«العجوز والبحر» رواية شهيرة للأديب العالمى أرنست هيمنجواى، ويبدو أن الكاتب مصطفى محرم سوف يحقق قريبا إنجازا عالميا بتحفته العجوزان والمزة.. تستطيع أن تلخص مسلسل «سمارة» فى موقف ثابت لا يتغير، عجوز، سامى العدل، وأعجز منه، حسن حسنى يحبان المُزة غادة عبد الرازق، وهى تحب الوسيم أحمد وفيق الذى تم اغتياله بسبب هذا الحب، ورغم ذلك سوف يحتدم الصراع أكثر وأكثر بين العجوزين للفوز بالمزة.. بقالنا ع الحال ده كتير؟! لا يزال الأمر على ما هو عليه حتى النصف الثانى من رمضان، ويبدو أننا سنستمر نتابع هذه الشحتفة ولن ينقذنا إلا هلال شوال! لماذا يصر الكاتب المخضرم مصطفى محرم على تبديد طاقته فى هذا العبث؟! لأنه أصبح متخصصا فى هذه الأنواع التى يبدد فيها وقت الناس، ولأن التجربة أثبتت له أن هناك من يشاهد، وهناك من يدفع ثمن البضاعة.. الناس تعودت أن تضيع وقتها فى قزقزة اللب والفول والفستق، وبالمرة يقزقزون بعض المسلسلات التى لا تبذل أى جهد لتتابعها.. وهكذا استمر الثلاثى محمد النقلى المخرج، ومصطفى محرم الكاتب، وغادة عبد الرازق المزة، منذ «الباطنية» مرورا بالحاجة زهرة، وصولا إلى «سمارة».. هذه المرة تمت إضافة لوسى، كانت معركة لوسى مزدوجة، فهى تريد أن تثبت أنها ليست ممثلة مساعدة، وأنها ليست أم غادة ولكنها أم سمارة.. مسألة بالطبع نسائية، لوسى لديها معركة مع الزمن الذى يمضى سريعا، وتعتقد أن هناك من يفتش وراءها للبحث عن الرقم القومى، ولهذا فلقد ظلت فى كل أحاديثها ترفع شعار أم سمارة آه، أم غادة لا وألف لا.. ولم تكن تلك هى المشكلة الوحيدة، لكن هناك مشكلات أخرى، لوسى راقصة وهى الأولى بالطبع فى الرقص، إلا أن غادة هى البطلة، وغادة إجادتها للرقص مثل إجادتها اللغة الصينية، فهى وحتى كتابة هذه السطور تتحنجل، رغم أنهم يقولون أول الرقص حنجلة فإنها لا تزال فى سنة أولى حنجلة.. انفردت لوسى بكتابة اسمها فى المقدمة بينما غادة بذكاء لم تكتب اسمها لا قبل ولا بعد لوسى.. سيطرت غادة على كل اللقطات فى التتر، وهكذا ظلت لوسى بالقياس مجرد كومبارس، إلا أنك لو تابعت التترات بدقة سوف تكتشف أن صمت لوسى لن يستمر طويلا، سوف ترقص لتثبت للمشاهدين عموما ولغادة على وجه الخصوص أن الدهن فى العتاقى، إلا أن العتقية هذه المرة تكاكى ولا يسمعها أحد! الأجواء الشعبية وزمن الأربعينيات تجرحه الموسيقى والأغنيات، لأنها ليس لها علاقة بعصر الطرابيش، لكن المخرج لا يملك وجهة نظر أو إلماما بالفترة الزمنية التى تتناولها الأحداث، وهكذا يضع أغنية من السبعينيات على موسيقى من الستينيات، واللى يعرف أبويا يروح يقوله! لماذا يتابع الناس مثل هذه الأعمال؟ لأنهم مثل صناع المسلسل ليس لديهم وقت للتأمل.. البضاعة الدرامية سابقة التجهيز تشبه الوجبات الجاهزة السريعة، فهى زاد لمن ليس لديه وقت ولا صبر ولا تركيز، ويريد أن يتسلى، عملا بآخر وصايا المخلوع خليهم يتسلوا! عندما حاول مجمع اللغة العربية تعريف الساندوتش قالوا شاطر ومشطور وبينهما طازج، ولو طلب من المجمع تعريف هذا النوع من الدراما، فأنا أقترح «عجوز وأعجز منه وبينهما مزة»!