أعود قليلا للخلف لأستعرض كيف كانت حياتنا فى مدينة طنطا، وكيف كنا نعيش فى الحارة والشارع والحى، ومن هم الأصدقاء المقربون، الذين كان لهم دور كبير فى تكوين الأفكار والرؤى دون أن نشعر، وأيضًا داخل محيط الأسرة كيف كانت تسير الأمور. ولنبدأ بالبيت، فنحن أسرة مكونة من 8 أفراد، الأب والأم وستة من الأولاد، الأكبر وهو عاطف، كان الوالد مصرًّا على أن يكون مهندسًا، وهو أيضًا كانت لديه الرغبة، لذلك كان يتمتع برعاية خاصة من الوالد، ثم أختان، الكبرى سهير والثانية نايرة، وأيضًا تدخل الوالد بشدة لتحديد مسارهما التعليمى، فصمم أن تلتحقا بكلية التربية قسم اللغة الإنجليزية، وكان له بعد نظر فى ذلك، حيث إنه من السهل جدا عليهما العمل بعد التخرج مباشرة، وهو ما حدث، والطريف أنهما تزوجتا فور تخرجهما، مما رفع بعضًا من العبء عن كاهل الأسرة، واستقرت الأولى فى طنطا، أما الثانية فقد استقرت فى الإسكندرية، وقد تزوجتا وأنجبتا وعاشتا حياة هادئة بفضل الله بعد نظر الأب، الذى أحسن اختيار المسار التعليمى لهما. ثم بعد ذلك جاء محمد، وله قصة فى غاية الطرافة، فقد كان الوالد يأمل أن يصبح طبيبًا، ولكن جاء مجموعه فى الثانوية العامة ضعيفًا جدًّا، فلم يلتحق إلا بمعهد للخدمة الاجتماعية فى كفر الشيخ، ولكنه صمم على إعادة الثانوية العامة والانسحاب من المعهد، إلا أن الوالد وافق على طلبه بإعادة الثانوية مع استمراره فى الكلية، وبالفعل عاد إلى الثانوية مرة أخرى فكانت المفاجأة هى حصوله على مجموع أقل من السنة الأولى، فاستقر بمعهد خدمة كفر الشيخ وتخرج، ومن بعدها وهو جوال حول العالم ما بين سوريا وفرنسا حتى استقر به الأمر أخيرًا فى أمريكا، طبعًا مع زياراته المتعددة لمصر مع أسرته. ثم نأتى للشخصية الأهم فى حياتى، وهو شقيقى الأصغر عصام، وهو يصغرنى بثلاث سنوات، ولكن ارتباطى الشخصى به أقوى بكثير من الجميع، فهو أخ وابن وصديق وحبيب لى، لأنه خاض معى كل مراحل حياتى، وكان له دور كبير فى كل خطوات حياتى، بدءًا من اللف والدوران فى شوارع طنطا فى مباريات الكرة الشراب، وأذكر واقعة طريفة للغاية، حيث كنا نلعب إحدى المباريات عقب نهاية المدرسة ونسينا الوقت تمامًا، وعدنا إلى البيت متأخرين نحو ساعتين، واتفقت مع عصام أن نقول إن شنطتى اتسرقت، وكنا نبحث عنها، والغريب أن الوالد ساعتها اخترع عقابًا جديدًا، لأنه لم يصدق الرواية المزعومة، فأمر بحبسى فى غرفة وحبس عصام فى غرفة أخرى، وحرماننا من تناول الغداء، وبعد نحو ساعة لم يستطع عصام الصبر على الجوع، واعترف بأننا كنا نلعب كورة، فعفا عنه والدى، أما أنا فأخذت علقة ساخنة بسبب كذبى وعدم قولى الحقيقة. هذه قصة صغيرة، ولكن ارتباطى الشديد بعصام يرجع لعدة أسباب: أولها أن كل أشقائى لم يعيشوا تقريبًا فى مصر لسنوات طويلة، ثانيهما أنه الأصغر، ولم يكن يتركنى فى أى مناسبة، منذ دخولى عالم الكرة، وهى حكايات لم يأت أوانها بعد، إلا أنه كان المشجع الأول لى، ولم يتركنى منذ بداية اختباراتى فى «زيوت طنطا» وحتى يومنا هذا. وأذكر واقعة مهمة جدًّا غيرت أسلوب تفكيرى، فقد كنت حارسًا لمرمى مصر للناشئين، وذهبت إلى مدينة طنطا، وبالطبع كان عصام معى، ولاحظ أن طريقة تعاملى مع الآخرين قد تغيرت، وأصبح بها مسحة من التعالى