواجه مشاكل في عبور عتبة التصويت الانتخابي، إضافة إلى الأحزاب العربية، التي تخوض الانتخابات للمرة الأولى في قائمة موحّدة، وتستبعد المشاركة في حكومة إسرائيلية ما لم يتوقف الاحتلال.