مَن هم الأشد خطرًا على الإسلام «داعش» أم «الشيعة»؟! ما الذى من الممكن أن تقوله عندما يسألك مراسل صحفى أجنبى عن ممارسات داعش ، الذين يحللون قتل البشر من عباد الله، مثلما يمارسون الحياة، كل مَن هو مختلف مذهبيًّا وليس فقط عقائديًّا صار هدفًا، المسيحى يُقتل لأنه مختلف دينيًّا، والشيعى لأنه مختلف مذهبيًّا، والسنى لو مارس شيئًا هم يرونه متناقضًا مع أهل السنة. يرفعون الدعوة لجهاد النكاح وتزويج الطفلة عندما تبلغ الثامنة، يسعون لإقامة دولة إسلامية من العراق إلى الشام، وهذا هو اختصار اسم داعش ، يعتقدون أنهم من الممكن أن يعودوا بالزمن إلى ما قبل التاريخ، ورغم ذلك فإن أزهرنا الشريف يقف مكتوف الأيدى، لا يكفّرهم لأنهم ينطقون الشهادتين، من الممكن أن أتفهَّم ذلك حتى لا نتوسَّع فى دائرة التكفير، لكن على أزهرنا الشريف أن يعلن أن كل ما يمارسونه لا علاقة له بصحيح الدين، فلا العقل ولا المنطق يجعل نطق الشهادتين قبل اغتيال إنسان مختلف يمت للشرع الإسلامى بصلة، نجزّ رأس الضحية، ونقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، هل هذا هو القتل الحلال؟ لم أحضر لأننى لم أُدع للقاء الذى نظّمته نقابة الصحفيين قبل بضعة أيام مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ د.أحمد الطيب، لاحظت مما كتبه الزملاء أن فضيلته لا يزال يعتقد أن الخلاف الشيعى السنى هو قضية الإسلام المحورية، رغم أن الأمر محسوم فى كلمة واحدة، وهى أن التطرف سمة ليست لها علاقة بدين أو طائفة، هناك متطرفون فى كل الأديان والطوائف، والأزهر يعترف بالشيعة كمذهب، لا أرتاح عندما أرى أزهرنا الشريف، وهو دائمًا فى حالة فوبيا من التشيُّع، من قال إن مصر مؤهلة لكى تغيّر مذهبها السنى فى لحظة. تأييد الشيخ لتجديد الخطاب الدينى لا يزال نظريًّا فقط، فهو مثلًا لم يعترف بأن مناهج الأزهر التى يتعاطاها الطلبة الآن تؤدِّى لا محالة إلى التطرف، لديكم مثلًا فتوى إرضاع الكبير لا يزالون يدرسونها فى الأزهر. لم يتطرق فى ما يبدو أحد من الزملاء ليسأل فضيلته عن قضية التجسيد للأنبياء والصحابة والخلفاء وآل البيت والعشرة المبشرين فى الأعمال الفنية، والتحريم المطلق الذى يطبقه الأزهر الشريف فى هذا الشأن، لا يمكن أن يتوقف الزمن عند فتوى أصدرها علماء الأزهر سنة 1926، تغيَّرت الدُنيا، من السهل أن نرتكن إلى القديم والمتفق عليه من السلف الصالح، الأصعب أن نناقش جدوى التحريم فى عصر السماوات المفتوحة. تركيبة شيخنا الجليل تميل إلى التحفُّظ، الشيخ يقول إن مَن يدعون حرية التعبير يستكثرون على الأزهر إعلان رفضه للتجسيد، والحقيقة أن أول مبادئ الديمقراطية هو إعلان الرأى والترحيب بالاختلاف، لكن الرأى الدينى دائمًا مطلق بطبيعة الأديان، بينما آراؤنا كلها نسبية، وعندما يعلن الشيخ الجليل تحريم عمل فنى هنا يطول الإحساس بالإثم كل مَن يشاهد تلك الأعمال الفنية، فهل مولانا يرضى بأن يشعر مسلم بالذنب لمجرد أن شاهد مسلسلًا أو فيلمًا عن حياة سيدنا عمر أو النبى يوسف أو المسيح عليه السلام أو نوح أو الحسن والحسين. لا نريد من الأزهر أن يقفز على ثوابت، لكن تحريم التجسيد اجتهاد أجمع عليه فى الماضى هيئة كبار العلماء وتوارثوه من جيل إلى جيل، وآن الأوان مع الانتشار الفضائى أن يُعاد النظر فى كل ذلك، وليس أمامنا سوى الإمام الأكبر نطالبه بأن يفتح الأبواب ويحطّم تلك التابوهات، وأن يجيب فضيلته عن هذا السؤال ليريح قلوبنا وعقولنا: أيهما أشد خطورة على الإسلام داعش أم الشيعة؟!