بالأمس نشرت وسائل الإعلام الرسمية خبرا عن رصد جهات أمنية سيادية لتحركات واتصالات لعناصر داخلية مع جهات أجنبية خارجية لتنفيذ مخطط يوم 25 يناير المقبل يهدف لإفشال العملية الديمقراطية وإسقاط الجيش، ومن ثم إسقاط الدولة. ويقوم المخطط، وفقا للمصدر، على توجيه الدعوات للمشاركة فى مظاهرات سلمية يوم 25 يناير، ثم الدعوة إلى اعتصامات تتحول إلى مناوشات واستفزاز واحتكاك مع الشرطة ثم مع عناصر من القوات المسلحة. أدعوا المتشككين للتصديق، فمن الأحوط افتراض صدق الخبر ما دام الأمر يتعلق بحدث جلل مثل أمن البلاد وسلامة الدولة. السؤال الأهم هو ماذا يجب علينا فعله إن صح الخبر وكان هناك مثل هذه المؤامرة؟ ما العمل؟ كيف نواجه هذه المؤامرة الدنيئة؟ هناك استراتيجيتان لمواجهة هذه المؤامرة الدنيئة: الأولى أن ندعو الناس للبقاء فى البيوت وعدم مطالبة المجلس العسكرى بأى شىء لفترة، بحيث لا يبقى فى الشوارع سوى المتآمرين فنقتلهم ونخلص منهم، أو يمر موعد المؤامرة وتروح عليهم الفرصة. مشكلة هذه الاستراتيجية أن الناس غاضبة على المجلس العسكرى لأنهم شاهدوا زملاءهم يقتلون ويسحلون وينكل بهم ويعذبون أمام أعينهم خلال الشهور الماضية، وبالتالى من الأرجح أن لا يستجيبوا لتلك الدعوة المخلصة ويبقوا فى المنازل حتى يفوت يوم 25 يناير المخيف، وبالتالى ينزلون للشوارع وتحدث المناوشات ويقع المحظور. ولذا أقترح على المجلس العسكرى استراتيجية أخرى، أعتقد أنها ستكون أكثر فعالية، لأنها تحمى الأهداف الثلاثة التى تريد المؤامرة إسقاطها (العملية الديمقراطية، سلامة الجيش وعلاقته بالشعب، وسلامة مؤسسات الدولة الأخرى). هذه الاستراتيجية تتكون من ثلاث خطوات: أولا، يعلن المجلس العسكرى تمسكه بالتحول الديمقراطى وتصميمه على إجراء المرحلة الثالثة من الانتخابات، بحيث يكون لدينا مجلس تشريعى منتخب فى منتصف يناير. ثانيا: يعلن عن اتخاذه الإجراءات المطلوبة لتصحيح علاقة الجيش بالشعب وإعادتها إلى ما كانت عليه، وهى إحالة المسؤولين عن قتل المواطنين والتنكيل بهم فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود والشيخ ريحان للمحاكمة العسكرية فورا، مع حضور ممثلين من منظمات حقوق الإنسان المدنية لهذه المحاكمات وتأكدها من تنفيذ ما يتخذ من عقوبات. والاعتذار الواضح والصريح للضحايا وأسرهم. والتحقيق مع من قاموا باحتجاز وتعذيب وإساءة معاملة المواطنين والمواطنات ومنع العناية الطبية عنهم، سواء فى أماكن الاحتجاز بمحكمة زينهم وغيرها أو بالمستشفيات، وتقديمهم للمحاكمة العسكرية بنفس الأسلوب المتبع مع من أطلقوا النار على الناس ونكلوا بهم. ثالثا، لحماية مؤسسات الدولة، يعلن المجلس العسكرى عن ثلاثة إجراءات متكاملة: عزمه تشكيل حكومة وحدة وطنية تعكس نتائج الانتخابات التشريعية، فور إتمام هذه الانتخابات، وتشكيل هيئة مستقلة بقيادة قضاة وشخصيات حقوقية مشهود لهم بالاستقلال تضع خطة إعادة هيكلة أجهزة الأمن وتشرف على تنفيذها. وتسليم مؤسسة الرئاسة فورا لشخصية مدنية منتخبة إما مباشرة من الشعب وإما من مجلسه المنتخب. أما فى ما يتعلق بعزم المؤامرة استدراج الجيش والشرطة إلى مواجهات مع شباب الثورة يوم 25 يناير القادم، يعلن المجلس العسكرى أن قوات الأمن لن تغادر المقار الحكومية المستهدفة، ويدعو ممثلين عن منظمات حقوق الإنسان وائتلافات الثورة لتعيين مراقبين منهم يصاحبون هذه القوات فى وجودها داخل المقرات وفى تنقلها وانتشارها إن دعت الضرورة إلى ذلك. إذا فعل المجلس العسكرى هذا لقضى على خطة إسقاط الدولة من أساسها، ولالتف شباب الثورة وعواجيزها حوله وحملوه على الأعناق ورفعوا صورته كحامى حمى الثورة وراعيها. إذا فعل المجلس العسكرى هذا لسقطت المؤامرة الدنيئة ضد مصر وثورتها النقية، وبات المتآمرون يعضون على أصابع الندم ويحسدون مصر وجيشها على قيادته الحكيمة.