تحليل صاعق.. وصادق أطلقه الكاتب الفيلسوف الساخر جلال عامر فى برنامج «مانشيت» الذى يقدمه الأستاذ «القرموطى». وجلال عامر مؤهل علميا وفلسفيا لصياغة الأحكام.. ولهذا يجب ألا نمر بحكمته هذه مرور الكرام أو اللئام.. بل يجب أن نعتنى جيدا بهذا الكاتب العجيب الذى تجاوز من سبقوه من أساتذة السخرية مثل عفيفى والأسوانى والسعدنى وغيرهم.. تجاوزهم بحكم ثقافة واسعة وسخرية لاذعة وشجاعة يحسده عليها أسود السيرك القومى. يقول جلال عامر إن مجتمعنا بأشكاله وطبقاته وأحزابه وطوائفه وجماعاته.. وحتى فى سكان حارة واحدة وبيت واحد وشقة واحدة.. كل هؤلاء يكرهون بعضهم بعضا. فالسلفيون يكرهون المتصوفة.. والإخوان المسلمون يكرهون العلمانيين.. والعكس صحيح.. والشعب بكل أطيافه يكره الحكومة.. والحكومة تكره الشعب.. فتعامله أسوأ معاملة.. والإخوان يكرهون الأقباط.. والأقباط يكرهون الإخوان.. والمسلمون يكرهون الأقباط.. والأقباط يكرهون المسلمين.. ونحن نكره أمريكا و إسرائيل .. وأمريكا وإسرائيل يتبادلان معنا الكراهية.. وأكثر الشعوب العربية تكره مصر، و مصر تبادلهم الكراهية. أريد أن أسمع من يقول إن هذا الكلام غير صحيح.. وليقدم دليله أو أدلته.. فأنا ضحية استهواء قوى لرأى بلدياتى جلال عامر فهو إسكندرانى.. وأنا إسكندرانى.. وقد شدنى إليه منذ كان يكتب فى الراحلة «الدستور».. وحصلت من الصديق إبراهيم عيسى على رقم موبايل جلال .. وحدثته وأبديت إعجابى بما يكتب ودعوته إلى أن يكون ضيفى فى الإسكندرية أو القاهرة حيث أقيم.. وقد تقبل هذا كله بكلمات شكر. 2 متعثرة.. ولم أنزعج فقد تلقيت الكثير من هذه المكالمات وكنت أتعثر فى الرد.. وأكتفى بالشكر سريعا راجيا أن تنتهى المكالمة عند هذا الحد. (زحمة يا دنيا زحمة) الدنيا زحمة.. زحمة جدا.. زحمة إلى درجة أن تدب الكراهية -كما قال جلال عامر- بين المارة.. وبين سائقى السيارات.. وبين السائقين وعسكرى المرور.. وبين الناس والشرطة وبين الشرطة والناس.. وقد تجلى هذا كله عندما انسحبت الشرطة أو سحبت من الشوارع فقد انطلقت الغرائز من عقالها.. وخلع الناس جلودهم الاجتماعية وخرجوا إلى الشارع عرايا من القيم والأخلاق والأصول.. وتساوى الحابل بالنابل.. وفى ظل هذه الفوضى أرى بنفسى سائق سيارة نصف نقل يعطل المرور.. والضابط الواقف فى نصف الشارع يشير إليه بسرعة تحريك السيارة.. والسيارة تسير ببطء مقصود.. ثم والشىء المذهل أن السائق التافه يخرج لسانه للضابط ساخرا منه وهو يقود السيارة بسرعة السلحفاة.. ويفقد الضابط أعصابه ويجرى إلى السائق محاولا القبض عليه.. وهنا يسرع السائق والناس تتفرج وتصفق.. ليس لضابط المرور ولكن للأسف للسائق.. وهذه أخلاقيات الزحام.. وأخلاقيات الكراهية والحقد التى يفسر بها جلال عامر سلوك الناس فى مصرنا الحديثة أو الكبيسة بالنسبة للزيادة المطردة فى عدد السكان الذى اقترب من 100 مليون. وبرنامج «مانشيت» برنامج جيد.. والمذيع الأستاذ القرموطى صعب المراس فهو يصر على الحصول على المعلومة التى يريدها من الضيف.. ويصل إلى درجة من درجات «التلامة» ولكن ليس هناك حل آخر أمام المراوغين والمتلومين.. ولكن أود أن أهمس فى أذن الأستاذ العزيز أن عليه أن يذاكر أكثر، خصوصا وهو يقوم قامات عالية فى مختلف مناحى الحياة. 3 (آلولو) ملاحظة عجيبة عن كل وليس بعض الذين يتحدثون عن الرئيس السابق.. خصوصا هؤلاء الذين كانوا بقربه.. إنهم عندما يتحدثون الآن عنه فكلهم يدعون أنهم قالوا له: «آلولو» أى نصحوه أو لفتوا نظره.. أى أن كلا منهم عمل ما عليه عندما آل له (قال له) وجمع «آلو» بتشديد الألف هو «آلولو» وهى كلمة أو تعبير استخدمه عادل إمام فى إحدى مسرحياته أو أفلامه وهو يسخر أو يتريق على هذا التعبير، وهو أيضا تعبير شائع بين المصريين عندما يريد شخص ما أن يدين شخصا آخر ارتكب خطأ فيقول: أنا قلت له. و هو تعبير يعنى.. براءة ذمة المتحدث مما حدث.. والمعنى المقصود من حديث الذين يتحدثون عن مبارك أنهم كانوا أبعد نظرا منه، وأكثر حرصا على مصلحة مصر. وللأسف هؤلاء جميعا يكذبون فلم يكن فى حاشية الرئيس السابق من يجرؤ على لفت نظره، خصوصا فى آخر أيامه أو سنوات حكمه الطويل.. فقد كان مبارك مقتنعا أنه ملهم وربما صدق أنه مرسل.. لقد كان عنيفا وقاسيا فى الرد على أصغر ملاحظة.. ولم يكن يقبل من أى شخص.. يقوم بدور الرئيس أو يتصرف مثله.. وقصة خروج كمال الجنزورى من الوزارة كان من أسبابها أن الدكتور كان عائدا من رحلة خارجية وحينما نزل فى المطار فوجئ أن وزيرين فقط فى استقباله.. وكان يتوقع أن يكون الوزراء جميعا فى استقباله.. وعند أول اجتماع لمجلس الوزراء لفت الجنزروى نظر وزرائه إلى هذا الموقف. واستأذنت آمال عثمان وخرجت للذهاب إلى دورة المياه.. ولكنها ذهبت إلى التليفون وحدثت زكريا عزمى وروت له الواقعة ثم قالت: هل عندنا رئيس آخر غير الرئيس مبارك؟ و قام «أبو الزيك» أو «أبو طويلة» كما كان يسميه جمال عبد العزيز قام بإبلاغ الرئيس بما حدث.. وطار رأس كمال الجنزورى لهذا السبب.. ولأسباب أخرى قد أرويها فى ما بعد.