مفاجأة في سعر الدولار اليوم في البنوك    مفاجأة عن نهج الرئيس الجديد لتايوان مع بكين    توافد طلاب الشهادة الإعدادية على لجان الشرقية لأداء امتحانة العربي والدين (صور)    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    جلسات تحفيزية بفندق الإقامة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الترجي    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 18 مايو    الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتوجه نصائح لمواجهة ارتفاع الحرارة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    أكثر من 142 ألف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية اليوم    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    عاجل - آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 3150 جنيها    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصائد رمضان.. سقطة لأمير الشعراء وإبداع من توفيق زياد
نشر في التحرير يوم 05 - 07 - 2014

هناك اختلافات وتشابهات فى ممارسة الشعائر الرمضانية من بلد إسلامى إلى آخر، كذلك هناك اختلافات فى مظاهر الاحتفال، لأن هذه الاحتفالات تنبثق من الطبيعة القومية الخاصة لكل بلد، وبالتالى فهناك جوهر يتمثل فى أحكام الصوم والصلاة ورؤية الهلال والبداية المطلقة لبدء الصوم، وكذلك الصلوات، مثل صلاة التراويح، وغير ذلك من فروض وسنن، وهناك أعراف وتقاليد وعادات تختلف من بلد إلى آخر، مثل تعليق الفوانيس والزينات، والمسحراتى، وبالطبع المأكولات الضرورية فى الفطار والسحور، وبين كل هذه الاختلافات يكون الشعر والأغنية والحكايات هو المعبر الرئيسى عن روح رمضان، فنجد فى مصر شعراء كتبوا عن رمضان ولياليه وجماله وروحانياته، ونجد شعراء كتبوا مداعبات تظل الأجيال ترددها مثل شعر أبى نواس قبل توبته، أو قصيدة شوقى الشهيرة التى يقول فيها:
«رمضان ولّى هاتها يا ساقى
مشتاقة تسعى إلى مشتاق»
وللأسف فإن هذه القصيدة التى نشرت فى ديوان «الشوقيات المجهولة»، اعتبرها البعض من النقاد المحافظين أنها سقطة لأمير الشعراء، ولا يجب أن يتحدث عن رمضان هكذا، ورمضان له جلال مختلف عن كل الظواهر الاجتماعية الأخرى، فالصوم عبادة، وليس ترفا يساق فيه القول على (عواهنه) هكذا، ولا يعلم هؤلاء الذين انتقدوا شوقى وهاجموه بأن الشاعر لم يرسل هذه القصيدة للاستهانة برمضان، ولا بفروضه، ولا بجلاله، ولكنها قصيدة مداعبة، أرسلها شاعرنا فى لحظة إنسانية خاصة، والذى يريد أن يقرأ الشاعر أحمد شوقى جيدا فله من الشعر الوجدانى، والذى يعلى من شأن الإسلام والمسلمين، فهناك مساحة واسعة لشوقى فى هذا المجال، وعلى أى حال فالشعراء على تعاقب الأجيال والقرون كتبوا شعرا يعبرون فيه عن المظاهر الروحانية والاجتماعية العديدة التى تمر بها مجتمعاتهم، وكان لرمضان نصيب وافر فى ذلك، وهنا قصيدة بديعة للشاعر الفلسطينى الراحل توفيق زياد، عنوانها «رمضان»، منشورة فى ديوانه: «ادفنوا أمواتكم.. وانهضوا»، وقد صدر الديوان فى الأرض المحتلة فى أواخر شهر أغسطس عام 1969، وأعاد نشره فى القاهرة الناقد رجاء النقاش فى مجلة «الهلال»، وكتب مقدمة للديوان جاء فيها: «توفيق زياد من أكبر الشعراء العرب فى الأرض المحتلة، وهو يقف مع إخوته من شعراء الأرض المحتلة أمثال محمود درويش وسميح القاسم وفوزى الأسمر وحنا أبو حنا وغيرهم فى طليعة حركة المقاومة العربية فى داخل إسرائيل، وتوفيق زياد ليس شاعرا كبيرا من شعراء المقاومة، بل هو واحد من أكثر أبناء الأرض المحتلة نشاطا وحيوية ووعيا وارتباطا بحركة النضال.. إنه يشترك فى المظاهرات ويقودها، ويتعرض للاعتقال والمحاكمة ويخرج من سجن إلى سجن، ولكنه يخرج دائما من معاركه المختلفة أكثر صلابة وثورية»، هكذا كان يقدم المصريون أشقاءهم العرب فى كل مكان، والذى حدث مع توفيق زياد الفلسطينى، حدث كذلك مع رفيقه إميل حبيبى، ومع السودانى الطيب صالح، ومع الجزائرى مولود فرعون، ومع السورى حنا مينا، ومع اللبنانى حسين مروة، وقبلهم جميعا مع أبو القاسم الشابى الذى نشرت له مجلة «أبوللو» قصيدته «صلوات فى هيكل الحب» عام 1932، وأسهمت هذه القصيدة فى التعريف الواسع بهذا الشاعر الكبير.
