حكام الفترات الانتقالية الذين وصلوا إلى سدة الحكم، خلفا للطغاة الذين أطاحت بهم ثورات الربيع العربى، سواء جلسوا على الكراسى بعد انتخابات ديمقراطية نزيهة كما الحال فى تونس، أو بتأييد شعبى جارف -فى بادئ الأمر- نابع من حسن نية كحال المجلس العسكرى الحاكم فى مصر يلجؤون إلى قاموس واحد على ما يبدو لاستعارة الحجج والأعذار الجاهزة التى تصلح كشماعة للفشل. فكما تحجج جنرالات مصر وحكوماتهم المتعاقبة بأن الاعتصامات والاحتجاجات أسهمت فى تعطيل عجلة الإنتاج، وشككوا بوجود «أياد خارجية» تعبث فى البلاد، وصف وزير الداخلية التونسى على العريض بعض التحركات الاحتجاجية فى بلاده ب«المشبوهة»، وأكد أن وزارته ستعمل على وقفها بالقانون. العريض قال فى كلمة ألقاها أول من أمس، الأربعاء: إن وزارته «ستطبق القانون، وستفرض احترامه فى إطار احترام كرامة الإنسان بعد استنفاد كل محاولات الحوار والمعالجة بالتوعية للتحركات المشبوهة». واعتبر القيادى بحركة النهضة الإسلامية الذى قضى نحو 15 عاما تحت التعذيب فى سجون بن على أن قطع الطرق، ومسارات السكك الحديدية، وإغلاق المصانع، والإدارات «ترقى إلى مستوى الجرائم بنص القانون، ولا علاقة لها بالحريات، لكونها تنال من حرية الآخرين». وكما كان الحال فى مصر، تشهد تونس منذ أشهر موجة من الإضرابات والاحتجاجات المتزايدة التى تطلق عليها «احتجاجات فئوية»، تمثلت فى الاعتصامات وسط الطرق ومسارات السكك الحديدية وأمام المؤسسات العامة والمصانع، مما نتج عنها توقف الإنتاج بعد غلق عديد منها، وهو ما هدد بشلّ الحركة الاقتصادية وتوقف الاستثمار الوطنى والخارجى، وفقا لتحذيرات المسؤولين. تلك الاحتجاجات الفئوية التى سبق وحذر منها الرئيس التونسى منصف المرزوقى وشبهها ب«الانتحار» لتونس تقلق كثيرا حكومة حركة النهضة التى باتت أول حكومة يشكلها حزب ذو مرجعية إسلامية عقب ثورات الربيع العربى، خصوصا أنه يسعى ليكون «أنموذجا» لباقى الدول العربية، وللغرب أيضا الذى ينظر بعين الريبة إلى التجربة التونسية، والتى بسببها سيزور 3 وزراء خارجية دول أوروبية (فرنسا وإيطاليا وألمانيا) تونس نهاية الأسبوع الجارى.