رئيس الوزراء يشارك في فعاليات مؤتمر «يوم مؤسسة التمويل الدولية»    مصر تعلن دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    احتفالات جنونية لنجوم ريال مدريد مع الجماهير| صور    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة CIB العالم للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    مدير تعليم الجيزة يتفقد سير الامتحانات بلجان إدارة جنوب الجيزة التعليمية    الدفاع الروسية: إسقاط 6 مروحيات و36 مسيرة للقوات الأوكرانية وتحرير 4 بلدات بخاركوف    قيادي ب«فتح»: عرض واشنطن معلومات استخباراتية عن قادة حماس مقابل رفح «مثير للسخرية»    شكري: توافق دولي حول عدم توسيع رقعة الأعمال العسكرية في رفح الفلسطينية    التقديم 18 مايو.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم ب"معهد معاوني الأمن"    «ثقافة النواب» توافق على موازنة «الأعلى للإعلام».. وجدل حول بدل التدريب للصحفيين    مجاني وبدون تقطيع.. مباراة مانشستر يونايتد ضد أرسنال بث مباشر | الدوري الإنجليزي 2024    حُسم الأمر.. وكيل ليفاندوفسكي يعلن مصيره النهائي    مصر تعلن اعتزامها التدخل دعما لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص فى ترعة ببنى سويف    قصور الثقافة تقدم 20 عرضا مجانيا في موسم المسرحي بالزقازيق وكفر الشيخ    رئيسة الأوبرا تصدر قرارا بتكليف خالد داغر مديرا لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    الصحة: الجلطات عرض نادر للقاح أسترازينيكا    لحماية صحتك.. احذر تناول البطاطس الخضراء وذات البراعم    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    مظاهرات الجامعات توقظ ضمير العالم    هشام آمنة: 256 مليون جنيه لتطوير منظومة إدارة المخلفات بالمنوفية    بطاقة 600 طن يوميًا.. إنشاء مصنع لتدوير المخلفات الصلبة فى الدقهلية    عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري بشأن "تكوين"    روبوت للدفاع المدنى.. مشروع لطلاب جامعة أسيوط التكنولوجية    أخبار الأهلي: غضب في الأهلي من اتحاد الكرة بسبب 3 ملفات    تحصين 586 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع بالشرقية    مواعيد امتحانات كليات جامعة حلوان الفصل الثاني 2024    مصرع شاب أسفل عجلات القطار بالمحلة الكبرى    إصابة سائق على يد 3 متهمين خلال مشاجرة بينهم بسبب خلافات سابقة    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته في الفيوم لعدم حضور الشهود    إعلان خلو مقعد الراحل عبد الخالق عياد من الشيوخ وإخطار الوطنية للانتخابات    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    الآثار تنظم سلاسل فعاليات ومعارض مؤقتة بالمتاحف احتفالا بهذه المناسبة    رئيس اليونان تزور المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية (صور)    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    جامعة الأقصر تخطط لإنشاء مستشفى وكليتي هندسة وطب أسنان    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    بعد افتتاح السيدة زينب، الأوقاف: خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بأفغانستان إلى 315 شخصًا    مجلس الجامعات الخاصة يكشف قرب الانتهاء من إنشاء 7 مستشفيات    8 نصائح لتقليل خطر الإصابة بسرطان المبيض    قبل انطلاق الامتحانات.. رابط الحصول علي أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024    رئيس تحرير الجمهورية: بناء الأئمة والواعظات علميًا وخلقيًا ومظهرًا وأداءً من بناء الدول    بايرن ميونخ يستهدف التعاقد مع مدرب "مفاجأة"    حريق يلتهم سيارة داخل محطة وقود في أسوان    إيرادات مفاجئة لأحدث أفلام هنا الزاهد وهشام ماجد في السينما (بالتفاصيل والأرقام)    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    الأحد المقبل.. إعلان تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان    مدبولي: نراقب الدين العام ووضعنا قيودا على النفقات الحكومية    الإفتاء: توضح حكم سرقة التيار الكهربائي    حازم إمام: لا تذبحوا شيكابالا.. وغيابه عن نهضة بركان مؤثر علي الزمالك    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    جلسة مرتقبة بين حسين لبيب ولاعبي الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلسلة ظهر مصر المنهوبة


20/ 7/ 2010
فى روايته الأشهر «العجوز والبحر» يتناول كاتب أمريكا الأكثر عذوبة إرنست هيمنجواى حكاية البحار العجوز سنتياجو، الذى عانده الحظ فى طلعات الصيد يومًا وراء يوم وتعرض لسخرية الصيادين الشباب فخرج فى رحلة صيد أخيرة، اصطاد فيها أكبر سمكة يمكن أن يسيطر عليها صياد، وخلال ليلة من الصراع الوحشى بين العجوز والسمكة تعرض المركب لمخاطر الانقلاب وأدميت يداه لكنه تمكن فى النهاية من إذلالها وبدء رحلة العودة منتصرًا، لكن سمكته الذليلة تتعرض خلال رحلة العودة المضنية إلى نهش أسماك القرش. وفى النهاية ارتفعت الشمس على الصياد العجوز المنهك مستغرقًا فى نومه بينما يتأرجح مركبه مع السلسلة العظمية المشدودة إليه، مبهرة فى حجمها، ولكنها عديمة النفع.
