تحدثت فى اليومين الماضيين عما وصلت إليه القوى الثورية على الساحة السياسية، بعد ثورة عظيمة هى الأنبل فى تاريخنا الطويل، لكن بدلا من أن يحصد الثوار عددا كبيرا من مقاعد مجلسى الشعب والشورى، خرجوا من الانتخابات التشريعية -تقريبا- كما دخلوا. فعدد المقاعد التى حصلوا عليها يُعد على الأصابع! وها هم الثوار بلا مرشح لمنصب الرئيس، بعدما تفتت الكتلة الأعظم من أصوات الناخبين، نحو تسعة ملايين صوت، على عدد من مرشحى الثورة فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية! فمن يصدق أن من شاركوا فى صنع أعظم إنجازاتنا الحضارية لم يتمكنوا من تثبيت أقدامهم على خشبة المسرح السياسى؟! ومن يصدق أن المرشحين الثوريين الذين يتحدثون عن الطهارة الثورية، يتعنتون مع بعضهم كل هذا التعنت، ويتشبثون بمصالحهم الشخصية كل هذا التشبث، ويتجاهلون مصلحة الوطن كل هذا التجاهل؟! وفى النهاية ها هم الثوار يخرجون من المولد -كما يقال- بلا حمص! لكن ثمة عنصرا آخر مهما فى هذا المشهد السياسى العبثى، وهو موقف جماعة الإخوان التى أعلنت مرات كثيرة أنها لن تقدم مرشحا للرئاسة. فإذا كانت الجماعة قد التزمت بكلمتها، ولم تقدم مرشحها، فكيف كانت صورة المشهد السياسى ستتغير؟ من المؤكد أن الغالبية العظمى ممن أعطوا أصواتهم لمرشح الجماعة، كانوا سيعطونها لمرشحى الثورة، ولعل أبو الفتوح كان سيحصد أغلبها، وبالتأكيد أيضا أن هذه الأصوات لن تذهب إلى رئيس وزراء المخلوع، الذى خطط ونفذ موقعة الجمل، حين أرسل بلطجيته لذبحنا -ومعنا الإخوان- فى ميدان التحرير. ويضاف إلى هؤلاء كثير من الأصوات التى ذهبت إلى «شفشق»! نعم فكثير من الناس خافوا ممن يتمسحون فى الإسلام، ويُطلقون التصريحات العشوائية، والكلمات النارية، ومن ثم أعطوا أصواتهم له باعتباره ممثلا للدولة المدنية، وسيتمكن من إعادة الأمن إلى البلاد! وهذه حجة مضحكة وسخيفة، لأنه من جهة يعد امتدادا للحكم العسكرى لا المدنى، ومن جهة أخرى حينما كان رئيسا للوزراء، ترك البلد كله بلا أمن على الإطلاق، سواء فى وجود المخلوع، أو بعد خلعه! وبناء على ما سبق، فقواعد الحساب والمنطق تقول لنا إنه فى حالة التزام جماعة الإخوان بتعهدها، ما كان يمكن لقاتل شهدائنا الأبرار أن يصل إلى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، مهما تمت مساعدته بأصوات الموتى والعسكريين، وإنما الإعادة كانت ستكون بين مرشحين بارزين من مرشحى الثورة، وفى نجاح أى منهما، نجاح لقيم الثورة ومبادئها، ونجاح للفكر القادر على تحقيق الأهداف الثورية. لكن كتب التاريخ علمتنا أن لا نستخدم كلمة «لو» هذه ونحن نحلل أحداث التاريخ ووقائعه، ومن ثم علينا أن نتعلم مما حدث، ونعمل على إكمال ثورتنا، فالثورة -بإذن الله- مستمرة، حتى نحقق أهداف ثورتنا المجيدة.