(1) فى أواخر أيام سليمان خاطر كان دائم الشكوى من وضع الإسرائيليين فى سيناء وتصرفاتهم المهينة والمستفزة التى تتكرر يوميا، وقص على أهله ذات يوم أن الإسرائيليات عبرن ذات مرة السلك الشائك، فأقام خاطر ورفاقه مانعا آخر.. لكنهن عبرنه أيضا ودأبن على استفزازه بنزول المياه وهن عرايا تماما. يقول صديق سليمان «عندما استمعت إلى الحادثة من إحدى الإذاعات الأجنبية كنت متأكدا أن سليمان خاطر هو الذى فعلها على الرغم من أنهم لم يعلنوا اسم الجانى، هو على الأقل لم يخطط لأن يفعل هذا، فعندما قابلته فى السجن لأول مرة بعدها سألته لماذا فعل هذا فقال «اللى حصل كان خارج إرادتى.. هما اللى استفزونى». (2) فى تمام الساعة السادسة مساء يخيم الظلام على نقطة المراقبة المسؤول عنها سليمان خاطر، بعد هذا الوقت إذا عبر أى شخص هذه المنطقة لا بد أن يقول «كلمة سر الليل»، وهو أمر لا يقبل الاستهتار.. فإذا مر ضابط مصرى لا يعرف كلمة سر الليل بهذه المنطقة يتم شهر السلاح فى وجهه، ويتم ترقيده على الأرض، وعليه أن يخاطب العسكرى المشرف على الخدمة كأنه يخاطب مصر نفسها. كان خاطر حكمدار هذه النقطة، وقبل الواقعة الشهيرة اجتازت فتاة إسرائيلية -برواية سليمان لصديقه- الحدود وتعرفت إلى أمين شرطة فى نفس نقطة عمل سليمان، وفى مرة زارت الأمين فى موقعه وخدرته وحصلت منه على رقم الشفرة السرى وسرقت جهاز اللاسلكى الخاص به، وتمت محاكمة الأمين. ليلة 5 أكتوبر 85 اخترق بعض الإسرائيليين المنطقة الحدودية باتجاه النقطة التى يشرف عليها سليمان، حاول أن يمنعهم من التقدم مستخدما اللغة الإنجليزية، ويقول صديق سليمان: ربما لم يفهموا ما قاله. (كان بين هؤلاء الإسرائيليين رئيس المحكمة العسكرية الإسرائيلية وضابط برتبة رائد، أى أنهم على مستوى ثقافى يؤهلهم للإلمام ببعض الكلمات الإنجليزية البسيطة على الأقل مثل Stop أو no passing). كان سليمان بمفرده بينما بقية فريق المراقبة يقوم بإحضار طعام العشاء، شد سليمان أجزاء سلاحه، وهى حركة تعنى فى اللغة العسكرية أنه سيقوم بالضرب فى المليان. لم يكن الموقف يسمح بإبلاغ الرتب الأعلى، خصوصا بعد أن تمادى الإسرائيليون -حسب رواية سليمان- فى استفزازه بأن بصقوا عليه وبصقوا على علم مصر وسبوا كليهما، حاول سليمان أن يرهبهم بتصويب السلاح ناحيتهم، فما كان من الضابط الإسرائيلى الموجود ضمن المجموعة إلا أن أخرج طبنجته وأطلق النار باتجاه سليمان فخرج الأمر من يد سليمان وبدأ يحصدهم بسلاحه فأسقط سبعة إسرائيليين بين قتيل ومصاب. فى هذه الأثناء لمح سليمان فى الظلام طفلة تجرى مذعورة فجرى ناحيتها وسلمها لأحد زملائه طالبا منه العبور بها لتسليمها لنقطة الحدود الإسرائيلية. التف حوله زملاؤه وكانوا خائفين، وطلبوا منه أن يسلمهم سلاحه، لكنه رفض وطلب منهم استدعاء القائد العسكرى للمنطقة، وصل إليه القائد (كان اسمه الرائد أحمد الشيخ) فسلم سليمان نفسه وسلاحه له.. بعدها تم نقله لسجن الفنارة الحربى تمهيدا لمحاكمته. (3) فى أول زيارة له فى السجن قال لشقيقه «تخيل أنا النهارده فى السجن مع المتهربين من أداء الخدمة العسكرية؟ أنا اللى دافع عن تراب البلد موجود مع العيال الهربانة من الجيش!». كانت المحاكمة سريعة.. حضر مع سليمان عشرات المحامين يدافعون عنه بقيادة نقيب المحامين الأسبق أحمد الخواجة. بعد إعلان الحكم وقف سليمان يهتف بحرارة «تحيا مصر.. تحيا مصر»، وكان هتافه مختلطا بحالة من البكاء الشديد. كان الحكم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.