ما إن ارتفعت موجة الإرهاب فى سيناء حتى بدأ كثير فى تكرار أخطاء الأعوام السابقة برفع أصابع الاتهام نحو الخصوم السياسيين، متجاهلين التفكير فى كيفية تخطّى تلك الأزمة الأخطر منذ احتلال سيناء عام 67. فهناك مؤيد للنظام يختزل الإرهاب فى تابعات الحراك السياسى الذى بدأ فى 2011، وآخر معارض، شغله الشاغل هو معايرة الأمن بإخفاقهم، بينما يستشهَد بصفة دورية إخوتنا وآباؤنا وأبناؤنا وأصدقاؤنا من جنود القوات المسلحة المصرية فى سيناء. ومع الأسف لا نعرف حتى الآن استراتيجية مواجهة عاصفة الإرهاب التى تهب ريحها من سيناء، ولذلك أرى أن نتنحى عن تدشين حملات اتهامات وتشويه، ونعمل معا على استراتيجية متكاملة للقضاء على الإرهاب، وأقترح أن تكون من ضمن محاور تلك الاستراتيجية الآتى: المحور الأول: خاص بالحل الأمنى للوضع الحالى فى سيناء، علينا أن نعمل معا على رفع الروح المعنوية للجنود على الأرض، فلقد انتشر منذ أيام قليلة فيديو لأنصار بيت المقدس وهم يقتلون بتلذذ جنودنا لتدمير الروح المعنوية لدينا ورفعها عند أنصار الإرهاب فى مصر والخارج، وهذا يحتاج إلى شفافية أكثر فى ما يتعلق بالوضع الأمنى على الأرض. المحور الثانى: إصلاح البيت من الداخل حتى يكون الشعب ظهيرا سياسيا فعالا للقوات المسلحة فى سيناء، وأعنى بإصلاح البيت من الداخل البدء فى الانتخابات البرلمانية القادمة، والإفراج عن المحتجزين بسبب المشاركة فى بعض التظاهرات، واستيعاب الحراك الطلابى فى الجامعة، ووقف الهجمة الإعلامية الشرسة على كل صاحب رأى مختلف، وبدء الترتيب لانتخابات المجالس المحلية، واحترام الدستور الذى صوّت عليه المصريون، فتلك الإصلاحات من شأنها تبوير التربة الخصبة للإرهاب وخلق تضامن شعبى متحد ضد التطرف. ثالثا: لا يجب أن نتجاهل البُعد الإقليمى للأزمة، فلا يمكن أن ننجح فى القضاء على الإرهاب داخليا، ونحن نغضّ البصر عما يحدث فى سوريا والعراق، الناتج عن الحرب الباردة بين إيران وبعض دول الخليج، فالمحور الإقليمى هو أهم المحاور، لأن فيروس الإرهاب ينتشر سريعا ويعتمد على نفس المقوّمات الأيديولوجية والفكرية فى البلدان المختلفة. المحور الثالث للخطة الاستراتيجية يجب أن يرتكز على بنية اقتصادية قوية يكون بنيانها بيئة صحية للاستثمار، لكن ما يحدث الآن من التركيز فقط على المشاريع القومية، وتجاهل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، شأنه إحداث نمو على مستوى بعض المؤشرات الاقتصادية وعدم خلق فرص عمل كافية، مما يؤدى إلى اختفاء فرص الترقى الاجتماعى والاقتصادى وزيادة الجهل، ومن ثمّ تهيئة المناخ لتجنيد إرهابيين جدد، كما أن صغار المستثمرين من الممكن أن يشكّلوا نواة التنمية فى سيناء إذا أتاحت لهم الحكومة تلك الفرصة. هذه فقط خطوط عريضة لمحاور محاربة الإرهاب فى سيناء على المدى القريب والمتوسط، لكن تحتاج إلى بحث أعمق لتكون خطة متكاملة، كما لن تنجح أى جهود لتخطى تلك الأزمة دون خطاب سياسى جديد.