كنت فى اتصال تليفونى بأحد الأصدقاء عندما علم فى سياق حديثنا أننى سوف أكتب مقالى الأسبوعى بعد انتهاء المكالمة، فرجانى أن أكتب شيئًا يبعث على التفاؤل ووعدته بذلك، ثم استغرقت فى التأمل لساعات وساعات، لا أقول إننى شخص متشائم، لكنى لا أنكر أن الحيرة أصابتنى قليلًا، فالتعديل الوزارى الجديد يمكنه أن يبعث على التفاؤل، لا أنكر أنى تفاءلت بمحافظ الإسكندرية الجديد، وللأسف لم يستمر هذا التفاؤل سوى ساعات قلائل، تلته بدايات غير موفقة بالمرة مع الهانم الجديدة المهتمة بالعمل العام، حسبما دافع عنها سيادته، وزاد فيها ما رأيته من تغيير أعمدة الإضاءة فى طريق الحرية حول ساعة الزهور، رغم أن الأعمدة القديمة كانت تعمل ولا يشوبها أى عيب، وقت أن بقى النصف الأول من محور التعمير على بُعد كيلومترات قليلة جدا على حاله كما هو منذ سنين بأعمدته المحطمة وظلامه الدامس وحوادثه البشعة المتكررة. أزعجنى الانفجار أمام دار القضاء العالى وحريق قاعة المؤتمرات كل الإزعاج، وأسفت لسقوط ضحايا، ثم للمرة الثانية أوتوبيس يصدمه قطار، وكالعادة لا بد أن يكون ركابه من التلاميذ الصغار، مجلس الشعب المتعثر الذى لا يريد أن يكون، والذى يذكرنى على الفور بتحذيرات سقتها كثيرًا، وأوصلتها فى وقتها إلى لجنة الخمسين كتابة وشفاهة واتصالا مباشرًا وبكل الطرق الممكنة، أنه من الخطورة بمكان إضعاف السلطة التنفيذية فى مصر لحساب البرلمان، وبأن الدستور نصف البرلمانى لا يناسب مصر الآن، لأننا نريد نظاما رئاسيا قويا لا يتعطل فيه عمل السلطة التنفيذية، وأن ذلك لا يتعارض ألبتة مع وضع جميع الضمانات التى تضمن استقلال السلطات الأخرى، والحيلولة دون تدخل السلطة التنفيذية فيها، وأنه لا يجب أن نكتب الدستور الجديد بطريقة اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى ، لكن الأمر لله وها نحن فى مأزق وعلى أبواب أزمة ومطالبات بتعديل الدستور بدأت تبزغ فى الأفق. شيماء الصباغ أصبحت وسوف تبقى دومًا جرحًا غائرًا فى ضمير الوطن، والحقيقة أنى تعجبت لأمرين، أولهما الخبر الذى قرأته قبل فترة بلغة ترقبوا المفاجأة الكبرى، انتظرونا!! النيابة سوف تكشف قريبًا عن قاتل شيماء الصباغ ، أثار الخبر فى نفسى حالة من السخرية على طريقة الإعلانات التى نراها عادة، مفاجأة مفاجأة! الفيلم الهندى الكبير الفيل صديقى بالألوان الطبيعية، انتظرونا.. افتتاح مطعم الفسيخ العالمى سمك السعادة، ثم الأمر الثانى وبعدها مباشرة بأيام، ولأن القضية أثارت اهتمام الرأى العام، وهزت مشاعر ووجدان الشعب المصرى، ولأن محل الجريمة هو أم شابة صغيرة قتلت بخرطوش فى نصف البلد، ولأن كل مصر تريد أن تعرف مَن القاتل قررت النيابة حظر النشر!! وتمر الأيام والنشر محظور، ولم تتحقق المفاجأة المنتظرة وماحدش فاهم حاجة، واكفى ع الخبر ماجور، ليبقى اللغز لغزًا إلى الأبد فى رهان على ضعف ذاكرة الشعب وعلى قدرته الفائقة على النسيان، وهو رهان خاسر بكل تأكيد، طيب، تبقى الصورة العامة أن شباب الثورة هم من ينالون أقسى العقوبات، بينما سدنة النظام القديم يخرجون أبرياء من السجون الواحد تلو الآخر، بلاش، الكلب الذى تم ذبحه فى استعراض لصليل الصوارم على طريقة داعش وماحدش أحسن من حد! أعجبنى تبرير قتلته بأنهم قتلوه لأنه عض أحدهم من أماكن حساسة علمًا بأن حفل زفافه -القاتل وليس الكلب- مقرر فقط بعد عدة أيام! طيب نتفاءل قليلًا؟ المؤتمر الاقتصادى قادم، ندعو الله له بالنجاح وبتدفق الاستثمارات على مصر، وبأن تسترد ثقلها الدولى رغم كل المصاعب والتحديات، وما زلت على أمل أن ينجح زير الداخلية الجديد فى ما فشل فيه سابقه. والأهم من ذلك أن ينجح وزير التعليم الجديد فى ما فشل فيه سابقه، متفائل جدا بوزير السياحة الجديد، وإذ سمعت مصادفة من بعض المقربين منه عن سيرته وتاريخه كل ما هو خير، ولكن وفى هذه اللحظة وحتى إشعار آخر لا أملك إلا أن أقول لصديقى العزيز، لأبث فيه روح التفاؤل حاليا إلا أن المانجو فى مصر حلوة، حلوة صحيح وزى العسل، خصوصًا الإسماعيلاوى منها، وإن كنت لن أجرؤ على أن أقول تلك المقولة القديمة الشهيرة أنها رخصت، لأن الأسعار فى مصر ذاهبة طوال الوقت فى اتجاه واحد وبسرعة فائقة لأعلى. طيب، تبقى العبارات العامة حقيقية رغم كل شىء، خذ عندك يا سيدى عبارة الزعيم مصطفى كامل، لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة، دعك من عبارة الزعيم سعد زغلول مافيش فايدة ، بل دعنى أقل لك إحدى عبارات العبد لله التى أعرف أنك لا تحبها كثيرًا ربنا يسهل ، أو لعلى أستقى عبارات من الثقافة الكروية المصرية هيلا هوب . طيب بلاش الثقافة الكروية المصرية، لأنها أصبحت هذه الأيام منقوعة فى اللون الأحمر، ويبقى سؤال مَن القاتل؟ مفتوحًا بغير إجابة واحدة على طول مصر وعرضها وعلى مدار سنوات مضت، سواء تعلق الأمر باستاد أو بمزلقان، أشكرك على طلبك، وأرجو منك أن تتركنى فى حالى!