لم يقف تيار إسلامى ضد دعوات تحرير المرأة مثلما فعل السلفيون، هم لا يرفضون تلك الدعوات فحسب، وإنما يناصبونها العداء أيضا، باعتبارها تسعى إلى خلع حجاب المرأة المسلمة، وإخراجها من بيتها، والمروق من إسلامها. بهذا المنطق يخالف السلفيون القوى الليبرالية، بل وبعض القوى الإسلامية المنفتحة، الداعية إلى مشاركة المرأة سياسيا، فيرفضون أى حديث حول توليها الحكم، استنادا إلى كونها قضية منتهية شرعا، من وجهة نظرهم. وعلى عكس جماعة الإخوان المسلمين، التى خاضت استحقاقات انتخابية عديدة بمرشحات، يمتنع السلفيون عن ذلك تماما، بدعوى أن هذا الأمر يتعارض مع طبيعتها كأنثى، وأيضا يتعارض مع حق بيتها وأولادها ومهامها الأصلية.
لكن بعض شيوخ السلفية، لا يرون حرجا فى أن تشارك النساء بالتصويت، أو أن يخضن العمل الحزبى، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية، حيث يرى الشيخ سعيد عبد العظيم، أن مشاركة المرأة «مطلوبة» إذا تحقق لها «التأدب بالآداب الشرعية»، مستدلا بالحديث النبوى «إنما النساء شقائق الرجال».
وعندما سُئل عبد العظيم، فى وقت سابق، عن مشاركة «الأخوات» فى الأحزاب السياسية، أقر أن مشاركتهن «حدثت بالفعل، وبطريقة منضبطة، فى الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية». من جانب آخر، تظل قضية زى المرأة، إحدى عقبات مشاركتها سياسيا، بحسب المنهج السلفى، فالمرأة المسلمة يجب أن «تلتزم باللباس الإسلامى وأن تبتعد عن التشبه بأعداء الإسلام» من النساء السافرات، ولذلك يرى السلفيون وجوب تغطية وجه المرأة (النقاب)، وإن كانوا يقرون فى المسألة بخلاف بين فقهاء الإسلام.
غير أن هذا لم يدفع السلفيين إلى منع نسائهم من حقهن فى التعليم، خصوصا أن الجامعات والمعاهد العلمية، باتت تعج بالمنتقبات، كما أن الطالبات المنتميات إلى التيار السلفى يشاركن فى النشاط الدعوى والسياسى فى الجامعات، إضافة إلى أن المتعلمات من «الأخوات» يمارسن وظيفة الدعوة بين النساء، فى أكثر المساجد التى يشرف عليها السلفيون، فيلقين الدروس الشرعية للفتيات، ويقمن على تعليمهن كثيرا من القضايا الفقهية، إلى جانب تجويد القرآن.
من جانبه، يروى الشيخ ياسر برهامى، فى شهادة له منشورة عن نشأة الدعوة السلفية فى الإسكندرية، قصة زواجه، حيث تناول من خلالها نظرته فى تعليم المرأة، وخروجها إلى المدرسة والجامعة، وما يراه من أضرار للاختلاط فى الجامعات. برهامى قال نصا «إنى أفضل للأخوات الملتزمات، عدم استكمال الدراسة، لما فى المدارس والجامعات من اختلاط، يُفقِد المرأة حياءها فى الأغلب، فأنا أختار لها إن هى وافقت (وهو هنا يتحدث عن زوجته قبل أن يخطبها) البقاءَ بالمنزل»، وهو ما يستند إليه البعض فى أن السلفيين يرفضون تعليم البنات فى الجامعات. الشيخ برهامى علق على ذلك، بأن رؤيته تلك جاءت فى وقت كان فيه جهاز أمن الدولة المنحل من خلال الحرس الجامعى، يمارس التضييق بحق الطالبات المنتقبات «أنا فى الحقيقة لست ضد تعليم البنات، ولكنى أرى الثمرة ضعيفة جدا، والثمن باهظا، ويمكن تحصيل المطلوب بالمنزل، مع اختيار الأصلح من العلوم، بدلا من علوم أكثرها لا ينفع، وإنما يتعلمن لأجل الشهادات التى يحتجن إليها للعمل»، مشيرا إلى أن نسبة ضئيلة من النساء، تستطيع أن تخدم المجتمع بضوابط شرعية، وهى موجودة، فى رأيه، كالطبيبة المسلمة، والمعلمة المسلمة.