أولا، لجلست مع نفسى جلسة لعدة دقائق وأمامى ورقة بيضاء أكتب فيها ما يلى: «نائب عن الأمة فى مجلسها للرقابة والتشريع» بما يعنى التزاما ثلاثيا بصفتى عبدا مسئولا أمام الله فلا أضيع الأمانة، ونائبا عن شعب مصر فلا أقصر تجاهه، وصاحب منصب فلا يليق بى أن أنال منه: أنا عبدالله فلان الفلانى مسئول أمام ربى، نائب عن شعبى، وعضو فى المؤسسة التشريعية الأهم فى جمهورية مصر العربية. ولو كنت أنا هذا الشخص، لكررت هذه العبارات عدة مرات حتى أتفهم معانيها وأستوعب متطلباتها.
ثانيا، لاجتمعت مع عدد من زملائى داخل البرلمان الأقرب إلى فكريا ونفسيا لنضع لأنفسنا برنامج عمل كى نقدمه لرئيس المجلس ولزملائنا بتواضع من يريد لهذه البلد خيرا، وليس بمنطق من يريد أن يفرض رأيا على الآخرين ولسان حالنا: «من جاء بخير من ذلك قبلناه».
ثالثا، لجعلت من مجلس الشعب يفكر بمنطق «استلام» مؤسسات الدولة المصرية، وليس تصويب سهام النقد (وربما النقض) للقائمين عليها. نحن فى أعقاب ثورة: وبالتالى ليس من المنطق أن يكون مجلس الشعب المكان الذى يأتى إليه الوزير ليقول ما عنده ويسمع ما عندنا وكل واحد «يروح لحاله». كل لجنة من لجان المجلس عليها مسئولية الذهاب إلى الوزارات والهيئات المختلفة لتعرف ما الذى يحدث هناك، وهذا ممكن بحكم القانون ولائحة المجلس. هناك وزراء ووزارات وكأنها لا تعمل ولا تريد أن تعمل. مثلا هناك صناعات يمكن أن تنهار فى مصر إن لم نتدخل وبسرعة، خذ مثلا صناعة الحديد فى مصر بسبب غياب الرؤية وتداخل الاختصاصات بين وزارات مختلفة مثل التجارة والصناعة والكهرباء والاستثمار وهناك آلاف العمال مهددون بألا يجدوا عملا خلال أشهر، وهناك مصانع ستغلق لأن السادة الوزراء لهم حسابات متضاربة والسيد رئيس الوزراء يبدو وكأنه لا يريد أن يتخذ قرارات. ما هو دور السادة النواب فى مثل هذا الأمر؟
رابعا، لو كنت عضوا لطلبت من الزملاء أن يتوقفوا عن الكلام خارج إطار موضوع النقاش أو فى قضايا جزئية تكتيكية وإنما فى القضايا الإستراتيجية الشاملة، لا ينبغى أن يتحول مجلس الشعب إلى سوق عكاظ للبلاغة والمبارزات الشخصية. حتى الآن أرى القليل من المهام التشريعية أو الرقابية والكثير من المباريات الخطابية، ولو استمر الأمر على هذا النحو فسيتحول المجلس إلى عالة على التحول الديمقراطى والإصلاح المؤسسى وليس قائدا لهما.
خامسا، لو كنت عضوا فى المجلس لحرصت أن يكون أغلب أعضاء الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور من خارج المجلسين.
سادسا، لذكرت نفسى دائما بأن الحكمة هى أن نعرف ما الذى علينا تجاهله والتركيز على أولويات المجتمع واحتياجاته وليس خلق صورة ذهنية شخصية عن الأعضاء.
سابعا، لأدركت تماما أن الوقت ليس موردا غير محدود ولا ينبغى علينا أن نؤجل عمل اليوم إلى الغد لأن التأثير السلبى للتأجيل يكون مضاعفا بعدد المتضررين من كل دقيقة تأخير. جريدة الشروق
ثامنا، لو كنت عضوا فى المجلس وفشلت فى تحقيق أهداف الثورة من حياة كريمة للمواطنين قائمة على الحرية المنضبطة والنهضة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية فسأجتهد فى إقناع زملائى بأن نتقدم باستقالة جماعية ونعيد للهيئة الناخبة حقها فى أن تختار غيرنا.
أتمنى (وأتوقع) أن يتحسن الأداء تباعا بعد نضج البعد المؤسسى واستشعار الاحتياجات المجتمعية ثم تكوين حكومة تحظى بثقة الأغلبية.