إقبال واسع على تقديم طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بمحكمة جنوب القاهرة    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025.. جامعة جازان تتقدم أكثر من 200 مرتبة في تصنيف التايمز 2026    10 مرشحين يتنافسون على 4 مقاعد.. إقبال متوسط على انتخابات الأطباء بالبحيرة    وزارة الكهرباء: التوسع في أنظمة تخزين الطاقة بواسطة البطاريات لتعظيم الفائدة من المحطات الشمسية ومحطات الرياح    25 صورة ترصد فعاليات ماراثون للتوعية ضد شلل الأطفال بالأقصر    بكين تعلن إجراءات رقابية على صادرات التكنولوجيا الخاصة بالتربة النادرة    لاعب سابق في الفريق ومعجون كورة.. من هو مترجم ياس سوروب في الأهلي؟    انضمام المحترفين جوناس الملاح وكريم حسنين لمنتخب 2007.. وموهبة ثالثة في الطريق    القبض على متهم هدد المارة بسلاح أبيض في القاهرة    بإقبال كبير.. الموسيقى والغناء يزينان احتفالات نصر أكتوبر بوادي النطرون    فيلم هيبتا المناظرة الأخيرة يتعدى 7 ملايين إيرادات منذ عرضه    صحة الدقهلية: استئناف العمل بوحدة مناظير الجهاز الهضمي بميت غمر    تعرف على موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وغينيا بيساو فى تصفيات كأس العالم    هالاند لاعب شهر سبتمبر في الدوري الإنجليزي    ياسر ريان: الرئيس السيسي عاملنا هيبة فى الخارج وموقفه تاريخى فى اتفاق شرم الشيخ    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    حبس قاتل تاجر العسل بالغربية على ذمه التحقيق    ضبط 6 طن أعلاف مجهولة المصدر بالمنوفية    فرنسا: اتفاق شرم الشيخ خطوة تاريخية ونجاحه يجعله مشروعا للسلام الدائم    انقطاع المياه يثير غضب أهالي أبوصوير.. "من امبارح مش لقين نقطة نشربها"    مراسل القاهرة الإخبارية يرصد مشاهد مؤثرة من عودة النازحين لمدينة غزة.. فيديو    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    مهرجان الجونة.. استثمار فى الشغف وجمال السينما    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    لبنان: بيروت ودمشق اتفقتا على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة    اليونيسيف تحث على تدفق المساعدات إلى غزة    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    «قلبي قالي».. ياس سوروب يتحدث عن سبب اختياره تدريب الأهلي    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    بمشاركة 22 جامعة مصرية حكومية وخاصة.. اختتام برنامج محاكاة قمة المناخ COP30    «الداخلية»: ضبط شخص اعتدى على زوجة شقيقه وحطم محتويات شقتها بالدقهلية    قرار جديد من الجمارك المصرية.. إعفاء لهاتف واحد فقط لكل مسافر كل 3 سنوات    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    معاريف: نتنياهو يسعى لاستثمار زخم اتفاق وقف النار لتقديم موعد الانتخابات    زاخاروفا: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار بغزة وندعو إسرائيل وحماس للالتزام الكامل به    الصحة: الكشف الطبي على 3521 مرشحا لانتخابات مجلس النواب بجميع المحافظات    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    العثور على جثة سيدة مصابة ب3 طعنات داخل الملاحات بالإسكندرية    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    الداخلية تكشف حقيقة صور صبية يتعاطون المخدرات ويتحرشون بفتيات فى الدقهلية    لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    4 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي للحكومة ورسائل رئاسية مطمئنة للمصريين    سعر الأسمنت اليوم الجمعه 10 اكتوبر 2025 فى المنيا    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    «زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    أهم 30 دقيقة أعقبت إعلان إنهاء الحرب.. لماذا تأخر القرار حتى منتصف الليل؟    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كارت أحمر» لحكومة شرف و«كارت أصفر» للمجلس العسكري
عبدالحليم قنديل يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 10 - 07 - 2011

فاض غضب الشعب المصري، وتدفقت ملايين الشعب تدق الكعب إلي ميدان التحرير، وإلي ميادين الغضب الساطع في عواصم ومدن مصر الكبري.
