إزالة فورية ل9 حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية بالمحلة الكبرى في إطار الموجة 26    لجنة دولية: السفينة مادلين على بُعد أميال من غزة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا منذ بداية الحرب    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    تريزيجيه: مكالمة الخطيب وراء عودتي للأهلي.. وهكذا حسمنا الصفقة من طرابزون    ممدوح عباس: لن آخذ على عاتقي أية التزامات جديدة بشأن الزمالك    محافظ أسيوط: 622 ألف مواطن ترددوا على مراكز الشباب في أول وثاني أيام عيد الأضحى    الداخلية تضبط أكثر من 7 أطنان دقيق في حملات موسعة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين في تصادم أتوبيس بميكروباص على صحراوي الشرقية    شاب ينهي حياتة في احدي قري المنيا في ظروف غامضة    السياحة والآثار: الكشف عن توابيت خشبية واوستراكات بالعساسيف في الأقصر    حقيقة مفاوضات الزمالك لضم زين الدين بلعيد.. ونادي قطري يهدد الصفقة    منافذ التموين تواصل صرف مقررات يونيو في ثالث أيام عيد الأضحى    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    روسيا تعلن إسقاط 66 مسيرة أوكرانية فوق العاصمة موسكو وعدة مقاطعات    إحباط ترويج 37 كيلو مخدرات وضبط 9 عناصر إجرامية ب«أسوان ودمياط»    مصرع شاب في حادث انقلاب دراجة بخارية بقنا    في حديقة حيوان الزقازيق.. إعفاء الأيتام وذوى الهمم من رسوم الدخول    من أجل ماينان.. تشيلسي يقدم عرضه الأخير إلى ميلان    نادي العاملين بمحافظة أسيوط يفتح أبوابه خلال أيام عيد الأضحى لاستقبال المواطنين    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بالمجان ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رسميًا.. موعد انتهاء إجازة عيد الأضحى 2025 وعودة الموظفين للعمل    بيان عاجل من «الزراعيين» بعد التعدي على مسؤول حماية الأراضي في سوهاج (تفاصيل)    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    الأنبا يؤانس يرسم ثلاثة كهنة جدد بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    مقتل شاب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة    مواعيد امتحانات الميدتيرم، الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026 بالجامعات    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    بعد بيان وزارة المالية.. موعد صرف مرتبات يونيو 2025 للموظفين والزيادة الجديدة    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    أمين المجلس الأعلى للآثار يتفقد أعمال الحفائر بالأقصر    بعد زواجه من أسما شريف منير.. معلومات عن أحمد شامل عزمي    موعد ومكان جنازة وعزاء الموزع الموسيقي نوار البحيري (تفاصيل)    الداخلية توزع مساعدات على سكان المناطق الحضارية الجديدة بالعيد..فيديو    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بالمجان ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    ريستارت «تامر حسنى»    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مطالبين باتفاق تبادل أسرى ووقف الحرب    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    حكاية أسير أديب الأسرى الفلسطينيين المحررين عمار الزبن: 30 عامًا فى سجون الاحتلال وأمى استشهدت دعمًا لنا "الحلقة 16"    3 سنوات حبس وجوبي للزوج المعتدي على زوجته وفقًا لقانون العقوبات    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    انقطاع التيار الكهربائي في ضواحي كييف وغارة روسية بصاروخ كروز على أوديسا    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    زيزو: إدارة الكرة في الزمالك اعتقدت أن الأمر مادي.. وأنا فقط أطالب بحقي وحق والدي    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرين
نشر في التحرير يوم 26 - 04 - 2014

الفنانون فى حجراتهم الصغيرة الموحشة يبدعون أعمالا عبقرية، بينما يتخم سائر المجتمع على مائدة المادية، يتجشأون ويتجاهلون وجودهم. ومع ذلك فالفنانون وحدهم يملكون الهويات الباطنة والقوى الكامنة، وفى مستقبل الأجيال هم من يضحك فى النهاية».
هكذا تتحدث «مارجريت أتوود» عن الكاتب من وجهة النظر الرومانسية (البوهيمية) فى كتابها الجميل «مفاوضات مع الموتى» –ترجمته عزة مازن وأصدره المجلس الأعلى للثقافة ضمن سلسلة المشروع القومى للترجمة- والتى تأخذنا من خلاله «أتوود» فى رحلة تأملية لكاتب حول الكتابة.
تسترجع «أتوود» نشأتها فى عالم لم يكن فيه التليفزيون بطلا من أبطال حياتنا بقدر ما كانت القصص المصورة المرسومة، تسترجع شخصية البطل ذو القوى الخارقة والذى لم يكن شخصا ذو شأن فى حياته العادية، فسوبرمان ليس سوى «كلارك كنت» مقدم النشرة الإخبارية ذى النظارات السميكة، وبات مان (الرجل الوطواط) ليس سوى أحمق ثرى عابث فى حياته العادية، وسبايدرمان (الرجل العنكبوت) مجرد مصور صحفى فاشل غير قادر على دفع إيجار الغرفة التى يعيش فيها.
