غدا عيد الفلاح.. كيف سيكون شكل وطقوس أول عيد للفلاحين بعد ثورة 25 يناير؟ كيف سترد له الثورة اعتباره؟ هل أضير وبدد وجرف مثل الفلاح والأرض والمياه والثروة الحيوانية والسمكية باستهداف تدمير الإنسان؟ استوزر من كانت مهمته الأساسية تنفيذ هذه المهمة التى تمثل ركنا أساسيا للهيمنة الأمريكية والصهيونية على مقدرات ومصير المصريين.. أمام القضاء تحاكم الآن اليد الطولى لتنفيذ المخطط، لكن المهم ماذا أعدت حكومة الثورة لأول عيد للفلاح؟ أليس واجبا أن تكون أول طقوس الاحتفال، إعلان خطة رد الاعتبار للفلاح وللقرية المصرية، والخطوات التى أدت إلى الاقتراب من الاكتفاء الذاتى فى المحاصيل الاستراتيجية، وإسقاط عار استيراد نحو 70٪ منها، وإعلان إسقاط ديون الفلاحين لبنوك القرى، ورد الاعتبار والاحترام لباحثى مركز البحوث الزراعية ومدى حقيقة ما نشر عن خطة الوزير تأجير بعض المراكز البحثية؟ ومتى تعود مراكز بحوث التقاوى لحماية الفلاحين وإمدادهم ببذور سليمة تحميهم من مافيا الاتجار الفاسد بالتقاوى والأسمدة وسائر مستلزمات الزراعة، والخطة التى أعدت للموسم الجديد، ومع بداية موسم الزراعات الشتوية؟ ما خطط التركيب المحصولى التى أعدت لحماية الفلاح وخطط دعمه وإعلان أسعار شراء القمح من الآن؟! أمامى مئات الصفحات والرسائل من أنحاء مصر من فلاحين ومزارعين تمتلئ بأكوام من المشكلات التى ما زالت كما هى، لم يمسها أى تغيير، أو على الأقل بدايات أو إعلان خطط أو أسلوب جديد للفكر والإدارة والتواصل مع الفلاح ومشكلاته، ما زالت مشكلات زراعة القمح والقطن والكتان.. سأعود بمشيئة الله إلى ما بين يدى من أوراق تثبت أنه لم تقم ثورة تعترف وتعرف مشكلات الفلاحين والأراضى الزراعية والسماد والباحثين.. والنتائج الكارثية التى ترتبت عليها فى حياة المسؤولين، متى سيكون تعيين المسؤول فى أى موقع مرتبطا ومشروطا بما لديه من رؤى وآفاق وصلاحيات إنجاز المهمات التى تتطلبها المسؤولية التى يكلف بها؟! ماذا لدى وزير الزراعة الحالى؟ وهل يدرك خطورة ما وصلت إليه أحوال الفلاح والأرض الزراعية بمجملها من تخلف وتدهور؟ وهل يعرف ما لدى العلماء والباحثين والخبراء بفروغ مركز البحوث الزراعية التى ينسب إليه التفكير فى بيعها أو تأجيرها؟! وما لدى الجامعات وسائر مراكز البحوث من دراسات ومناهج وخطط قادرة على إنجاز الإنقاذ بشرط مبدئى هو الخروج من الدوران فى فلك التبعية الأمريكية والصهيونية وأعدائهما الذين ما زال لهم نفوذ ممتد من آثار الماضى فى الزراعة. ما زلت أذكر ما نشر على لسان رئيس الوزراء الأسبق د.مصطفى خليل من أنه عندما زار جامعة من جامعات العدو فى الأراضى العربية المحتلة، عرف أن الأخطر والأكثر أهمية من أبحاث علمائنا وخبرائنا فى مركز البحوث الزراعية وكليات الزراعة -وكله لم يطبق هنا- تم تسريبه إلى جامعات العدو ويطبق هناك! مع عصب مصر الأصيل وعمودها الفقرى الذى بذل النظام المنحل كل ما يمكنه لكسره.. مع الفلاحين انتظر ما سيعلنه أو لا يعلنه وزير الزراعة فى أول عيد للفلاح بعد ثورة 25 يناير.. وأعدكم فى أسابيع قادمة بمشيئة الله أن يعود قلمى إلى ميدانه الأرحب والأحب والأقرب، إلى عقلى، واهتماماتى أن أتناول وأكتب فى ما واصلت قبل الثورة كتابته لأكثر من عشر سنوات عن المحنة أو المؤامرة مع الأرض والزراعة والحيوان والنبات والإنسان والفلاح والاكتفاء الذاتى، وقتل وإبادة المصريين بغذائهم وتحويله إلى قنابل متفجرة وأمراض تفتك بهم، ترى كم عدد السنين التى نحتاجها للإنقاذ؟! أفيدونا يا من تجلسون مع كثير من مقاعد القيادة. هل سمعتم عن قيام ثورة؟ ماذا تغير فى حياة الناس بعد الثورة عن قبلها؟! هل انخفضت الأسعار؟ هل تحسنت الخدمات؟ هل يستطيعون الحصول على خدمة دون رشوة أو إتاوة؟ لماذا يضطرون إلى إرسال صرخاتهم ورسائلهم إلى المسؤولين مكتوبة بالعنف وبالنار؟! الطريق البرى بين مصر والإسكندرية ووادى النطرون، عزبة البدارى بكفر سعد بدمياط، قرية عبادى إدفوأسوان.. نماذج فقط، خرج فيها المواطنون وكسروا الدنيا وقطعوا الطرق واعتقلوا مواطنين واستخدموا العصى والهراوات.. فقط ليسمع أحد على أرض مصر أصواتهم ومطالبهم الإنسانية واعتراضهم، فى عزبة البدارى عانوا مأساة تهريب الدقيق المدعوم ونقص رغيف العيش، وفى قرية عبادى خمسة عشر عاما تغرق بيوت أبنائها فى المياه الجوفية!! المحافظات التى تحدث فيها أمثال تلك الحوادث من انفجار غضب المواطنين إلى حدود الخطر واستخدام العنف والسلاح، هل هذه المحافظات على خريطة مصر؟ وهل لها محافظون ومسؤولون؟ وما الفرق بين المحافظ قبل الثورة وبعد الثورة؟ هل ما زالت المكاتب المكيفة والأبهة والوجاهة تفصل المحافظ عن أبناء المحافظة؟ ما أدلة التغيير؟ المصريون، خصوصا القاعدة الغالبة منهم ممن لا يملكون نفوذا ولا سلطة ولا قرابة لفلان أو علان.. المصريون البعيدون عن ضجيج الإعلام وقدرة الوصول إلى المسؤولين -كما كنا وما زلنا- كيف يصدقون أن فى بلدهم بالفعل قامت ثورة لتنقلهم إلى الأفضل وتخفف متاعبهم؟ فى الأصل كيف يفهمون معنى كلمة ثورة؟ هل تترجمها فى حياتهم إلا إجراءات وقرارات تحقق المبادئ التى نادت بها الثورة: الحرية، الكرامة، رغيف العيش، المواطنة، العدالة الاجتماعية. إذا كانت الثورة قد أسقطت إمبراطورية الفساد العظمى التى كان اسمها المحليات. فما دلالات وعلامات قيام منظومة جديدة عادلة للتعامل مع المواطن للتواصل الدائم معه؟! لو كنت محافظا لدعوت وكونت لجانا شعبية من رموز أمينة من أبناء المحافظة، لم تتلوث بفساد الماضى وتضم أبناء المحافظة من شباب الثوار، وكونت لجنة من سيدات وبنات المحافظة وكانت مهمتهم الأولى أن يضعوا خرائط تفصيلية بمطالب واحتياجات أبناء المحافظة بالمشكلات والأولويات بآفاق التنمية المتاحة فى المحافظة بالثروات الطبيعية والبشرية التى تنتمى إليها. أرجو أن يكون محور اجتماع المحافظين القادم مع د.عصام شرف رئيس الوزراء، خطة متكاملة يقدمها كل محافظ عن محافظته، تضم رؤى متكاملة للمشكلات والأولويات والحلول والمدى الزمنى لحل كل مشكلة، وأن يكون بقاء محافظ الإقليم أو تغييره مؤسسا على احترام وتنفيذ هذه الخطة والتواصل مع الجماهير الذين لا أعرف كيف يصدقون أن ثورة كبرى وعظيمة حدثت فى بلادهم وما زالت أمورهم وهمومهم ومشكلاتهم تدار فى كثير منها، كما أدارها النظام والحزب المنحل من بيروقراطية واستعلاء وتصريحات للاستهلاك والدعاية وتغييب للمواطن الذى شرب وشبع إهمالا وازدراء واستهانة بهمومه ومشكلاته، ولم يعد أمامه إلا رسائل النار والعنف والقسوة يرد بها على المفعول به أربعين عاما!! لو كنت محافظا لاستلهمت نموذج العادل عمر بن الخطاب عنه ونزلت متخفية بين الناس أسعى إلى الحق والحقيقة التى ربما غيبت سهوا أو قصدا عنى، وأسعى إلى العدل والحق والرحمة التى ربما لم تصل إلى كوخ صغير فى أقصى أطراف المحافظة، واستلهمت عطر ونور زمن بكى فيه الحاكم خوفا من تعثر دابة فى أطراف بلاد المسلمين.