أنهي الشعب انقسام قواه الوطنية، وتراجع الإخوان وجماعات التيار الإسلامي عن المقاطعة النشاز، وبدت جمعة 8 يوليو 2011 بنتاً عفية أصيلة لجمعة 27 مايو 2011، والتي جرب الإخوان مقاطعتها، ونجحت بأكثر مما حلم به دعاتها، وفرضت معادلة شارع جديدة، أنهت وهم احتكار الإخوان لحشود الشارع، وأسقطت أسطورة فتوات الحارة، والتي بدت نوعا من البلطجة السياسية تسند بلطجة المطاوي والسنج، وتريد أن تعطل الثورة، وتحبسها في تصرفات مثيرة للضجر، وتجلب خيبة الأمل، وتستهدي بفكرة ممالأة السلطات أيا كان اسمها، وبدواعي الغرض الذي هو مرض، ثم ثبت لجماعة الإخوان أن هذه هي سياسة الانعزال بذاتها، وأن التحاقها بالثورة ومظاهراتها وجمعاتها وميادينها هو الأقوم سبيلا، وحسنا فعلوا، حين نزلوا علي حكم الشعب وجماهير الثورة.
ورغم تصرفات هنا وهناك، وعناد يركب الرأس، وخناقات المنصات والهتافات، فقد أسقط نداء الثورة الشعبية غالب ظواهر الانقسام السياسي، وبدت الوحدة ممكنة علي أساس إنقاذ «الثورة أولا»، فالثورة هي الأصل، وهي ثورة الشعب المصري بغالب طبقاته وفئاته، وعلي اتساع الجغرافيا المصرية، وليس لقوة سياسية من فضل فيها، إلا أن تكون التحقت بها، وأخلصت لأهدافها الكبري في طلب العدالة والحرية والكرامة، وليس سرقة شعاراتها علي طريقة «اخطف واجري»، وتوظيفها في السيرك السياسي القديم نفسه، وصرف النظر عن الثورة المهددة بالسرقة، وبوجوه الغدر، وخطط الاحتواء والاغتيال، فالأولوية الآن للثورة، الأولوية الآن لكنس النظام المخلوع رأسه، الأولوية الآن للتطهير الشامل، وفتح الطريق لبناء نظام جديد، نظام يليق بمصر، وببركة دم الشهداء، وبالثورة الفريدة التي هي واحدة من أعظم انتفاضات التاريخ، ويريدون الآن تحويلها إلي زوبعة في فنجان قهوة سادة.
وبقدر ما بدت الثورة عفية وكاسحة في جمعة 8 يوليو، وبقدر ما أسقطت من ظواهر انقسام سياسي عكرت صفو النبع العظيم، بقدر ما أزالت من أكدار، بقدر ما أكدت علي انقسام آخر يبدو كعقبة كبري، وينذر بالخطر، فقد بدت سلطة ما بعد الثورة في قفص الاتهام، وبدت مشاعر الملايين التلقائية في حالة غضب جارف من المجلس العسكري وحكومته، فقد تراجعت أحوال الرضا الأول، كانت الثقة في أعلي ذراها مع خلع مبارك، ومع إعلان المجلس العسكري تسليمه بشرعية الثورة، وانحيازه لمطالبها وأهدافها، وبعد خمسة شهور من حكم المجلس العسكري، يبدو رصيد الثقة في أدني درجاته، وسرت حالة من التشكك في القرارات، والضيق من التباطؤ الموحي بالتواطؤ، وهو ما حذرنا منه مراراً، وما من سميع ولا مجيب، فقد بدا المجلس العسكري في وضع مشجع لإثارة الريب، يتحدث كثيرا عن الثورة، ولا يكف عن إصدار البيانات، ويملأ الدنيا كلاما دون فعل حقيقي مكافئ، ودون التزام خالص ونهائي بأقدار الثورة وأهدافها الشاملة، والثورة لا تحتاج إلي تفاسير وشروح، الثورة هي الثورة، وحصاد الشهور الخمسة لا يبدو مريحا، والخطي متباطئة، تراوح في المكان ذاته، فلا النظام القديم جري كنسه، ولا النظام الجديد جري التقدم الجدي إليه، وكل ما جري أقرب لتغيير وجوه علي طريقة إحلال الأسوأ، والإيحاء بتغيير في المبني دون تغيير حقيقي في المعني، وكأن نظام مبارك علي حاله بغير رئاسة مبارك نفسه «!».
