اليوم السبت الموافق 24 مايو 2014 هو اليوم الأول من يومى الصمت الانتخابى، وفترة الصمت الانتخابى تمثل حلقة مهمة من حلقات العملية الانتخابية، فالانتخابات جزء من العملية الديمقراطية، كما سبق القول مرارا، وهى بهذا المعنى ثقافة متكاملة تتجاوز كونها عملية إجرائية. الديمقراطية ثقافة تنتشر فى المجتمع بجوار قيم إنسانية أخرى، فالديمقراطية تعنى تعددية حزبية وسياسية، صوت واحد لكل مواطن، انتخابات نزيهة، تداول السلطة بشكل سلمى، حيث يتسلم من يفوز بالأغلبية زمام السلطة ويمارسها وفق مبادئ الدستور، وفى ظل حالة من الاستقلال والتوازن بين مؤسسات الدولة حسب طبيعة النظام السياسى، إذا ما كان برلمانيا أو رئاسيا، وبالطبع تتطلب الديمقراطية انتشار مجموعة من القيم الإنسانية فى المجتمع، وتستقر كثقافة وتمارس كأسلوب حياة ومنها المساواة، المواطنة، العدل. فى هذا السياق تأتى الانتخابات كعملية إجرائية لمعرفة رأى الشعب واختياراته، عبر العملية الانتخابية سواء كانت برلمانية أو رئاسية، يقول الشعب كلمته، ويحدد من يريد أن ينوب عنه فى البرلمان أو من يحمله أمانة السلطة التنفيذية، ووفق هذا التعريف المحدد للانتخابات باعتبارها إجراء أو عملية إجرائية كاشفة عن إرادة الناخبين، هنا لا بد أن يكون القائم على شؤون العملية الانتخابية أمينا ومخلصا فى تمكين الشعب من التعبير عن رأيه وكشف إرادته، وبالتالى تصبح عمليات تزوير الانتخابات جريمة بحق الشعب لا تسقط بالتقادم، وخيانة للأمانة فى كشف إرادة الناخبين، ومن هنا يفترض وجود ضمانات صارمة لنزاهة الانتخابات ومواجهة محاولات تزويرها، وذلك عبر إسناد المسؤولية عن ذلك إلى جهة مستقلة لا تخضع لسلطة أى جهة لها مصالح محددة فى الانتخابات، وفى الدول الديمقراطية المستقرة عادة ما تتولى هيئة مستقلة القيام بذلك مهما اختلفت المسميات والمكونات، وعادة ما تكون هناك مفوضية عليا أو هيئة عليا تتولى إدارة العملية الانتخابية برمتها من فتح الباب إلى إعلان النتائج النهائية. فى مصر اليوم لدينا لجنة عليا تشرف على الانتخابات، وهى لجنة مكونة من رجال القضاء، كما يتولى القضاء الإشراف على الانتخابات، وهو أمر يمثل مرحلة انتقالية لا بد أن تتحول لاحقا إلى مفوضية عليا للانتخابات. وفق هذه الرؤية لا بد من احترام كل مكونات العملية الانتخابية من لحظة فتح باب الترشح حتى إعلان النتائج، وفى هذا السياق تحتل فترة الصمت الانتخابى موقعا مهما فى إطار العملية برمتها، فهذه الفترة ترتب من أجل إعطاء الناخبين فرصة لمراجعة كل ما صدر عن المرشحين، تقييم الموقف واتخاذ القرار المناسب بعيدا عن الصخب الإعلامى، فقد جرى منح المرشحين فرصة عرض البرامج، وتقديم نفسيهما للناخبين، القيام بالدعاية اللازمة للوصول إلى كل الناخبين، وينطوى الوقت المخصص للحملات الانتخابية على منح فرصة للمرشحين لمخاطبة الأنصار وأنصار المنافس أو المنافسين، وأخيرا استقطاب أكبر عدد ونسبة من الأصوات العائمة، وهى الفئة التى لا تنتمى سياسيا لأى من المرشحين، وتتخذ قراراتها بالتصويت بناء على ما يصدر عن المرشحين من برامج ووعود وما يبنيه هؤلاء من مصداقية لكل مرشح، إضافة إلى السمات الشخصية للمرشحين، التى تحتل مكانة مهمة فى الانتخابات بين الأشخاص فى كل النظم الديمقراطية، وعادة ما تلعب دورا مهما فى ترجيح كفة مرشح على آخر، وهو دور يتصاعد وزنه فى النظم حديثة العهد بالديمقراطية أو التى تمر بعملية تحول، فالمؤسسات إما أنها حديثة للغاية أو ضعيفة، ومن ثم فالفرد يكون أقوى من المؤسسة، وبالتالى يلعب العامل الشخصى دورا محوريا فى الانتخابات. اليوم السبت أول يومى الصمت الانتخابى، ونتمنى أن يلتزم المرشحان وأنصارهما بذلك، ولا يتحايل أى منهما على اختراق فترة الصمت، فالحيل كثيرة والعقوبات ضعيفة للغاية (غرامة مالية).