وقبل أن نستسلم للحنين للحظة عاطفية من الزمن، نتمنى أن نرى تطورا لها فى هذه المرحلة، نعرض قصيدة «رمضان كريم» الاحتفالية، والتى نشرت فى هذا الديوان المقاوم، والقصيدة رغم الهيمنة الروحانية والرمضانية، فإن الشاعر أراد أن يدرج أيام رمضان فى فلسطين، ليست أياما للسمر وفقط، بل هى أيام للحياة والمقاومة، وهو اختار ليلة العيد، إذ يكتب فى مطلعها:
«غدا العيد
فالأرض شذى ووعود
والليلة صافية.. بستان نجوم
وعباءة أحلام وسلام
والقمر المتألق كأس نديم
والقرية لا تغفو..
فالليلة عيد»
وببيت -أبى عبد الرحمن- تجمعت الحارة
تفتل كعك العيد
وتودع آخر ساعات من رمضان
وتعيش الليلة حتى الصبح
تتحدث تشرب قهوتها.. وتثرثر
ويقص الواحد للآخر ما يتيسر
عن أشياء أمرّ من العلقم
وأمان كالعسل الأشقر
وعن الوطن الغالى
والفردوس المسلوب
وعن السدّ العالى
وبلاد المسكوب
وبو حريد وعنتر»
ويسترسل توفيق فى تجلياته الشعرية الدافقة، ولا يقصر الأمر على ما يدور من أحاديث وشجن وحنين وتوحد، بل يدلف إلى وصف البيت الفلسطينى ببعض ما فيه من تفاصيل خاصة، فالبيت كبير وواسع، وهو من أيام الجد الرابع، وفى سقفه يعشش الحمام، «وخوابى الزيت المخزون، وأريج النرجس والزعتر، ودخان التبغ المحروق، غيمات.. غيمات يتبعثر، وهنا وهناك، ينتشر السمّار هنا وهناك، حلقات حلقات: النسوة حول وجاق عجين، وصغار من كل الأعمار، يضجّون، وشباب، فى مرح يتسلون، وشيوخ حول (السادة) والكانون». وبعد أن يطرح الشاعر مفردات الاحتفال بقدوم العيد، ويصف المكان المعبأ بالروحانيات والشعبيات، فلا بد أن يستمع الجمع إلى المذياع «فيدير أبو عبد الرحمن، زر الراديو فى رفق، فيسود الصمت، تسوح نفوس، وتضىء وجوه متعبة، وتميل رؤوس، صوت كرنين الليرات العصملى، يتصاعد فى دفء وأمان: «اتحدوا وأعدّوا العدة للظلّام.. كيلوا لهم الصاع اثنين..»، ويصيح أبو عبد الرحمن: «الله.. الله.. يا عبد الباسط.. يا أطيب من قرأ القرآن، ويردّ الجمع بدون توان: الله... الله.. لا ربّ.. سواه».
هكذا يتحول رمضان من طقس دينى خالص، إلى طقس اجتماعى واحتفالى ونضالى كذلك، فالمجتمعات قادرة طوال الوقت على أن تصبغ الظواهر العامة كعمومية الدين، بنبرتها وصوتها الخاص، وتترك فى هذه الظواهر شكل المرحلة التى تعيشها، وبالطبع لا يسمح المجال هنا لإعادة نشر القصيدة الفاتنة كلها لضيق المجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.