بدت رسالة الغضب المصري الساطع ظاهرة في جمعة 8 يوليو، وغالب الظن أنها لن تكون آخر جمعة غضب، ونرجو أن تكون الرسالة وصلت، وأن يتم التصرف علي مقتضاها، فلا شيء من تصرفات الشهور الخمسة قابل للتكرار ولا الاستنساخ، والشعب المصري لن يغفر لأحد ممن يظلمون ثورته، أو ينتكسون بها، أو يتحايلون عليها، والكرة الآن في ملعب المجلس العسكري، ولا نقول في ملعب الجيش المصري، فالجيش جزء من الشعب المصري، ووحدة الشعب والجيش غير قابلة للانفصام، وتصرفات المجلس العسكري للأسف تنتقص من مبدأ وحدة الشعب والجيش، فالناس تشك في حقيقة ما يجري، وعندها كل الحق، فلا شيء يمضي إلي غايته، ومحاكمات مبارك وعائلته ورجاله ونسائه تبدو كلعبة هزلية، أنباء عن تحقيقات هنا أو محاكمات هناك، ودون نتائج تغري بالتصديق، فالسوس ينخر في القصة كلها، تحاكمون الفاسدين بقانون وضعه الفاسدون ذواتهم، وكأننا بصدد سرقة فرخة أو حبل غسيل، ثم تفاجئنا البراءات وإخلاءات السبيل، وبدعوي مراعاة إجراءات القانون العادي، وهذا كلام لا معني له، فهو الحق الذي يتلبسه الباطل، فالثورة تعني بالبداهة هدم نظام قانوني، وبناء نظام آخر، وقد سقطت شرعية قوانين نظام مبارك جميعا، وسقطت شرعية نائبه العام، والمطلوب بالبداهة قانون خاص للمحاكمات، المطلوب: قانون للفساد السياسي، أو عودة لقانون الغدر الذي أنشأته ثورة 1952، ودونها سوف تتداعي فصول الهزل، ادعاء بإقامة محاكمات لامتصاص غضب الرأي العام، ثم الغدر بالناس في أقرب فرصة، وإصدار أحكام بالبراءة، أو تقديم أكباش فداء هنا أو هناك، والتضحية بالأصغر حماية للشيطان الأكبر، وعلي طريقة الحكم بإعدام أمين شرطة هارب، وتحصين الضباط من المجرمين الكبار، بل وإخلاء سبيلهم علي نحو ما جري في محاكمة قتلة شهداء السويس البطلة، أو تقديم السفاح حبيب العادلي كمتهم رئيسي، وحماية مبارك في منتجع شرم الشيخ، وتأخير المحاكمة انتظاراً لعزرائيل خلاصا من دواعي الحرج، أو اصطناع محاكمة صورية علي طريقة مرافعات فريد الديب محامي مبارك والجواسيس، ربما تنتهي بتبرئة مبارك نفسه، أو منحه وساما علي سبيل التكريم لدوره في نهب البلد وإذلال وخيانة الشعب المصري.