والغرور، والغريب أننا كنا نصلى وقتها الفجر فى مسجد السيد البدوى، وفجأة بعد الصلاة تركنى وغادر المسجد، ولما عدت إلى المنزل سألته عن السبب، فكان جوابه أننى أتعامل مع الناس بتعال شديد جدًّا، وأنه لن يقبل أن يكون معى إذا استمرت نفس طريقتى، وذكرنى بأولاد حارتنا وطريقة حياتنا البسيطة، وحذرنى من الاستمرار فى التعامل بهذه الطريقة، لأننى سأخسر الناس، وأولهم شقيقى الأحب إلى قلبى عصام، وسبحان الله، فقد كان درسًا لم أنسه فى حياتى، لأنه بالفعل ومن فضل الله كان جرس الإنذار الأول والأهم، وبالفعل عدت إلى أسلوب بيتنا الطيب، كما علمنا الوالد -عليه رحمة الله- ولعصام أفضال كبيرة جدًّا على شخصى، ولست أنا فقط، بل على الجميع، فهو شخص شديد الطيبة والعصبية معا، ولكنه لا يعرف الكذب، واضح وصريح لا يعطى مجاملات، أذكر أيضًا أنه فى انتخابات مجلس الشعب التى خضتها فى طنطا، كان يدير الحملة الانتخابية بالكامل، وبالمناسبة، فهو له عزوة كبيرة فى طنطا، حيث يعمل مديرًا لأحد البنوك الكبرى، لذلك فهو محط احترام الجميع، ورغم ضعفه الجسمانى فإنه كان يدير الحملة بقوة وشجاعة. وأعتقد أنه بعد الله كان صاحب الفضل الأول فى فوزى الكبير بالانتخابات وعضوية مجلس الشعب، وذلك على الرغم من أنه كان أول الرافضين لنزولى الانتخابات، ولكن لشدة حبه لى، لم يستطع أن يرفض لى طلبا. والأغرب أنه فى انتخابات 2010 المزورة كان يؤدى فريضة الحج، وكنا قد اتفقنا على عدم خوض الانتخابات، ولكن حدث بعض التطورات التى أجبرتنى على خوض هذه الانتخابات، سيأتى أيضا ذكرها فى حينها، واتصلت به فى السعودية وطلبت منه العودة، وبالفعل عاد بعد أن تكبد مصاريف كثيرة جدا، ليقود الحملة من جديد، ويومها وبعد سقوطى فى هذه الانتخابات أقسم علىّ ومع زوجتى أن لا نكرر هذه التجربة القذرة مرة أخرى. والحديث عن شقيقى عصام يطول جدا، وسيأتى ذكره كثيرا فى خلال هذه الحكايات. ولكنى أعود إلى أهل حارتنا الطيبين، والحقيقة أننى كنت أهرب لسنوات طويلة من ذكر كلمة الحارة، ولكننى وبعد سنوات اكتشفت أن هذه الحارة كانت سر النجاح، فأردت أن أعرف الناس معنى الحارة وقيمتها لدينا، فحارتنا كانت عبارة عن عدة بيوت صغيرة، يعرف كل منا الآخر، فقد كان يسكن فيها الأستاذ فرج عليه رحمه الله وأسرته، وهو رجل تربية وتعليم وصديق عزيز للوالد، وبجواره عم صالح الجزار وأم نادية المشجعة الأولى لى، ولم نعرف بالمناسبة اسمها حتى توفيت سوى أنها أم نادية، وكان ابناها إبراهيم وسعيد زميلينا فى لعب كرة القدم بالحارة، ثم إن هناك حمدى ومجدى ومحمد وسالم، أبناء الأستاذ فرج، وبجوارهم تاجر النحاس الكبير عم عبد الله عفرة، وأبناؤه زملاؤنا الأعزاء أحمد وعلاء ومحمد والمرحومة شادية، وكلهم أيضا كانوا أصدقاء لكل أفراد الأسرة. ثم يأتى عم إبراهيم القطان عليه رحمة الله، وزوجته وابنه السيد وابنته سوزى، وكان يعمل فى التجارة، وما زال السيد القطان أحد أقرب أصدقائى حتى الآن، ثم السيد المغربى ووالده محمد المغربى وشقيقته نانى وسناء، وأيضا كنا جميعا أصدقاء، فقد كنت المكلف من قبل أمى فى العيد بأن أحمل الكحك لإيصاله لكل أبناء الحارة، وأيضا قبل شهر رمضان كنا نجتمع لتعليق الزينة والأنوار فى الحارة، والتجمع عصرا للعب كرة