عندما ثار أعضاء السيرك مع عدد من فناني قطاع الفنون الشعبية احتجاجاً علي تدني الأجور كانوا من الذكاء عندما احتفظوا للبلياتشو بزيه التقليدي ليصبح عنواناً مميزاً لتلك الثورة الاحتجاجية التي تشبه أيضاً غضب البلياتشو الطيب، فهي لم تتعد عبارات مهذبة جداً تستجير بوزير الثقافة من وزير الثقافة أتذكر أنني شاهدت مشهداً ممثلاً في مهرجان «كان» قبل نحو عامين عندما ثار الممثلون المساعدون وانطلقوا بأزيائهم في الشوارع المحيطة بقصر المهرجان وتسبقهم فرق تعزف موسيقي وبعضهم حرص علي أن يضع مكياجاً صارخاً علي وجهه حتي يلفت إليه الأنظار.. أرادوا لثورتهم أن تصل ليس فقط للسلطة الفرنسية ولكن للعالم كله لأن المهرجان فرصة لا تعوض لكي تنقل كل وسائل الإعلام العالمية التي تتابع المهرجان تفاصيل هذه المظاهرة وهو ما حدث بالضبط، حيث إنني رأيت كيف أن الكاميرات التي كانت تتوجه صوب سلم قصر المهرجان تغير من زاوية الرؤية لتتابع هؤلاء المتظاهرين وكانت ثورتهم أيضاً من أجل زيادة أجورهم بما يتناسب مع زيادة أسعار المعيشة في فرنسا!! في مصر لا ترحب الدولة بالمظاهرة التي تجوب الشوارع.. توافق وتحت الضغط علي مظاهرة تقف علي سلم نقابة الصحفيين أو سلم نقابة الأطباء وفي العادة تري العديد من الصحفيين وعشرات من جنود الأمن المركزي يطوقون الوقفة الاحتجاجية خوفاً من أن ينضم إليها أصحاب مطالب أخري من الغاضبين وهم كثيرون من المصريين إنهم حزب الأغلبية في بلدنا.. وربما كانت المظاهرة قبل الأخيرة هي تلك التي وقف فيها عدد من المذيعين والمذيعات والفنيين أمام باب «4» في «ماسبيرو» تعد مؤشراً ملحوظاً علي انتشار ثقافة التظاهر وعلي نفس المنوال وقف المتظاهرون الغاضبون في فناء مسرح البالون مقر قطاع الفنون الشعبية.. أسلوب التظاهر عندنا هو محلك سر حيث لا يمكن أن تجوب مظاهرة الشوارع ولكن لن تستمر طويلاً قبضة الدولة ومن المؤكد أن المظاهرات السائرة علي الأقدام سوف تفرض نفسها وسوف يدرك أيضاً أصحاب هذه المظاهرات أنه لا يضيع حق وراءه «متظاهر»!!