نعم، علي المجلس العسكري أن يعي حقيقة شعور الناس، فنحن بصدد ثورة ثانية إنقاذاً وإنفاذاً لأهداف الثورة الأولي، نحن بصدد غضب ساطع ضد المجلس العسكري نفسه، نحن بصدد إنذار شعبي للجنرالات، نحن بصدد «كارت أحمر» لحكومة المجلس العسكري ورئيسها عصام شرف، وبصدد «كارت أصفر» لحكم المجلس العسكري نفسه، نحن بصدد خطر عليهم أن ينتبهوا إليه، صحيح أنهم لم يكونوا يريدون محاكمة مبارك ورجاله، وصحيح أنهم استجابوا بعد الإعلان عن غضبة 8 أبريل 2011، والاحتشاد الشعبي الهائل في ميدان التحرير، ثم رفع عنهم القضاء المصري باقي دواعي الحرج، وحكم بحل حزب الرئيس المخلوع، وبحل المجالس المحلية الفاسدة المزورة، ثم بدت حساسية المجلس العسكري لمطالب الثورة كأنها تضعف، وبدا كأنهم يقولون لنا: تظاهروا كما تريدون، ونحن سنفعل ما تريده قوي غامضة في الداخل والخارج، فلا شيء يمضي إلي نهايته، ولا قرار سالك إلي غايته، فلم يصدر قانون العزل السياسي للفاسدين، ولا قانون العزل الإعلامي للمزيفين، ولا جري تطهير الوزارات والجامعات، وظل كل شيء علي حاله، بل شكلوا حكومة بعناصر ثورة مضادة في غالب شخوصها، ودون أن يصارحوا الشعب بالحقائق، دون أن يوقفوا التمويل الأمريكي والتمويل السعودي لجماعات مريبة في مصر، وكأن مصر هانت وصغرت، وتحولت إلي ميدان مفتوح لألعاب مخابرات، تجهد في احتواء الثورة وكتم أنفاسها، ثم أن أيا من الجنرالات لا يصارحنا بما يجري في الغرف المغلقة، وبما يطلبه المسئولون الأمريكيون، والذين يتقاطرون إلي القاهرة، وإلي مكتب المشير طنطاوي، وبمعدل لقاء كل 48 ساعة، ثم تتوالي تطورات لا تبعث علي اطمئنان، كالإعلان في واشنطن عن حوار الإخوان والأمريكان، واللقاء المفاجئ لمرشح محتمل للرئاسة، وقريب من الأمريكيين، في مقر حزب كبير باسمه لا برسمه، والظهور الأول للفريق سامي عنان في لقاء سياسي، كانت أطرافه في غالبها من جملة أحزاب الكارتون ذاتها التي صنعها مبارك، وكأن الأمريكيين ينفذون خطة احتواء للثورة، ويريدون استبقاء مصر كمستعمرة أمريكية، وفي وضع الخضوع لرغبات الإسرائيليين، ويضغطون بما تعرف ونعرف، ثم يجدون من يعاونهم علي الإثم والعدوان.
وما يجب أن يقال للجميع واضح تماما، وهو أنه لا يمكن استغفال الشعب المصري، وأن جريمة احتواء الثورة أو إجهاضها لن تمر، فقد عرف المصريون طريقهم، ونزعوا حجاب الخوف إلي الأبد، وهم قادرون علي إظهار العين الحمراء في لحظة الخطر، فالمجلس العسكري ليس مجلسا لقيادة الثورة، إنه مجرد «وكيل» مؤقت عن «الأصيل» الذي هو الشعب المصري، ونفاذ قرارات سلطته مشروط بالتزام كامل بأهداف الثورة، ودون تحريف أو تخويف ومع كامل الاحترام الشخصي، فلا يصح لأحد أن يخدع نفسه، فالشعب بعد جمعة 8 يوليو ينتظر تغييراً جوهريا في السلوك والقرارات، ينتظر إعداماً كاملاً عاجلاً لنظام مبارك المخلوع وينتظر دستوراً جديداً يفتح الطريق المباشر لحكم الشعب، ونأمل أن تكون الرسالة وصلت بالبريد الثوري السريع.
وباختصار، فقد أصدرت محكمة الشعب المصري حكمها في جمعة 8 يوليو، أخرجت «الكارت الأحمر» لحكومة الثورة المضادة، وأبرزت «الكارت الأصفر» لجنرالات المجلس العسكري، وإنا لمنتظرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.