الأمن التونسى يفرق بالقوة أصحاب الرايات السوداء المحتجين على أعمال فنية «مسيئة» للدين

لا تلبث أن تهدأ وتستقر حتى تعود وتضطرب من جديد، تلك الحالة الثائرة فى بلاد الربيع العربى الباحثة عن الوحدة بين أبناء الشعب الواحد لاستكمال النهج الثورى، ما زالت تواجه كثيرا من المعضلات المعوقة لنجاحها والمثيرة للقلاقل فى الدول الربيعية، كل حسب طبيعته.
شهور عدة شهدت خلافات بين أبناء التيار السلفى وأصحاب النهج العلمانى فى تونس، تخللتها مواجهات متفرقة بين السلفيين وجهاز الشرطة التونسية، كان آخرها ما اندلع من اشتباكات فى ساعة مبكرة من صباح أمس بين المئات من أتباع التيار السلفى والشرطة، بسبب غضبهم من معرض فنى يعتقدون أن أعماله تحمل إهانة للإسلام والمقدسات الدينية.
تحدث شهود عيان عن قيام السلفيين بإغلاق الشوارع وإشعال النيران فى إطارات السيارات بمنطقتى التضامن وسيدى حسين بالعاصمة التونسية، إضافة لرشقهم قوات الأمن بقنابل المولوتوف بعد محاولتها تفريقهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحى فى الهواء؛ وفقا ل«رويترز».
وأضاف الشهود أنهم هاجموا دار محكمة فى سيدى حسين، وحاولوا إشعال النار فى مبنى للشرطة فى منطقة التضامن، وذلك بعد يوم واحد من قيام مجموعة من السلفيين باقتحام معرض فنى فى ضاحية «المرسى» الراقية وتشويه أعمال فنية اعتبروها مسيئة للدين.
تأتى هذه الاشتباكات فى ظل حالة من الشد والجذب بين التيارين السلفى الطامح فى دور أكبر للدين فى تونس الثائرة، والعلمانى الذى يخشى من سعى الفريق الآخر لفرض وجهة نظره وتقويض الديمقراطية الوليدة.
على الرغم من ضغط زعماء السلفيين التونسيين لقيام الدين الإسلامى بدور أكبر فى البلاد، فإنهم ذكروا خلال الأسابيع الأخيرة أنهم سيفعلون ذلك سلميا دون اللجوء إلى استخدام القوة، وأوضحوا عدم وجود نية لديهم للدخول فى صدام مع حزب النهضة الإسلامى الفائز فى الانتخابات التونسية الأخيرة، الذى قال إنه لن يسعى إلى فرض تطبيق الشريعة فى الدستور الجارى صياغته حاليا.
من ناحية أخرى، يقول عديد من السلفيين هناك إنهم سيضعون حدا للأعمال التى يرون بها إهانة للمسلمين والدين، بينما يرى علمانيون أن السلفيين غير مستعدين لتسامح مع وجهات نظر مغايرة ويسعون إلى خنق حرية التعبير فى البلاد.
جاءت هذه الاشتباكات بعد يوم من دعوة زيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة التونسيين إلى الدفاع عن الشريعة الإسلامية من حزب النهضة، وأشارت وزارة الثقافة التونسية فى بيان لها إلى حرصها على حرية الإبداع وتنديدها فى الوقت ذاته بكل أشكال الاعتداء على المقدسات التى وردت فى بعض الأعمال المعروضة.