تحتفل محافظة أسوان بعيدها القومى، الموافق 15 يناير من كل عام، بمناسبة افتتاح مشروع السد العالى، أعظم مشروع هندسى فى القرن العشرين، والذى أعطى إشارة بدء العمل فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى 9 يناير 1960. ذكرياتهم عن مراحل العمل وأصحب لحظات مرت بهم. التقت "التحرير" بالعمال الذين شاركوا فى بناء السد العالى، فى تلك المناسبة، للتعرف على ذكرياتهم حول المشروع العظيم، وأبرز المواقف واللحظات التى مرت به. أبو الوفا محمد: لن أنسى زملائى الذين توفوا أثناء مراحل الإنشاء أبو الوفا محمد، 75 سنة، أحد عمال الأنفاق الذين شاركوا فى تحويل مجرى نهر النيل، كان هو وزملاؤه يشعرون بالفخر والسعادة الحقيقة عندما أعطى الرئيس جمال عبد الناصر إشارة البدء.. يقول "أبو الوفا": لن أنسى حتى الآن زملائى الذين توفوا أثناء مراحل الإنشاء، لأن أغلبهم لفظوا أنفاسهم الأخيرة أمام أعيننا.. وأضاف "الحاج محمد": إننا كنا نحفر فى تربة شديدة الصلابة، وكانت أسعد لحظاتنا حين يتم تفجير هذه الصخور، فنطمئن على استكمال المشروع، وأنه لن يتوقف بسبب الصخور التى فى طريقه.. كنا نخاف على السد وكنا مستعدين للتضحية فى سبيله بأرواحنا. الحاج حسين درديرى عمارة: لأول مرة يسير النيل على غير إرادته.. فقد سمح لنا أن نتولى عنه الدفة مؤقتًا. أما الحاج حسين درديرى عمارة فبدأت مشاركته فى مشروع السد منذ عام 1959، وهو شاهد على السد بكل مراحله، حفرت فى ذاكرته كما حفر هو فى المجرى.. يحكي الحاج حسين عن مراحل الإنشاء التى يتذكرها، ومنها عمل سد رملى مؤقت فى منطقة خور قندى، ولكن الدقة التى تم بها اختيار المان وطريقة عمله والأجهزة الحديثة –وقتها- التى استخدمناها، جعلت من الذكرى أمرًا لا يُنسى، حيث تم اختيار منطقة بها عمق قليل من المياه، ووضع أبيار بعمق 75 مترًا بها، ثم إنشاء النفق السفلى والعلوى، بالإضافة إلى أنفاق الخنادق وهى 12 نفقًا، وتعبئتها بالذخيرة من خلال ماكينات التخريم، حتى يتم فتح الطريق للمياه لتتدفق ويتحول مجرى النيل.. لأول مرة يسير النيل على غير إرادته.. فقد سمح لنا أن نتولى عنه الدفة مؤقتًا. على بركات: كان الخبراء الروس مبهورين بأداء العامل المصرى وتفانيه مصطفى على بركات، أحد أبناء الرجال الذين حملوا السد على أكتافهم ليضعوه فى مكانه، يروى كيف ورث من والده جهده وتفانيه فى مشروع السد، فيقول: كنت أذهب مع والدى أثناء مراحل العمل وعمرى أربع سنوات، ورأيت الزعيم جمال عبد الناصر عدة مرات أثناء زيارته للمشروع وبصحبته بعض رؤساء الدول الأخرى، وكيف كان له الفضل فى تعيين أبناء العاملين بالسد. أضاف بركات عن والده أنه كان يحكى له كيف كان الخبراء الروس مبهورين بأداء العامل المصرى وتفانيه وتضحيته من أجل إتمام العمل بمشروع السد العالى، فكانوا يجتهدون زيادة ليستطيعوا ملاحقة مجهود العامل المصرى، ولكنهم كان يكتفون فى النهاية بإبداء الإعجاب والانبهار فقط.