المشاط: 44 مليار جنيه لتطوير 180 قرية في سوهاج بالمرحلة الأولى لحياة كريمة    750 عبوة غذائية للأسر الأكثر احتياجًا ضمن قافلة الخير بالعامرية أول في الإسكندرية    عبدالعاطي: نسعى مع شركاء اتفاق السلام في غزة إلى الانتقال للمرحلة الثانية بأقرب وقت    ماريسكا ينفي تكهنات تدريب مانشستر سيتي    الداخلية تضبط متهما بابتزاز فتاة بعد سرقة حساباتها الشخصية بحلوان    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    الأردن يرحب بإلغاء عقوبات "قيصر" ويؤكد دعمه لجهود إعادة البناء في سوريا    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    رئيس الوزراء: مصر ستبقى إلى جانب لبنان في مسيرتها نحو التعافي والاستقرار    الداخلية توضح حقيقة السير عكس الاتجاه بطريق قنا - الأقصر الغربي    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    أبرزها صدام نيجيريا وتونس.. مواعيد مباريات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    افتتاح مسجد نادي جامعة أسيوط بعد تجديد شامل    توصيات ندوة أكاديمية الشرطة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    يبدأ رسميًا 21 ديسمبر.. الأرصاد تكشف ملامح شتاء 2025 في مصر    محمد رمضان: الجمهور مصدر طاقتي وسبب نجاحي بعد ربنا    وزير الخارجية: العلاقات مع روسيا شهدت طفرة استراتيجية على جميع الأصعدة    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    أحمد شيبة ينتهي من تسجيل أغنية جديدة لطرحها في رأس السنة    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    عبد الغفار يبحث مع وزير الصحة الموريتاني نقل التجربة المصرية في التأمين الشامل    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    سلام: العلاقة بين مصر ولبنان تشمل تفاعلا في المسار واتفاقا في الرؤى    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    تنفيذ 27 حملة تفتيش وتحرير 156 محضرا فى حملة تموينية بالوادى الجديد    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشناوي يكتب: يوم مصرى طويل فى مهرجان كان
نشر في التحرير يوم 20 - 05 - 2014

«مستر تيرنر» و«توم الشتاء» فى طريقهما للحصول على جوائز المهرجان
حتى الآن تشير أغلب التوقعات إلى أن الفيلمين الأمريكى «مستر تيرنر» لمايك لى والتركى «نوم الشتاء» هما الأوفر حظًّا فى الطريق إلى الجوائز، ولكن لا يزال الأمر بعيدًا عن اليقين، وأمامنا خمسة أفلام أخرى لمخرجين كثيرًا ما عانقوا السعفة الذهبية، أترقب بعد كتابة هذه الكلمة مشاهد الفيلم الكارتونى الذى يعرض خارج مسابقة «كان» «فانتازيا الديمقراطية» الذى يسخر من جورج بوش الابن الرئيس الأمريكى السابق وبوتين رئيس روسيا الحالى، يعرض الفيلم فى الإطار الرسمى، ولكن خارج التسابق، وهو تجربة سينمائية مختلفة، وبالتأكيد سينال مساحته من الاهتمام فى الرسائل القادمة.