عظمة الرواية فى كونها تصلح للقراءة على أكثر من وجه؛ يمكن أن نرى فيها أمثولة لصراع كل البشر فى الحياة، حيث يجرى المتصارعون جرى الوحوش ويخرجون فى النهاية بسلسلة عظمية تطول أو تقصر، لكنها عديمة النفع أو ربما مؤذية بأشواكها.
واليوم تلح على مخيلتى صورة الهيكل العظمى لسمكة سنتياجو بوصفه دليلا على ما حدث فى مصر خلال العقدين الماضيين، حيث نجح الصياد فى الحفاظ على توازن المركب، بينما لم يكن يجر خلفه سوى سلسلة عظمية بائسة.
كان كُتّاب المدائح على مدى عقد التسعينيات يركزون على مهارة الرئيس فى الحفاظ على توازن المركب وسط الأمواج. ولا أحد ينكر أثر انهيار الاتحاد السوفيتى وانتهاء رعب الردع المتبادل فى تغيير التوازن بالشرق الأوسط والتقليل من أهمية القوى الإقليمية وتقلص مساحات الحركة أمامها، لكن القوى الحية لا تستسلم بسهولة وتحاول تعظيم أدوارها وليس مجرد البقاء على قيد الحياة؛ لأن ما يمكن اعتباره بطولة بين مجموعة من صيادى كوبا، لا يكون كذلك على مستوى قيادة الدولة.
وبوسع سنتياجو أن يفخر بالبرهان العظمى ويعيش على صدقات ومساعدات زملائه، لكن ليس بوسع دولة أن تعيش على صدقات وإحسانات الدول الأخرى، وليس بوسع الغالبية الساحقة من سكانها أن تعيش على إحسانات رجال الأعمال.
وأمامنا تجربتان فى التنمية بالمنطقة يمكن القياس عليهما لتشابههما مع الحالة المصرية، هما إيران وتركيا.
تعرضت إيران لحالة عداء سافر من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تعرضت تركيا لحالة الدس والكراهية الدفينة التى ظاهرها الصداقة، تمامًا مثل الحالة المصرية.
وعلى الرغم من الفرق فى الموقف الأمريكى بين الحالة الإيرانية والحالتين المصرية والتركية، فإن ما يراد للدول الثلاث واحد، وهو البقاء بين الحياة والموت، لأن الموت الكامل يقود إلى الفوضى، والحياة الكاملة تقود إلى التمرد وتعطيل المصالح الأمريكية.
والطريف أن مصر لا تشبه تركيا وإيران من حيث القدر والتحدى السياسى فقط، بل تشبهها من زاوية تنوع الموارد الطبيعية وتوازنها، ووفرة الموارد البشرية، وهذه الميزة الأخيرة ليست بالأمر الهين؛ فنقص هذه الموارد لم يعد مأزق دول الخليج فقط، لكنه صار مأزق أوروبا العجوز، التى لم يعد مواطنوها يستطيعون إدارة حياتها بالكامل، حتى ولو من باب الخدمات والعمالة العادية كالنظافة والخدمة فى المطاعم.
وقد استطاع خلفاء الخومينى حتى هذه اللحظة التوازن فى المركب، بينما يجرون وراءهم سمكة لم تستطع أسماك القرش النَيْل منها، على الرغم من نظامها السياسى المتسلط، أما تركيا فقد استطاعت بالديمقراطية المشروطة والمحروسة بعلمانية العسكر الإجبارية من صنع دولة عصرية قوية، يحلم الأمريكيون وغيرهم بزيارتها سُيّاحًا لا غزاة، بينما استلطفت مصر حالة الفوضى التى لم تأخذ من النظام التسلطى انضباطه، ولم تأخذ من النظام الديمقراطى المساواة التى تعزز الحافز الفردى لدى الأفراد وتدفعهم للإنجاز.
وكانت النتيجة أن أطبقت أسماك القرش على مصر؛ لم يعد بأيدينا شىء من أوراق اللعبة فى ملف الشمال، ثم توالت الانهيارات فى الجنوب؛ بوادر انقسام السودان لم نفلح فى لعب دور فيها، ثم العبث فى مقدرات مصر المائية.
استطاع الأتراك والإيرانيون الوصول بصيدهم إلى الشاطئ سليمًا؛ بينما لم يتبق من سمكتنا إلا شوكة فى حلوقنا، بؤسًا فى العيش، وفوضى وانعدام أمان وانعدام أمل فى المستقبل.
ولا يمكن أن نلقى بالتهمة على أسماك القرش لأنها موجودة فى كل البحار، لكنها لم تبدأ النهش إلا بعد أن أكلت الديدان قلب السمكة من الداخل، فى أغرب عملية جمع بين السلطة والثروة، وتصالح مع الفساد بوصفه قدرًا لا يمكن الفكاك منه، فلا قانون يردع، ولا ضمير يمنع من مصمصة آخر ما فى هيكل عظمى مخيف لبلد كان اسمه مصر.
المصدر:جريدة المصرى اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.