ثم إن الرسالة المنحطة التى تشى بأن جنان وغباوة كاتبها ينافسان انحطاطه وإجرامه، تلك التى نشرتها مواقع عصابة إخوان الشياطين الإلكترونية على الناس منسوبة إلى البائس التعبان فى عقلة محمد مرسى عيسى العياط وتضمنت تهنئة حارة للبلطجية المجرمين أعضاء العصابة المذكورة بمناسبة جريمة قتل عشرات من رجال الجيش المصرى فى سيناء، هذه الرسالة تقدم الدليل رقم مليون على الآتى: أولا- أن المذكور أعلاه كان وما زال وسيبقى حتى يموت مجرد «ذراع» تافهة تحركها العصابة المجند لخدمتها أينما ووقتما شاءت، وهى التى تحركه و«تمده» فى أى وقت أو مناسبة للعب واللغوصة فى أى شىء مهما كان خطيرا وحقيرا، كما تستعمله براحتها وحسب مزاجها فى ارتكاب شتى صنوف الجرائم بينما هو طيّع ليّن لاحول له ولا قوة ولا عقل، ولا مثقال ذرة من ضمير حى، إذ لو كان موجودا فربما حرّضه وحفّزه على شىء من المقاومة والنفور من خسة متفوقة وعار يندى له جبين أصغر طفل من أطفال الشوارع. ثانيا- أن العنف والتخريب والتقتيل والإرهاب والأذى، فضلا عن كراهية الوطن كله شعبا ودولة وجيشا، بل وكراهية البشر عموما ومنتجات التحضر الإنسانى خصوصا، هذا كله عقيدة راسخة ترقى إلى مستوى الديانة عند عصابة إخوان الشياطين، وعليها يشب ويتربى ويتدرب الأعضاء والأتباع فى المغارة المظلمة التى يتحصنون فيها من المجتمع والناس. ثالثا- أن عصابات الجريمة والخيانة التى تتزين بأسماء مختلفة ومزورة ليست سوى «أدوات ومعدات» لتنفيذ جرائم التخريب والقتل المعدة والمخططة فى مغارة العصابة الأم.. يعنى باختصار إخوان الشياطين هم الفاعل الأصلى فى الجريمة الأخيرة وفى سائر الجرائم والعربدات التخريبية الأخرى التى تصنع صورة الحرب القذرة المفروضة على الوطن شعبا ودولة منذ أن ثار المصريون فى «30 يونيو» العام الماضى ثورة أسطورية عارمة انتهت بخلع ونزع شوكة العصابة الإخوانية من بدن دولتنا ومجتمعنا. رابعا- هذه العصابة الرهيبة المنحرفة عقلا والمشوهة فى الروح والضمير، هى ظاهرة خطرة جدا وقد استولدت من رحمها العفن سلسلة متصلة من عصابات الجريمة التى نشلت الدين الحنيف وراحت بتهور مجنون تعربد تحت شعاراته وتعيث فى الأرض تخريبا وتدميرا وتقتيلا يتفوق فى البشاعة والخسة، كما أنها بتكوينها الفكرى والعقائدى وتركيبها التنظيمى (العصاباتى) تبدو حالة إجرامية نادرة تعشش بين جنباتها أسوأ سمات وملامح الفاشية وأشدها قسوة وجلافة.. إنها باختصار، ظاهرة مطبوعة بشذوذ متناهٍ وتنتج دائما آثاما وشرورا لا أول لها ولا آخر بما يجعلها تستعصى على أى علاج أو تهذيب، وعليه فلا سبيل للتعامل معها إلا بالبتر والحظر الشامل مثلما فعلت كل الشعوب التى ابتُليت بظواهر وعصابات من هذا النوع. خامسا- غير أننا قد نقع فى فخ شرور عصابة إخوان الشياطين، لو أننا استجبنا لغرائزنا وتركنا جموح الغضب وحده يتحكم فينا واقتصرت أسلحتنا فى مواجهة جرائمها على القوة العارية (على أهميتها) فحسب.. إن الانتصار على هذه العصابة التى تعد أكبر العصابات الفاشية فى التاريخ الإنسانى الحديث وأغناها مالا وأكثرها تمتعا بقدرات تمويلية هائلة، فضلا عن دعم سياسى ومعنوى من قوى نافذة فى هذا العالم، يحتاج إلى استراتيجية متكاملة وسياسة مواجهة شاملة وحاذقة تمتد من السياسة إلى الاقتصاد والاجتماع والتعليم والثقافة، مما يعنى أن المضىّ قدما وبخطوات ثابتة وواثقة فى بناء المجتمع الناهض الجديد الذى تظلله قيم العدالة والحرية والمساواة هو السلاح الأمضى والأقوى الذى يقرّب يوم الانتصار، ويقلل إلى أدنى حد الثمنَ الذى سندفعه لكى يبرأ جسم الوطن من هذا الوباء الخبيث الذى ظل ينخر فى أحشاء مجتمعنا ويأكل فى عافيته ويعطل مسيرة تطوره نحو قرن كامل من الزمان.