هذه المرة نترك المساحة لأفلامنا القصيرة فى المهرجان، ولنا بينها فيلم يتيم داخل المسابقة «ماذا بعد وضع حجر الأساس للحمام العمومى فى الكيلو 375» يرأس لجنة التحكيم الفيلم القصير هذا العام المخرج الإيرانى المعروف عباس كيروستامى، الباقى من الأفلام المصرية تستطيع أن تعتبره ضمن محاولات مخرجين شباب لاقتحام المجهول والقفز فوق سور المهرجان، أعجبتنى وبنسبة كبيرة، جرأة العديد منها وبكارة اللغة السينمائية التى تحملها، وتردد سؤال ماذا لو شاهد المجلس الأعلى للأمومة والطفولة فى مصر هذا الفيلم واسمه «الضحية»، بل قل لى ماذا لو تعالت الأصوات التى تصرخ دائمًا باسم سمعة مصر وقرأت الفيلم بمنظار ضيق وقاصر ووجدت أنه وكالعادة فى مثل هذه الأحوال عندما تسيطر علينا نظرة عين الطائر التى لا تتجاوز السطح ستواجهه فى هذه الحالة لا محالة عريضة الإدانة حتى قبل توجيه التهمة، وهو نشر غسيلنا القذر خارج الحدود. الفيلم للمخرج صفوان ناصر الدين، حيث يتناول بالأرقام قضية التحرش، ولنا مع الأسف عديد من ذكريات مماثلة وبينها واحدة فى «كان» عندما عرض يوسف شاهين فيلمه «القاهرة منورة بأهلها» قبل 23 عامًا فى قسم «أسبوع المخرجين» وقامت الدنيا ولم تقعد، وطالب البعض بسحب الجنسية المصرية منه، بل وتوعده بعضهم بالضرب المبرح بمجرد عودته إلى مطار القاهرة، ولكننا سنرجئ قليلًا الحديث عن هذا الفيلم. دعنا أولًا نبدأ بالفيلم الوحيد الذى يشارك رسميًّا فى مسابقة الأفلام القصيرة لمشروعات طلبة معهد السينما، فلقد أسعدنى أن هناك خمسة أفلام تعرض أيضًا فى السوق على هامش المهرجان، وفى غرفة الكمبيوتر الملحقة بقصر المهرجان قررت أن أصنع يومى بنفسى، صحيح وُجدنا على الهامش، ولكن ألم يقل نزار قبانى وهو يتحدث عن الحب «لو لم نجده عليها لاخترعناه» فلماذا لا يكون يومى مصريًّا أو أخترعه.
لمحت أكثر من مخرج وكاتب ومصور من شباب السينمائيين المصريين فى كواليس المهرجان، وكان بيننا حوارات عابرة فذهبت لمشاهدة أفلامهم، أعجبنى روح المغامرة التى امتلكها عدد منهم، لقد جاؤوا للمهرجان بإمكانياتهم المادية المحدودة، فقدموا أفلامًا لها طعم ومذاق عصرى. هذه الأفلام ليس لها لم سلم للصعود إليها فى احتفال خاص، بل تهبط إلى القاعة بسلم لتحصل على مساحة زمنية فى الغرفة التى يتكاثر حولها الصحفيون، لمشاهدة الأفلام القصيرة التى عادة ما تضيع فى زحام النجوم وأفلامهم الروائية الطويلة.
ونبدأ مع الفيلم الرسمى الذى مثلنا وهو «الحمام العمومى فى الكيلو 375» للمخرج عمر الزهيرى يقدم الشريط ببلاغة سينمائية المسؤول الكبير الذى يفتتح المشروع بكلمات جوفاء متكررة، وفى العادة يحمل الجبس والأسمنت عدد من الموظفين الصغار يرتدون بدلة كاملة، وبينهم بطل الفيلم الذى تفلت منه عطسة لا يستطيع وقفها، ويشعر بضرورة الاعتذار إلى الرجل الكبير، السيناريو كتبه شريف نجيب ويبدو فيه أنه متأثر إلى حد التطابق بفكرة مسرحية الكاتب الروسى أنطوان تشيكوف التى تحمل اسمى «موت موظف» وشهيرة أيضا بعنوان «الرجل الذى عطس».. فى القصة القصيرة الأصلية الرجل عطس فى المسرح ويظل يطارد المسؤول فى كل مكان محتِّمًا أن يذهب إليه فهو يريد الاعتذار، وينتهى الأمر أيضًا بالموت كمدًا، لأن الرجل الكبير لم يقبل الاعتذار، تمنيت أن يشير كاتب السيناريو شريف نجيب إلى أنه استوحى الفكرة من تشيكوف، لأنه بالفعل عمر الزهيرى يمتلك القدرة على قيادة الممثل وتكثيف الحوار ويترك مساحات مقننة للصمت ومساحات أخرى للفراغ داخل الكادر وقدرة على تحديد زاوية الكاميرا، ولكنه مع الأسف لم يلحظ أن هناك من استحوذ على عمل إبداعى شهير لا يزال يدرس فى كل الأكاديميات الدرامية فى العالم رغم مرور قرابة قرن ونصف القرن على كتابتها، فهى تدين الخوف الكامن فى الصدور من السلطة والذى تجسد فى نهاية الأمر فى القصة القصيرة والفيلم بموت الموظف.