القدم، وليلا لحماية البنات من أبناء الحارة من أى معاكسات، وكانت نادرة فى ذلك الوقت أيضا. كان على ناصية حارتنا محل عم حلمى بتاع الكشرى، وعم فرج بتاع العجل، وكانت لنا معه روايات وحكايات، فقد كنا نؤجر العجل، ثم نتأخر فى إرجاعه، وكان يغضب بشدة، وفى إحدى المرات احتجز زميلا لنا، لأنه تأخر ولم يدفع الفلوس، وظللنا نتحايل عليه ونبكى أمامه، حتى أفرج عنه أخيرا مع رفض التعامل معنا مرة ثانية. أيضا كان من المفارقات الغريبة أنه توجد على ناصية حارتنا من الناصية ما نطلق عليه الجباسة، وهى عبارة عن مكان تباع فيه أدوات البناء من رمل وجبس وأسمنت وخلافه، وهذه الجباسة كان يملكها والد الكابتن مدحت رمضان، وكان واحدا من أهم لاعبى نادى طنطا، وانضم إلى منتخب مصر للناشئين، ثم انضم بعدها إلى النادى الأهلى ومنتخب مصر، وكنا جميعا ننتظر اليوم الذى يأتى فيه إلى جباسة والده، ونطلب منه مشاركتنا اللعب، وكان غالبا ما يعتذر، إلى أن وافق مرة، وطلبت منه أن يسدد علىّ 5 ضربات جزاء، ولم ينجح فى تسجيل أى واحدة، واندهش لمستواى، وطلب منى أن أذهب إلى نادى طنطا، فحكيت له حكايتى مع الكابتن الغمرى، فوعدنى بأن يتوسط لى، ولكنى رفضت تماما نظرا لما حدث معى، وظللت أحلم بأن يساعدنى مدحت رمضان فى الالتحاق بناد كبير، خصوصا بعد أن التحق بالنادى الأهلى. وقابلته مرة أخرى وطلبت منه المساعدة، فوعدنى، ولكن يبدو مع انشغالاته الجديدة فى الأهلى نسى، وكان علىّ أن أحاول من جديد أن أعود لأولاد حارتنا الطيبين، الذين كنا يعرف بعضنا بعضًا عن ظهر قلب، ونخشى جميعا على بعض. فقد كنا جميعا أسرة واحدة متشابكة. وللعلم فأنا لم أذكر إلا أعدادا قليلة جدا، حيث إن الدائرة كانت تكبر وتتشابك بقوة، لتشمل حوارى وشوارع أخرى، وهو ما كان يجعل لنا قوة ومحبة لم تعد موجودة الآن فى الشارع المصرى، الذى فقد هويته وانتماءه، لأننى دائما أقول إن الانتماء يبدأ للحارة، ثم الشارع، ثم الحى، ثم المدينة، وأخيرا للبلد الذى نعيش فيه. فهل هذا موجود بيننا الآن!! أعتقد أن الجار لم يعد يعرف حتى اسم جاره الآن. كتب- أحمد عبد اللطيف: ما زالت أزمة ملعب مباراة الأسيوطى والأهلى القادمة مستمرة، حيث رفض عامر حسين، رئيس لجنة المسابقات، طلب النادى الأهلى بنقل المباراة من ملعب أسمنت أسيوط إلى أى ملعب آخر قريب من القاهرة، بسبب عناء سفر الفريق الأحمر من الجونة إلى أسيوط خلال أيام قليلة. وعاد الأهلى من الغردقة عقب مباراة الإسماعيلى أول من أمس، ومن المقرر أن يسافر إلى أسيوط خلال اليومين المقبلين لمواجهة الأسيوطى الأحد القادم ضمن الأسبوع السادس من الدورى. وشدد حسين على أن اختيار ملعب المباراة حقّ أصيل لصاحب اللقاء بشرط وجود موافقة أمنية، وهو ما تم بالفعل من مسؤولى الأسيوطى الذين حصلوا على موافقة مدير أمن أسيوط باستضافة الأهلى على ملعب أسمنت أسيوط، بدلا من لعب المباراة على ملعبهم الأساسى داخل منتجع الأسيوطى فى الفيوم. وأكد حسين أن تغيير ملعب المباراة سيكون قرار نادى الأسيوطى، وأنه سيكون عليه اختيار ملعب آخر، والحصول على الموافقة الأمنية باستضافة الأهلى عليه. وقال إنه كرئيس للجنة المسابقات لن يمانع فى نقل المباراة إلى أى ملعب آخر، حال استقرار الأسيوطى على ملعب بموافقة أمنية.