وتقول «أتوود»: «جميعنا كأطفال تمنينا أن نكون مثل البطل الخارق فى ضخامة جسده وقوته ونفسه الطيبة، أما من يحمل الإسم الحقيقى الآخر، والذى كان دوما ضعيف البنية يرتكب الأخطاء وتتحكم فيه كائنات أقوى منا، فذلك هو ما كناه بالفعل».
وهذا حقيقى تماما، فنحن لم نحلم يوما فى طفولتنا بأن نكون «كلارك كنت» بينما حلمنا بأن نكون «سوبرمان»، إنها تلك الإزدواجية فى شخصية البطل الخارق التى تنعكس لتلقى بظلالها على أرض مُخيلتنا، تلك المخيلة التى تتقاطع مع ظلال الإزدواجية بداخل شخصياتنا نحن أيضا، ليمثل هذا التقاطع رغبتنا فى أن نكون الشخص الآخر الذى لسنا عليه والذى نعلم فى الوقت نفسه أنه يحيا بداخلنا وأنه جزء منا ومن مكونات شخصياتنا إلا أننا غير قادرين على إخراجه للحياه. تلك الورطة هى ما تدفع بالفنان إلى أن يصبح فنانا، وبالتحديد أكثر كاتبا.
فالكتابة «ورطة» و«حل» فى نفس الوقت، ورطة من حيث أن «فعل الكتابة ذاته يقسم النفس جزأين»، وحل من حيث أنها تخلق مخرجا لتلك الشخصية الأخرى القابعة بداخلنا لتخرج إلى الحياه على الورق على هيئة شخصيات يتفاعل معها الناس لتتحول مع الوقت من شخصيات صنعها خيال كاتب وحيد منعزل فى غرفته إلى شخصيات قائمة بحد ذاتها نتحدث عنها وكأنها شخصيات حقيقية حتى أننا ننسى أحيانا إسم الكاتب ونتذكر فقط إسم وشكل وهيئة الشخصية التى ابتكرها وصنعها خياله.
شخصية «شرلوك هولمز» على سبيل المثال، قد لا يعلم كثيرون من عشاقها إسم مبتكرها ومبدعها «سير آرثر كونان دويل» ومؤكد طبعا أن أحدا لا يعرف شكله، بينما نحن نعرف شكل شخصيته التى ابتكرها، إنه ذلك التحرى الخاص الذى يرتدى بالطو كاروهات ويدخن طوال الوقت حيث لا يفارق البايب شفتيه ويحمل معه فى جيب البالطو عدسة مكبرة هى التى قد تمكنه مثلا من ملاحظة شعرة صفراء -سقطت من شعر القاتلة أثناء خنقها للضحية- فى مسرح الجريمة.
إنها إزدواجية الكاتب التى تدفعه إلى دفق جزء من روحه بداخل كتابته ليتحول هذا الجزء مع الوقت إلى كيان قائم بذاته بعيدا عن الكاتب الذى يظل فى الخلفية منكفئا على مكتبه يكتب وينفخ الروح فى كتابته وشخصياته.
تستشهد «أتوود» لإيصال وجهة نظرها بقصيدة «براوننج» الكابوسية «إلى البرج المظلم ذهب تشيلد رولاند»، والتى تتناول بحث شخص يسمى «تشيلد رولاند» عن شيء لن نعرفه من خلال القصيدة، فقط سوف نعرف أنه يبحث عن شيء ما، وفى سبيل ذلك يتغلب على كل ما يعترض طريقه من مصاعب، «و مع كل خطوة يخطوها كان مسعاه يزداد بؤسا ويأسا.
فقد سخر منه رجل مسن فى الطريق وراح الذبول ينتشر شيئا فشيئا فى البقاع الريفية الممتدة التى يسافر عبرها وتنشر فيها المستنقعات. وأخيرا وعلى غير توقع، لاح له البرج المظلم، ثم وجد «تشيلد رولاند» نفسه وقع فى فخ، فقد انغلق الإمتداد الريفى عليه ولا مخرج هناك.
ليس هذا فحسب، إنما أحاطت به أشباح كل من ذهبوا قبله فى هذا المسعى وفشلوا. تحكى القصيدة أن البرج كان بناء يبعث فى النفس الرهبة والخوف، قصير سميك مربع الشكل، لا سبيل لاختراقه، ومعلق عليه قرن معدنى ضخم (آلة نفخ موسيقية تستخدم فى الحروب لاعلان نفير القتال). والقرن المعدنى هو ما يتحتم النفخ فيه لإعلان تحدى من يعيش فى البرج المظلم، وهو ما نحسبه بشدة نوعا من الوحوش».
وصل «تشيلد رولاند» إلى البوق ونفخ فيه ليخرج من البرج الوحش الذى نكتشف أنه هو نفسه «تشيلد رولاند» فى حال كتابة قصيدته، إنه يتحدى نفسه، وهكذا يخرج قرينه ليواجهه، ولتمتزج المادة وضدها ويكتمل السعى وتنتهى القصيدة.
ومع الانتهاء من القصيدة يتلاشى «تشيلد رولاند»، إلا أنه يعلم جيدا أن أن وجوده سيتواصل بداخل القصيدة التى كتبها لتوه، والتى سوف تعيش بعد أن يكون هو نفسه قد مات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.