الفيلم الثانى عنوانه «كان» لعبد الرحمن سعد، والبطل بالفعل «كان» ليس لأنه مات فى عز الشباب، ولكن لكونه لم يحقق أى شىء فى حياته على المستوى الشخصى أو العملى فهو كان، وكأنه فى الحقيقة لم يكن. عبد الرحمن يقدم رؤية مكثفة تشبه طلقة الرصاص فتصيب الهدف مباشرة. فيلم «أم أميرة» إخراج ناجى إسماعيل يقدم لنا برؤية تسجيلية حياة بائعة البطاطس التى تنفق على عائلتها وتعتز بكونها حققت نجاحًا وهى تقف على ناصية الحارة ويساعدها فى العادة الجيران فى بعض التفاصل التى تحتاج إلى قوة عضلية، ويعرفها الجميع فى الحى، يأتون إليها ليتذوقوا طعم البطاطس البلدى، تموت ابنتها أميرة بسبب الإهمال الطبى، ولكن أم رتيبة تواصل الكفاح، إنه التعايش مع الحياة مهما تفاقمت الأحزان فهى تسلم قدرها لله وتخرج يوميًّا إلى عربتها الخشبية لتبيع البطاطس الساخنة ممزوجة بالحب لكل الناس، نجح المخرج فى الحفاظ على تلقائية وطبيعية «أم أميرة».
ويأتى فيلم «ظلال على القاهرة» للمخرج سرى ليدو، بطولة أحمد مجدى، انتقل المخرج من الخاص إلى العام، حيث شاهدنا بطل الفيلم الشاب يؤكد أنه لا يمكن أن يتركها وكان يشير إلى فتاة محددة، بينما نرى فى العمق صورة الأهرامات. إنه يرى مصر فى حبيبته التى اختفت فترة زمنية وعندما يعثر عليها يتعمد المخرج أن نطيل كمشاهدين النظر فى العمق إلى الأهرام، وكأنه غير واثق بما فيه الكفاية فى ذكاء جمهوره وقدرتهم على التقاط الفكرة.. بينما فيلم «صباح بكر» للمخرجة أمينة عز العرب يلامس القهر الذى تعيشه المرأة، فتصحو بطلة الفيلم أكثر من مرة من نومها وهى تعيش كابوسًا لا ندرى، كمشاهدين، إذا كان واقعًا أو هو حلم يسيطر عليها. نجحت المخرجة فى طرح الفكرة وسمحت بزمن للتأمل. الفيلم التسجيلى «خارج» إنتاج مشترك مع سوريا للمخرج أحمد عبد الناصر، حيث يتناول هؤلاء المشردون على الحدود والعالقون بين الحياة والموت، فالمخرج يقدم سردًا تقليديًّا. ويتبقى فى نهاية الجعبة تلك الحكاية، فيلم «الضحية» لصفوان نصر الدين الذى يتناول مباشرة التحرش، وتلك الأرقام المخيفة، والتى يتجاوز بعضها ال90% من النساء اللاتى تعرضن للتحرش فى مصر، بينما نكتشف أن الأغلبية تدين المرأة الضحية وتلتمس العذر للمجرم. لقد تابعنا قبل نحو أسبوعين، وهو ما لم يشر إليه الفيلم فى الواقع، فالأب الذى انهال ضربًا فى الشارع على ابنته المحجبة بعد أن تحرش بها أحد المجرمين بحجة أنها لم ترتد زيًّا محتشمًا كأنه يمنح الجميع صك البراءة فى التحرش بأى فتاة أو امرأة عابرة فى الطريق.
لقد تفوقنا، مع الأسف، فى معدلات التحرش عالميًّا وحققنا أرقامًا قياسية فى هذا الشأن، الفيلم لا يقدم امرأة مستسلمة ولكنه يطرح، بتكوين درامى وتشكيلى بديع، امرأة ومجموعة من الرجال، بينهم فى المقدمة شاب يتباهى بفحولته، ولكن المرأة تقاوم وتنتصر. الأرقام الموثقة التى ذكرها الفيلم صادمة إلا أن الواقع صادم أكثر.
وهكذا جاءت ليلتنا المصرية وهى تحمل كثيرًا من الإبداع البكر الذى يملؤنا بالأمل فى الغد. ليلة لم نجدها فى فاعليات المهرجان الرسمية فاخترعناها!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.