تهدف القوانين في جميع أرجاء العالم إلى تنظيم العلاقات بين البشر، وتعاملاتهم مع بعضهم البعض، والمقصود بتنظيم تلك العلاقات هو وضع حدود للحرية الشخصية التي قد تستخدم في إيذاء الآخرين، فأصبح القانون يحدد مساحة حرية كل فرد في المجتمع، ومتى تنتهي هذه الحرية. رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، أصدر، اليوم الثلاثاء، قانون جديد تحت مسمى "الكيانات الإرهابية"، يتناول بالتفصيل تعريف وتحديد تلك الكيانات، وتعريف للشخص الإرهابي، وتحديد الجهة القضائية المختصة بنظر هذه الجرائم، وجهات التحقيق فيها، وبعض العقوبات لهذه الجرائم. وبتحليل هذا القانون نجد أنه قد سيطر على المشرع مجموعة التطورات الأخيرة التي عاشتها مصر، وأحداث العنف التي زادت وتيرتها للدرجة التي عجزت معها الحكومة عن التعامل معها أو التغلب عليها بالطرق التقليدية، أو من خلال منظومة التشريعات القائمة. فمنذ إلغاء حالة الطوارئ وقانونها، الذي اعتادت أجهزة الأمن على التعامل من خلاله طوال 30 عاماً، وانتهت بقيام ثورة 25 يناير، والشرطة المصرية لم تعد قادرة على القيام بدورها ومهامها، فاستعاض المشرع بقانون الكيانات الارهابية عن قانون الطوارئ. قانون الكيانات الإرهابية جاء غير متوازن من حيث عدد المواد المخصصة للتعريفات والمواد المخصصة لتحديد العقوبات، والدوائر القضائية المختصة بنظر هذه القضايا، حيث خصص المادة الأولى منه للتعريف بكل من الكيانات الإرهابية، الإرهابي، الاموال، التمويل وتجميد الاموال، وأسهب في وصف وتعريف الكيانات الإرهابية والجرائم المرتكبة التي تقع تحت طائلة هذا القانون. "ويكيليكس البرلمان" رصد عدد من سلبيات القانون، خاصة في مادته الأولى، وتمثلت في الآتي: 1- النص على تعريف الكيانات الإرهابية، وحصرها في الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو الخلايا أو العصابات، ثم عاد للتعميم من خلال إضافة نص أو غيرها من التجمعات ، وقد نصت قوانين أخرى على أن التجمعات هي اجتماع أكثر من 10 أفراد في مكان عام وبالتالي فإن اجتماعهم قد يندرج تحت هذا التعريف. 2- الإفراط فى تعريف وتحديد الأفعال التى تندرج تحت مسمى الجرائم بهذا القانون حيث بلغ عدد هذه الأفعال 45 فعل تم النص عليهم تحديداً، الأمر الذى قد يحدث عفوياً من أى من الأشخاص فعله فيندرج هذا الفعل تحت بند الجرائم المذكورة فى المادة الأولى نظراً للنص على أن الإرهابى هو كل شخص طبيعى يرتكب أو يشرع فى ارتكاب هذه الجرائم. والنص على "ويسرى ذلك على الجهات والأشخاص المذكورين متى استهدفوا أو كان غرضهم تنفيذ أى من تلك الأعمال"، وبالتالى فإن أى فرد قد يقع تحت طائلة هذا القانون بحجة أنه كان غرضه تنفيذ أى من الأفعال السابق ذكرها. 3- إعطاء السلطة التقديرية للجهات الأمنية فى تفسير نوايا الأشخاص أو الجماعات سواء كانت حسنة أو سيئة مما يفتح الباب على مصراعيه لإساءة استخدام السلطة من قبل بعض أفراد الأجهزة الأمنية التى خولها لهم هذا القانون. 4- استخدام المصطلحات والعبارات الفضفاضة التى توسع من دائرة تطبيق القانون على أفعال غير المذكورة فى المادة الأولى كالمساهمة فى الجريمة أو فى إطار مشروع إجرامى مشترك، وتفسير كل هذه الكلمات والعبارات يدخل فى إطار النوايا الشخصية ويعتمد على فهم الأجهزة الأمنية لما ينوى الشخص فعله. 5- نصت المادة الرابعة من القانون على أن يكون الإدراج على القائمتين –قائمة الكيانات الإرهابية وقائمة الإرهابيين- لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات فإذا انقضت مدة الإدراج دون صدور حكم هائى بإسباغ الوصف الجنائى المنصوص عليه فى المادة (1) من هذا القانون على الكيان الإرهابى، تعين على النيابة العامة إعادة العرض على الدائرة المشار إليها للنظر فى مد الإدراج لمدة أخرى، وإلا وجب رفع اسم الكيان أو الشخص الطبيعى من القائمة من تاريخ انقضاء تلك المدة، أى أنه يمكن للنيابة العامة إدراج اسم منظمة أو شخص على القائمتين سابقتى الذكر دون حكم قضائى. 6- أسهب المشرع فى تعريف وتحديد الجرائم ولم ينص على عقوبات تتنائب مع هذه الجرائم ولم ينص حتى على تطبيق مواد العقوبات المنصوص عليها فى قانون العقوبات فيما يتعلق بمثل هذه الجرائم، واختزل العقوبات فى حظر الكيان الإرهابى ووقف أنشطته وحظر التمويل والانضمام إلى هذه الكيانات وتجميد أموال أعضاؤه، وبالنسبة للإرهابيين، الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبى من دخول البلاد- سحب جواز السفر أو إلغاؤه، أو منع إصدار سفر جديد - فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتوانى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية - تجميد أموال الإرهابى متى استخدمت فى ممارسة نشاطه الإرهابى، وجميعها عقوبات لا تتناسب مع شدة الجرم الناتج عن الأفعال المنصوص عليه فى المادة الأولى من القانون.