محافظ القليوبية يعتمد تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي العام    طلاب جامعة الإسكندرية يستقبلون عميد كلية الأعمال بممر شرفي (فيديو وصور )    الطقس والكهرباء يرفعان أسعار الدواجن بالأسواق    تراجع أسعار المنتجين والواردات في سويسرا خلال مايو الماضي    جهاز تنمية المشروعات يوقع عقد جديد للتمويل متناهي الصغر    شهيد ومصابان بقصف للاحتلال قرب ميناء غزة    واشنطن تطالب الحوثيين بالإفراج عن موظفين يمنيين بمنظمات دولية    الناتو: فرنسا ستظل حليفا قويا ومهما لنا بغض النظر عن حكومتها المقبلة    وزير الخارجية العراقي: أي هجوم على جنوب لبنان سيشكل خطرا كبيرا على المنطقة    انطلاق شارة بدء ماراثون الدراجات في بني سويف ضمن الاحتفال باليوم العالمي للدراجات    استبعاد لاعب بيرو من كوبا أمريكا بسبب طلب غريب    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام سموحة بالدوري المصري    ضبط 41 قضية مواد مخدرة خلال حملة أمنية بالقليوبية    ضبط 908 مخالفات سير بدون رخصة قيادة خلال حملة مرورية بالإسكندرية    أول قرار من المحكمة بشأن محاكمة عمرو دياب بتهمة "البلطجة والتنمر"    سلمى أبو ضيف تنشر صور عقد قرانها على إدريس عبد العزيز    هاجر أحمد تكشف عن صعوبات تصوير فيلم «أهل الكهف»    محافظ كفر الشيخ يكلف بالإسراع في إنهاء ترميم مسجد «أبو غنام» الأثري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 13-6-2024    أستاذ طب نفسى: اكتئابك مش بسبب الصراعات.. إصابتك بالأمراض النفسية استعداد وراثى    «عنيف ومش في صالحه».. شوبير يرد على بيان بيراميدز بشأن أزمة رمضان صبحي    حظر وضع أسماء الدول على العلامات التجارية لشركات التدريب المهني    بمشاركة عربية وأفريقية.. انطلاق قمة مجموعة ال7 في إيطاليا    بدء تصعيد حجاج القرعة فجر غد للوقوف بعرفات لأداء الركن الأعظم    تأجيل محاكمة 4 متهمين شرعوا في قتل مزارع بكرداسة إلى 11 سبتمبر    الحبس سنة لعصابة سرقة الشقق السكنية بالسلام    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العجوزة دون إصابات    بعد قليل.. النطق بالحكم على 16 متهمًا بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    حريق ضخم بالخرطوم بحري.. ومجلس الأمن يعتزم التصويت لوقف حصار الفاشر (تفاصيل)    وسائل إعلام عبرية: دوي 3 انفجارات في ميناء حيفا ومحيطه    التعليم العالي تعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    محافظ القليوبية يقود حملة لإزالة التعديات على 2300 م2 أرض زراعية بالخانكة    "سويلم": روابط مستخدمي المياه تمثل منصة تشاركية للمزارعين للتعبير عن مطالبهم    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    ضياء السيد: طلب كولر بشأن تمديد عقد موديست منطقي    أخصائية تغذية تحذر من منتجات غذائية شائعة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان    نصائح صحية لتقوية مناعة طلاب الثانوية العامة خلال فترة الامتحانات    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    الدول العربية تعلن إجازة عيد الأضحى.. مصر الأطول ب9 أيام ولبنان الأقصر ب«يومين»    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الأول للخريجين    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزيرة الهجرة تشيد بتشغيل الطيران ل3 خطوط مباشرة جديدة لدول إفريقية    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دم البرادعي

ليس الأمر محلا للسخرية فالضحك عليه أقسى من البكا.. إنه أمر جلل. ففى مجتمع صار قطاع عريض من أهله – بكل أسف – يدين بنهج هؤلاء ويستهدى فى علاقته بالعالم بنواتج فكرهم، تصير فتوى المدعو محمود عامر تحريضا مفزعا على القتل لمواطن مصرى قبل أن يكون وطنيا مخلصا. وأقسم أن توجسى وخوفى عظيمان، أخاف ان يكون كلامه المجاوز للمنطق والعقل مقدمة يستخدمها ضوارى النظام لتصفية البرادعى ثم ينسبونها لقطاع “المخابيل فى خدمة السلطان” هذا الذى ينتج مثل هذه الفتاوى الدموية
يقول هذا المحرض على القتل لموقع مصراوى ما نصه: الكلام الذي قاله البرادعي كثيرا عن الدعوة للعصيان المدني قاله أكثر من مرة ولم ينكره، وقد جمعت ما قاله نصا من أكثر من مصدر حيث قال “يجب على النظام أن يفهم أننا من حقنا أن ننزل في مظاهرات سلمية للمطالبة بالتغيير يجب أن يفهم أننا إذا اضطرينا سنلجأ إلى العصيان المدني”، وأنا لا أنكر ما قلته بضرورة استتابة البرادعي أو قتله لأن هذا ما فهمته للحكم الشرعي في هذه المسألة ومن كانت عنده حجة أقوى مما ذكرت فأنا مستعد لتغيير كلامي، واذهبوا بما قلته واعرضوه على مشيخة الأزهر ومجمع البحوث ودار الإفتاء.
