تمر هذه الأيام الذكري رقم 120 لميلاد "شارلي شابلن" الذي تحول من مجرد نجم أسطوري إلي رمز للكوميديا في العالم كله.. "شارلي شابلن" تستطيع أن تري في حياته كيف تصبح العلاقة بين الفنان والدولة حتي في أكثر الدول التي ترفع شعار الديمقراطية وأقصد بها الولاياتالمتحدةالأمريكية.. "شارلي" بريطاني الأصل هاجر إلي أمريكا ولمع نجمه وشاهد الحربين الأولي والثانية وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية بدأت معاركه مع الدولة حيث ظهر ما يعرف بالمكارثية وذلك أثناء الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي - روسيا حالياً - واتهام المكارثية منسوب إلي السيناتور الأمريكي "جوزيف مكارثي".. وقد أعدت قائمة بأسماء عدد كبير من الفنانين اتهموا بالميل إلي الشيوعية لأنه بعد الحرب العالمية الثانية برغم أن الاتحاد السوفيتي وقف مع الحلفاء ضد النازي إلا أن بزوغ قوة الاتحاد السوفيتي أدي إلي تقسيم أوروبا إلي نصف شرقي مع روسيا ونصف غربي تسانده أمريكا.. كان هذا هو الاتهام الذي لاحق الكثير من المبدعين ومن خلال وشايات فنانين ضد فنانين.. "شابلن" لديه إحساس عميق بأنه مواطن عالمي وحققت له السينما هذه المشاعر حيث انه واكب منذ عام 1915 السينما الصامتة وعندما نطقت السينما عام 1927 ظل رافضاً لإدخال لغة الحوار في السينما.. كان يري أن الكلمات باستخدام لغة ما حتي ولو كانت الإنجليزية تقف حائلاً ضد عالمية فن السينما.. وظل علي موقفه حتي استسلم بعد عشر سنوات من دخول الحوار للسينما.. كان توجه "شابلن" الفكري والفني يتوافق مع رفضه للحصول علي الجنسية الأمريكية.. إلا أن الملاحقة الأمنية لا تتوقف ووصلت مثلاً إلي سؤاله عن ضرائبه.. هل يدفعها؟.. فيؤكد لهم أنه يكسب من أمريكا 25% فقط من دخله ويسدد الضرائب في أمريكا عن كل إيراداته.. سألوه عن أصدقائه الروس ولماذا في خطاب استخدم كلمة "رفيق" وهو تعبير مرتبط أكثر بالتعاملات في روسيا الشيوعية فيؤكد لهم أنه كان في حفل به أصدقاء من روسيا فكان ينبغي أن يستخدم هذه الكلمة.. يقدمون له ملفاته الشخصية مثل علاقته مع امرأة قالت إنها حملت منه سفاحاً ويرفض الاعتراف بالجنين.. يعقد مؤتمراً صحفياً ينهال عليه الصحفيون بتعضيد من الدولة ضد آخر أفلامه "مسيو فيردو" ويتهمونه بأنه يكرر نفسه.. هذه التحقيقات عمرها الآن أكثر من 60 عاماً ولكن من الممكن أن نري فيها ملامح مما يمكن أن يتعرض له المثقف في عالمنا العربي الآن إذا اختلف مع الدولة سياسياً.. إلا أن كل هذه الوشايات ماتت ولم يتبق سوي اسم "شارلي شابلن" الذي يحتفل العالم كله بعيد ميلاده وكأنه لم يعرف الموت !