لو سألتنى عن الوجه الذى ينضح بالمصرية فى جيلها ويهتف فى كل لحظة «أنا مصرى وابويا مصرى وخفة دمى مصرى» لكانت الإجابة دون منازع « معالى زايد ». لو سألتنى عن أجمل ابتسامة عرفتْها الشاشة طوال تاريخها فلن تجد غير ابتسامة معالى القادرة على أن تصالحك على الدنيا مهما كان بينك وبينها من خصام. على مدى أسبوعين لا ينشغل النت إلا بشائعة تعلن موت معالى زايد، ثم تموت الشائعة ويتم تكذيبها لتُولد واحدة أخرى لم تمت، كأن معالى أرادت لمروّجى الشائعات السوداء أن يستريحوا فقالت وعلى طريقتها وبخفة ظلها المعهودة «يلاّ باى». كانت هذه واحدة من «لزمات» معالى زايد فى الحياة، ورددتها فى مسلسل تليفزيونى فرددها وراءها الشارع المصرى والعربى. أول مرة أسمع فيها اسم معالى زايد من خلال المخرج الكبير عاطف سالم الذى قال لى إن فريد شوقى قدم له وجها مصريا صميما وأسند إليها دورا فى فيلمه «وضاع العمر يا ولدى»، بطولة وإنتاج فريد، وبالفعل كانت لها طلة ظلت مصاحبة لها حتى آخر مسلسل تليفزيونى شاركت فى بطولته العام الماضى، «موجة حارّة» لمحمد ياسين. كان ينبغى لمعالى أن تتألق فى سينما الكبار مثلما شاهدناها مع الجيل التالى، وهكذا مثلا أراها فى أفضل حالاتها مع العبقرى حسن الإمام فى «دُنيا الله»، ومن جيلها مع عمر عبد العزيز فى أفضل أفلامه «الشقة من حق الزوجة»، وحققت ذروة جماهيرية فى الثمانينيات عندما شاركت عادل إمام ومن إخراج يحيى العلمى مسلسل «دموع فى عيون وقحة» الذى تناول حكاية رجل المخابرات أحمد الهوان الشهير بجمعة الشوان. ولكن يظل رأفت الميهى كاتبا ومخرجا ومنتجا هو أفضل من عزف على أوتاره الإبداعية فى أفلام «للحب قصة أخيرة» و«السادة الرجال» و«سمك لبن تمر هندى» و«سيداتى آنساتى». ويحتل فيلم «للحب قصة أخيرة» مكانة استثنائية فى تاريخنا، ربما لم يحقق الرواج الجماهيرى الذى يستحقه، حيث إن الذروة الجماهيرية لتلك اللقاءات كانت من نصيب «السادة الرجال» قدمت فيه معالى زايد دور الرجل برجولة، على عكس كل الأفلام التى تلعب فيها المرأة دور الرجل لنجد فقط قدرا من التصنع، بينما معالى عاشت بالفعل مشاعر الرجل. فى عام 91 أراد الميهى أن يمنح معالى لقبا، حيث كانت كل نجمة ترتبط بلقب، نادية الجندى «نجمة الجماهير»، ونبيلة عبيد «نجمة مصر الأولى»، فقرر الميهى أن يسبق اسمها بهذا العنوان «حبة كريز السينما المصرية». وجدت اللقب فى الحقيقة لا يشبه معالى زايد فى شىء كأنه يسبق اسم فنانة أخرى تتعاطى الكريز والكافيار، ومعالى جمهورها هو من يصادق الكشرى أبو دقة والفول بالزيت الحار والطعمية بالسمسم، وعندما يريد حاجة حلوة ليس أمامه إلا الحلاوة الطحينية، فكتبت مقالا فى «روزاليوسف» أطلقت فيه على معالى لقب «قُرص طعمية السينما المصرية»، وضحكت معالى ووصلت الرسالة إلى الميهى فلم يعد يصفها بالكريز. معالى من أسرة فنية عريقة، أمها آمال زايد، ولكنها مزيج من آمال الشهيرة بدور أمينة فى الثلاثية، وأيضا خالتها جمالات زايد الشهيرة بدور الرغاية. آخر مرة التقينا فى لجنة تحكيم مهرجان جمعية الفيلم قبل ثلاثة أعوام وسألتها عن معرض فنون تشكيلية كانت قد قررت إقامته قبل 25 عاما، وشاهدت فى منزلها وقتها لوحة أو اثنتين، فقالت لى: «ياه! لسه فاكر؟». ربما أنسى هذه الواقعة، ولكن من ينسى أروع ابتسامة مصرية عرفتها الشاشة وشاهدناها فى الحياة؟