وكلامه هذا وان كان لا يستحق المناقشة وقانونا يوجب الحجر على صاحبه، وهو فى ذاته جرم صريح بنص القانون، إذ يقع محل التحريض على القتل. سأحاول تحليله ودافعى لمناقشة الكلام – دون ايلاء الاعتبار لشخص قائله معدوم الوزن- ان كثيرين من أتباع مذهب هذا الشيخ ربما يتداولونه الآن، وما من مانع أن يجتمع فى قبو منتن نفر منهم يناقشون كيفية إنفاذه.. المتبعون لمثل هؤلاء فى مصر كثيرون للأسف، يضلون بضلال شيوخهم المغتربين غربة عقلية وروحية رهيبة ولا يدفعهم عن استحلال الدماء أى عقل أو روية وما عهد الاستحلال وسفك الدم ببعيد
قول الشيخ يثبت أن لدى الرجل ضلال عظيم لا مراء.. وكلامه نتاج عجز كامل عن فهم معنى استراتيجيات اللاعنف الهادفة للتغيير فى مجتمعات الاستبداد والاستعمار المسماة بالعصيان المدنى. وهو يضل حتى عن أبسط قواعد المنطق، وترافق مع جهله بالعصيان المدنى ومعناه وأهدافه وكيفياته، ميل وتعجل لاصدار فتوى الدم بحق البرادعى.
يدفعنا هذا للتنبيه لحقيقة ان الافتاء الاعمى قد صار خطرا قوميا يجب التضامن لوقف تمدده وتصفية منابعه. فكثير ما تكررت أحوال اختطف فيها أفراد – نسبوا أنفسهم للدين وعلومه- سلطة سلب الارواح، وهى لعمرى مزية خطرة، لا يقر عاقل ان تكون متاحة لكل متكلم فى الدين لمجرد انه يرغى بتحد يليق بجهول قائلاً: “كلامي مستمد من فهم النصوص وتفصيل العلماء” ويعتبر مزهوا وهو يلف حول عنقه مسئولية روح قد تهدر على يد شاب نزق متعجل أن ما قاله فى فتواه: “هو عين العقل لأنه يمنع الشر العام”.
