لم أندهش عندما قرأت اللافتات التى رفعتها جماهير الزمالك فى مباراة فريقها أمام الداخلية، والتى جاءت تحمل الأمانى الطيبة لنجم الأهلى المحبوب الخطيب «بيبو» بالشفاء العاجل، والعودة السريعة إلى مصر. وعدم اندهاشى سببه أننى لا أشك لحظة فى وعى الجمهور المصرى وحبه للرموز، وتقديره لهم، لأنهم أعطوا الكثير للرياضة المصرية. وإذا كنت وغيرى كذلك من المعترفين بدماثة أخلاق الخطيب وفنه وأسطوريته الكروية التى لا جدال فيها، فإننى متأكد أيضا من أن جمهور الزمالك لم يكن ليتوانى عن رفع نفس اللافتات لرياضيين آخرين أقل شهرة ومكانة من نجم الأهلى، لو كانوا قد تعرضوا لمثل هذه الظروف. رسالة جماهير الزمالك إلى الخطيب لم تكن الوحيدة، فخلال مباراة الإسماعيلى مع المقاولون بالجبل الأخضر، قدم جمهور الإسماعيلى وردة حب للخطيب، وتذكروا الموقف الرائع لنجم الأهلى فى الثمانينيات، عندما قدم واجب العزاء فى نجم مصر الخلوق محمد حازم، لافتة تحمل كل معانى الرياضة الجميلة التى من الممكن أن تكون عنوان بلد فيه كل أنواع الحب والأخلاق والروح، لافتة أتمنى أن نستغلها بشكل أو آخر للهدوء، لمصلحة البلاد، لمصلحة الرياضة، لمصلحة كل من هو محب لبلده، لافتة أتمنى أن نبرزها فى واجهة الصحف والمواقع وشاشات التلفاز بدلا من الردح اليومى المكرر على المشاهدين، وكأن التلفاز أصبح للرد والردح وإعطاء الدروس فى قلة الذوق والأدب دون اعتبار لكل طفل، وشاب، وعجوز، أنها الرسالة الأسمى لكل إعلامى مخلص. الرسالة واضحة وصريحة، وتحمل مضامين جميلة ورائعة بأننا شعب واعٍ، وأن الفرقة والتعصب شىء عارض صنعه وغذاه، بعض مرضى الشهرة والموتورين الذين لا يهمهم إلا هدف واحد هو مصلحتهم الشخصية. وإذا كانت اللافتات التى استهدفت تمنى الشفاء للخطيب قد ألهبت المشاعر فإنها من ناحية أخرى أثبتت للكل فى أنحاء العالم ممن يصلهم بث الدورى المصرى، أن رجال مصر الأوفياء لا يمكنهم أن يكونوا مطية لغيرهم، فالشعب الذى قام بأفضل وأشرف ثورة فى التاريخ لا يمكن أن تهزه ألوان الفانلات لمجرد نقطة أو اثنتين، وأن الوعى سيكون فى أفضل صوره قريبا جدا، وأن هذه اللافتة مجرد بداية. وأظن أن الكل أصبح متفقا على أن الدورى يسير بصورة جيدة، وأن الشغب خفت حدته، وأصبح الجميع متفرغا لدوره، وأتمنى استمرار ذلك إلى نهاية الموسم. أتمنى من كل الجماهير بمختلف انتماءاتها أن تعلم أن التعصب لن يجدى، وآخره الإرهاق النفسى فقط على صاحبه، لأنه لن يغير من الأمر شيئا. متى نرى جمهور الأهلى يصفق للاعبى الزمالك سواء فريقه فائزا أم لا، والعكس؟ صدقونى لو حدث ذلك مرة واحدة ما رأينا أى تعصب، ولاختلف الأمر برمته فى المستطيل الأخضر، ولتفرغ اللاعبون للعب والأجهزة الفنية ل«الكتشنة».. وهو ما يحدث فى كل بقاع العالم.. شاهدوا جمهور ريال مدريد الذى أصبحت الخسارة من برشلونة هى المحصلة الطبيعية لأى لقاء بينهما، والرغم من اللقاء الذى أقيم بينهما، والأمل الكبير فى أن يتم كسر هذا النحس فى كأس ملك إسبانيا التى يحمل فريقهم لقبها، ومع ذلك قدم جمهور الريال صاحب الملعب التحية لبرشلونة بالرغم من مرارة الهزيمة. الفوز والخسارة والتعادل هى المحصلة الطبيعية لأى لقاء وكفانا استهلاكا لوقتنا وجهودنا، ودعونا نعمل من أجل بلدنا الذى يمر عام كامل على ثورته المجيدة.. حتى يتقدم إلى الأمام.