كتب - أميرة إبراهيم وميادة سويدان القمة الثلاثية تتفق: جبهة موحدة ضد الإرهاب ودعم استقرار المنطقة بكلمات مباشرة تحدث قادة مصر واليونان وقبرص، عن تقارب يصل إلى مستوى التطابق فى وجهات النظر فى كل مجالات الاهتمام المشترك التى تناولتها مباحثات القمة الثلاثية التى دعت إليها القاهرة، وشاركت فيها وفود رفيعة من الدول المعنية. الرئيس عبد الفتاح السيسى، رحب فى بداية كلمته فى القمة الثلاثية، برئيس جمهورية قبرص، ورئيس وزراء جمهورية اليونان، قائلا: إنه اجتمع معهما «سعيًا لتعزيز العلاقات التاريخية الفريدة بين حضارتين أنارتا بالأمس طريق العلم والتسامح والتعايش المشترك للإنسانية، وتتصديان اليوم لحملة شرسة تتخذ من التطرف والإرهاب عنوانًا لها». السيسى أضاف أن مصر استضافت أول قمة ثلاثية تجمع بين قادة كل من مصر واليونان وقبرص، تدشينًا لمرحلة جديدة من التعاون الثلاثى، كان قد بدأ منذ أكثر من عام، وتعزيزًا لهذا التعاون المتنوع والبنّاء مع دولتين من أكثر الدول دعمًا لجهود مصر الموجهة نحو استكمال خارطة المستقبل، وفهمًا لحقيقة ما تمر به من ظرف استثنائى، وتعاونًا فى مجالى الاستثمار والتجارة»، موضحًا أن المشاورات شهدت تقاربًا، بل تطابقًا فى وجهات النظر، إزاء كل الموضوعات التى تم تناولها. السيسى: تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث فى كل المجالات.. والتنسيق فى المحافل الدولية
الرئيس أوضح أن الدول الثلاث عازمة على تعزيز العلاقات فى ما بينها فى كل المجالات، انطلاقًا من وجود قاعدة عريضة من المصالح المشتركة التى تهدف فى النهاية إلى تحقيق الاستفادة القصوى من جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يمثل نموذجًا إقليميا لعلاقات التعاون وحسن الجوار، والعمل على تفعيل الاستفادة الكاملة من الاتفاقات الموقعة مع الدولتين فى كل المجالات، وهو ما ينبع من احترامنا لقواعد القانون الدولى ومبادئ وأهداف ميثاق الأممالمتحدة، خصوصًا سيادة الدول وعدم انتهاك حدودها وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية. السيسى أضاف أنه تم تبادل وجهات النظر بشأن الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا القضية الفلسطينية وجهود السلام، وتطورات الأوضاع فى كل من سوريا والعراق، وجهود مكافحة الجماعات الإرهابية والقوى الداعمة لها وسبل تعزيز هذه الجهود، فضلًا عن الوضع فى ليبيا وكيفية دعم شرعية المؤسسات المنتخبة، كما تم استعراض الجهود التى تقوم بها كل من اليونان وقبرص لدعم وتكثيف التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى، وهو ما يعكس رؤيتهما السياسية العميقة، وبعد نظرهما، وإدراكهما الكامل للواقع المصرى، كما تم الاتفاق على استمرار تكثيف الاتصالات والتنسيق فى كل المحافل الإقليمية والدولية لحماية المصالح المشتركة، مؤكدًا عزم الدول الثلاث على مواجهة خطر الإرهاب والتطرف بمنتهى الحزم، من خلال تكثيف التعاون فى كل المجالات، بما فى ذلك المجال الأمنى، بهدف دحر هذه المجموعات وكشف داعميها. الرئيس عبد الفتاح السيسى، كان قد اجتمع بشكل ثنائى فى جلستين موسعتين مع كل وفد من الدولتين، الاجتماع الأول كان مع الوفد القبرصى برئاسة الرئيس نيكوس أناستاسيادس، والثانى مع الوفد اليونانى برئاسة رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس، وبحضور وفدى البلدين، حيث شارك من الجانب المصرى كل من منير فخرى عبد النور، وزير التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وسامح شكرى، وزير الخارجية، وشريف إسماعيل، وزير البترول، وسفراء مصر بقبرص واليونان. الرئيس القبرصى نيكوس أناستاسيادس، حدد أربع ركائز للتعاون الثلاثى، الأول: التعاون على المستوى الدولى، ثم اتخاذ مبادرات لمصلحة الدول الثلاث من خلال دعم فعال للشراكة فى كل المجالات، إضافة إلى إقامة جبهة مشتركة لمواجهة الأخطار التى تهدد الشرق الأوسط مثل الإرهاب، أما الركيزة الأهم فهى إقامة نموذج للتعاون الإقليمى