وبغض النظر عن غموض مصطلح الشر العام الذى لاكه محمود عامر فى تسبيبه لدعوته بقتل البرادعى (بعد استتابة قد لا تحدث كما جرت لديهم العادة)، وفساد فهمه لسبل الوقاية مما يعتبر شرا عاما ان تبنينا ساخرين ساخطين مصطلحه، لابد لنا من الإشارة لضرورة العمل كمجتمع وكنخبة مثقفة على توعية الخلق بأن التوقى من أنظمة قانون لم يتفق عليها المجتمع عبر عملية مقننة ومقرة أمر واجب، حتى لو تكلم قائليه باسم الدين والإله. إنها أنظمة اقتضاء فردى خاص، تجاوزتها الأمم المتحضرة، ولا يقرها تاريخ القضاء الإسلامى ولا أى تطور قانونى عرفته الخبرة العملية فى تطبيق الشريعة الإسلامية عبر التاريخ، إنها مجرد رسائل للقتل تتوسل وتتذرع بالشرع الحنيف لتحصيل أهداف دموية ترضى النفسية المريضة لمطلقيها
يقول هذا الشيخ مبررا دعواه السوداء: فمهما كانت سلبيات النظام القائم في نظر البعض فإن ضررها لا يُذكر بجانب الأضرار التي ستتأتى من العصيان المدني أو العسكري أي الصراع على السلطة، فالأضرار الأخيرة فتنة عامة يصعب السيطرة عليها إلا بالدماء، فهل من عاقل يُقر سفك الدماء.. ورغم انه لم يستفد من قوله الأخير ان العقلاء لا يقرون سفك الدماء، تجد فى العبارة مصدر الفزع.. إنه الجهل بكيفية تكوين تصور يشكل أسبابا معتبرة عقلا لحكم ما.. ففى العبارة الاخيرة ما يؤكد كيف أنه ععالة على الشرع والفقه حيث يخلط بين غير الأشباه، وهو عمل لا يقع فيه صبى فى فصل ابتدائى لدراسة الشريعة. جعل شيخ الدم العصيان المدنى (الذى يتغيا استراتيجيات اللاعنف ويقضى بحرمة سفك الدم فى العمل المعارض والمعقاوم)، مثله كمثل العصيان العسكرى (وهو استراتيجية عنيفة انقلابية نتائجها عادة دموية وشديدة العنف).. وخلط بينهما وبين الصراع على السلطة ( وهو مصطلح يشير لجملة التفاعلات السياسية بين القوى السياسية والحزبية منها على وجه الخصوص فى فضاء سياسى تحكمه أطر قانوينة واجرائية غير عنيفة). وبالطبع هى أشياء متمايزة لا يجهل الفارق بينها إلا العوام ممن لم يحسن تعليمهم، والذين لا يعملون السياسة أصولا وعلوما. ويخلطون بين المعصية والعصيان والتمرد.. وكأنه ذنب علينا أن يهب مثل هؤلاء ليتجشأوا فى الوجوه بغير أدب كلامهم المبتذل ويعرضونه منسوبا للفقه والشرع
.
ويؤكد المشكوك فى صحته العقلية هذا: أنه شخصيا يري أن البرادعي يستخف بعقول الناس فيحثهم على العنف وفي الوقت نفسه يتبرأ منه، يحثُّهم على العصيان المدني ويدعي أنه مسالم في دعواه” ويضيف معلوما بالضرورة مفاده أن: “الرئيس مبارك هو حاكم البلاد الشرعي”، لخرافة يصيغها بلغة الشرع ويلبسها ثوب الدين وهى أن: “منازعته لا تجوز شرعاً وعقلاً وواقعاً” ويكمل جريمته الفقهية ينسبها بالزور للنبى بهوى مشبوه هاتفا: “فمن جاءنا يريد أن يفرق جمعنا في مصر فالحديث واضح فاقتلوه كائناً من كان” ملقيا بقول قيل فى واقع مغاير ومختلف وخاص جدا كأنما هو حكم بات بحق رجل أراد أن يمارس ماهو معروف من السياسة بالضرورة ودعا لكل ما هو معتبر ومحترم فى العالم أجمع.
ولأن الحكم على الشئ فرع عن تصوره كما يقول أهل الفقه فمدخل التحريض على القتل – ولنسمى الأشياء بمسمياتها القانونية – الذى مارسه الشيخ عبر ما يعتبره فتوى شرعيه، هو فهم ملتبس ومغلوط ومشوه لكلام وتحركات الدكتور البرادعى، ولمفاهيم العصيان المدنى ولاستراتيجيات اللاعنف.. ويبدو أن الشيخ الذى ينتمى لاتجاهات لم تر غير القتل سبيلا للتغيير فى زمن سطوتها وتغولها، لا يفهم معنى آخر للتغيير السياسى.
وتطرح دعاوى القتل ورسائل التحريض عليه التى تسمى زورا بفتاوى شرعية قضية ثقافية فى مجتمعنا، قضية لم تحسم منذ عهد بعيد، دأب فيه البعض على قمع الخصوم عبر التهديد بتسبيب فقهى فاسد يعنى جعل قتلهم قربى إلى الله، وزود عن بيضة الدين. كيف لنا أن نقطع الطريق كلية عن هؤلاء، كيف لنا أن نجعلهم منبوذين ينفر عموم الناس منهم، ومن بلى وخوار أفكارهم، ليموتوا فى قبور كراهيتهم المخزونة
جريدة البديل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.