يذكر جُلُّنا مسرحية «سيدتى الجميلة» حيث قام فؤاد المهندس بتلقين شويكار ثلاث كلمات لا تنطق إلا بهن فى حفل أفندينا: إزىّ الصحة؟ برافو.. الجو جميل. فالتزمت لفترة وجيزة بالتعليمات فى الحفل ثم بدأت تشعر بالملل فخلعت حذاءها ووضعته تحت إبطها ثم وقفت على الكرسى وقالت: يجعلها بيضا ع الكريم سودا ع اللئيم بمبى ع اللى ما يساعد الحريم، موسى نبى، عيسى نبى، محمد نبى، وكل من له نبى يصلى عليه، وبحق من قال لموج البحر يهتدى لتقولوا يا عزيز.. وِل يا وِل... إلعب يا مُلعب. هذا بالضبط ما فعلته محسوبتكم فى التحقيق الذى جرى معها فى يوم الأحد الموافق 15 يناير بمحكمة القاهرةالجديدة. حضر لفيف من المحامين المتطوعين للدفاع عن الثلاثة الذين يمثُلون للتحقيق فى ذلك اليوم، وهم: الشيخ مظهر شاهين، والناشط طارق الخولى، والفقيرة. دخل فى البداية الشيخ مظهر شاهين، ثم تلاه الأستاذ طارق الخولى، ثم خرج المحامون من غرفة التحقيقات والْتفوا حولى وهم ينصحوننى بأن لا أنطق إلا بثلاث كلمات: ماحصلش، ماعرفش، ماشفتش. وبالمناسبة هذا لا يعنى أن المحامين يحرضوننى على الجبن والتخاذل، فكل هؤلاء المحامين يبيتون فى الاعتصامات ويعرِّضون أنفسهم للقتل وفقء الأعين بشكل يومى، إلا أن الإجراءات القانونية تختلف تماما عن العمل الثورى، وكل محام فى هذا الكون ينصح موكله بتلك الكلمات. كان المحامون يرون فى سؤالنا عن أحداث مجلس الوزراء كمينا لا يمت بصلة للبلاغ المقدم من قبل شاهد الزور التاريخى السيد «عبعزيز فهمى عبعزيز» لذا، فقد نصحونى بأن لا أجيب عن أى سؤال يخص اعتصام مجلس الوزراء، ما دام أن البلاغ يتهم المستدعين بالاجتماع ببطلجية فى يوم 6 يناير، أى بعد انتهاء أحداث مجلس الوزراء.. خلاص يا نوارة؟ خلاص يا معلم. دخلت غرفة التحقيقات، وأجبت عن الأسئلة بشأن البلاغ المقدم بالحق، ماحصلش ماعرفش ماشفتش. طب وأنا لسانى حيطاوعنى؟ طبعا لا.. «ما قولك فى ما يدّعيه مقدم البلاغ من أنه شاهدك الجمعة 6 يناير وأنت تحرضين بعض الشباب وتصوِّرينهم؟».. كداب، أنا لا عندى كاميرا، ولا باعرف أصور واليوم ده كنت فى المهندسين مش فى ميدان التحرير. «هل حضرت اعتصام مجلس الوزراء؟»، فأبدى المحامون اعتراضهم على السؤال فبِعت المحامين اللى جايين يتضامنوا معايا وقلت: خليك معايا أنا يا سيادة القاضى.. أييييوووووه، أنا معتصمة فى مجلس الوزراء منذ البداية، ومن قبل ذلك كنت معتصمة فى ميدان التحرير، بداية من يوم 18 نوفمبر، وحضرت الأيام الستة لمذبحة محمد محمود، ثم نقلنا الاعتصام إلى مجلس الوزراء بعد تعيين الجنزورى رئيسا للوزراء، وأخيرا قام الجيش بفض الاعتصام بالقوة بعد أن أوسع عبودى ضربا، وحين لجأنا إلى شارع قصر العينى للتظاهر السلمى ضربنا بالطوب والمولوتوف واستعان ببلطجية وضربنا بالرصاص الحى».. سألنى: من الذى حرض المواطنين ضد الجيش والشرطة؟ فالتفت إلى كاتب الجلسة: اكتب ورايا.. أنا عايزة أعرف مين اللى حرض الجيش المصرى على ضرب المتظاهرين السلميين بالرصاص الحى، وتأجير بلطجية داخل مجلس الشعب يضربونا بالطوب والمولوتوف ويرموا علينا كراسى ودواليب أطباق، ومين اللى حرض ضابط جيش مصرى إنه يتبول على الجماهير؟ سألنى إن كنت حضرت اعتصامات قبل ذلك، فأجبته بأننى منذ يوم 25 يناير 2011 لا أذهب إلى بيتى إلا للاستحمام، فسألنى عن مصادر تمويل الإعاشة، فأجبته بأننا نتكافل وأن بعض المتضامنين يحضرون لنا الأطعمة بأمارة الحواوشى المسمم، فقال لى إن بعض المتهمين اعترفوا بتمويل بعض الجهات للاعتصامات، وإن من بعض هذه الجهات حركة «6 أبريل» التى كانت تعيش حياة مرفَّهة فى الميدان، فأجبته: كلنا بنعيش عيشة جربوعة فى الميدان، فأثبت كلمة «جربوعة» فى المحضر، وأخيرا سألنى عن تمويل ممدوح حمزة وأيمن نور للاعتصامات، فطلبت من الكاتب أن يكتب ما أمليه عليه: عيون الناس تسوى كام؟ أرواح الناس تسوى كام؟ أعراض الناس تسوى كام؟ مين فى الدنيا دى ممكن ياخد فلوس عشان يخزق عينه أو يضحى بروحه أو بنت تنزل من بيتها عشان فيه رجالة قاعدين فى بيوتهم وتعرّض نفسها لهتك العرض قصاد فلوس؟ مين معاه تمن الحاجات دى؟ اللى بينزل بينزل عشان بيحب بلده. فطلب منى القاضى التوقيع على أقوالى وصرفنى. بعد خروجنا ضحك المحامى مالك عدلى قائلا: لا، بس التزمتى يعنى باللى اتفقنا عليه.. طب أكدب يعنى؟ مش بيسألنى ولازم أرد؟ وموسى نبى، عيسى نبى، محمد نبى، وكل من له نبى يصلى علييييه.