البناء والمفيد. القادة الثلاثة حرصوا على تضمين تصريحاتهم رسالة تأكيد وتطمين بأن هذا التعاون ليس موجهًا ضد أى دولة، وكشف الرئيس القبرصى أنهم ناقشوا القضية القبرصية والاستفزازات التركية التى تقوم بها فى المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص، وكذلك التعاون فى مجال الطاقة ومواجهة الإرهاب، معبرًا عن تضامنه مع مصر فى إجراءاتها لتنفيذ خارطة المستقبل ودعم التحول الديمقراطى. رئيس قبرص، كشف عن الاتفاق على «ضرورة إنهاء التقسيم غير المقبول لقبرص من خلال إيجاد حل شامل وقابل للعيش يعيد وحدة الجزيرة ضمن دولة فيدرالية ذات طائفتين»، موضحًا أنه يجب أن تبدى تركيا الرغبة الحسنة لاتخاذ مواقف بناءة. من جهته، حذر رئيس وزراء اليونان أنتونيس ساماراس، من محاولات تصنيف الإرهاب ومنحه شرعية قائلا «أعطينا اهتمامًا كبيرًا للتصدى للإرهاب»، قائلا «ليس هناك فخ أسوأ من أن يعتبر شخص أن الإرهاب ينقسم إلى إرهاب متحفظ وإرهاب آخر»، داعيًا الاتحاد الأوروبى لدعم مصر ماديا ومعنويا فى جهودها لمحاربة الإرهاب. سياسيون: القمة الثلاثية «تحالف» قوى فى مواجهة تركيا وإسرائيل «قمة مصر وقبرص واليونان، تمثل أهمية كبيرة، بسبب موقف تركيا المعادى لثورة ال30 من يونيو والسياسة المصرية، وأيضا بسبب العلاقة المتوترة بينها وبين قبرص واليونان»، هكذا قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مضيفا: «القمة تعد تحالفا قويا لمواجهة التحديات التركية». نافعة أكد أن هناك أيضا ما هو هام فى ما يتعلق بالحدود البحرية بين الدول الثلاث، فلا بد أن تنسق مصر بشكل مشترك حتى تحصل على كامل حقوقها خصوصا بعد التأكد من استيلاء إسرائيل على جانب كبير من ثروات مصر البترولية فى البحر الأبيض المتوسط، موضحا: «أن التعاون اليونانى القبرصى سيقوى موقف مصر فى المطالبة بكامل حقوقها فى ملف غاز البحر الأبيض المتوسط». زهران: ورقة ضغط على تل أبيب فى ملف الغاز.. وفتحَ قنوات اتصال مع أوروبا جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، يرى لقاء الدول الثلاث، يمثل تحالفا جيدا تستطيع به الدول الثلاث الرد على التجاوزات التركية، والإسرائيلية، موضحا أن تركيا لها علاقات عدائية تاريخية مع اليونان وقبرص، وذلك فى ما يتعلق بالملف التاريخى الخاص «بمذابح الأرمن» على يد الأتراك، وكذلك التجاوزات التركية فى بحر إيجه التابع لليونان، فى عهد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان. زهران أضاف: «إن هذا اللقاء أيضا يعد ورقة ضغط على الجانب الإسرائيلى الذى يستبيح الثروات البترولية فى البحر الأبيض المتوسط، دون النظر للحقوق المصرية ولا اليونانية أو القبرصية، حتى أصبحت إسرائيل اليوم دولة مصدرة للغاز، بعد أن كانت تستورده على مدار سنوات عديدة، وإعادة فتح هذا الملف مع وجود القانون الدولى للبحار، الذى ينظم الثروات بين الدول المشتركة، سيحرج إسرائيل باعتبارها المستولى الأول من غير وجه حق على هذا الغاز». زهران قال إن هذا اللقاء يفتح لمصر مساحة لعلاقات وطيدة بأوروبا عن طريق هاتين الدولتين، اللتين ربطتهما بمصر علاقات جيدة، وسيقوم على تقوية علاقات اقتصادية لها تفتح استثمارات بين الدول الثلاث. السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، الذى اعتبر فى البداية لقاء الدول الثلاث له كثير من الدلالات الإيجابية، وذلك فى ما يتعلق باتجاه مصر نحو جيران لها، ربطتهم بمصر علاقات اقتصادية وسياسية ناجحة على مر السنوات، والاتجاه مرة خرى إليهم يعكس رغبة مصر فى إعادة فتح القنوات بين جميع الدول وعلى محاور مختلفة. شاكر أضاف أن قضية غاز البحر الأبيض المتوسط، من أهم الملفات التى تربط البلدان الثلاث، خصوصا اليونان، التى لها استثمارات عديدة فى هذا المجال، مؤكدا: «آن الأوان أن تتحدث مصر إلى الجانب اليونانى مباشرة عن قضية الغاز، وأن تطالب بحقوقها، وأن تصل من خلال هذه المباحثات إلى حلول واضحة وقريبة تمكنها من الحصول على كامل حقوقها».