على بعد مئات الكيلومترات، تشد الرحال سيدة تتشح بالسواد، وهي تنوي أن تذهب للسيدة لكي تقدم إليها مظلمة ما. في الطريق تدعو الله أن يقيها شر الطريق، حتى تتمكن من مقابلة السيدة. تصل لتصرخ عندما تصل إلى المسجد "بركاتك يا أم العواجز يا طاهرة، جيت ليكي ومتردينيش" تدخل لتسأل أين يقع ضريح السيدة. حيث يروى أن المسجد بني على قبر السيدة زينب عام 85 هجريا، كذلك ورد ذكر المشهد ووصفه عند الكثير من الرحالة، فقالوا بأن الخليفة المعز هو من أمر باعمار المسجد وبناه ونقش على قبته ومدخله. وفي القرن العاشر الهجري تم إعادة تعميره لينقش على المقصورة "يا سيدة زينب يا بنت فاطمة الزهراء مددك". وفي عهد "محمد علي" تم الاهتمام بالمسجد بشكل كبير. أما في العصر الحالي تمت توسعة المسجد لتتضاعف مساحته تقريبًا. تتداول حكايات عن مجئ السيدة زينب إلى مصر، حيث قيل أنها قدمت لمصر بعد معركة كربلاء ببضعة أشهر، واستقرت بها وماتت حيث دفنت، لينشئ المسجد فوق ضريحها. وبرغم اختلاف المؤرخين في موعد وفاتها، فإن رأي أهل السنة بوفاتها يوم 15 رجب، وفي هذا اليوم تحديدًا في منطقة السيدة يجتمع أهل الصوفية والمشايخ ومحبيها للاحتفال بها. وبرغم أن الشائع هو مولدها في شهر جمادي إلا أن الاحتفال بمولد السيدة في رجب، ليستمر الاحتفال عدة أيام، ابتهاجًا واحتفالًا بالسيدة، فللسيدة زينب تحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين، يتوسلون بها إلى الله، ويطلبون منها ما يتمنوه، حتى ولو كان ذلك سيتطلب الذهاب إلى رحلة مسافتها مئات الكيلومترات. تتحول منطقة السيدة لتصبح قطعة من الجنة، تنصب فيها حلقات الذكر، بل و تتزين لتستقبل الفرحة بذكرى معشوقتها التي سميت المنطقة على اسمها، تباع السبح والعطور، والبخور. ليتوافد آلاف البشر على المنطقة بأكملها، ينهلون من الروحانيات المتواجدة، ليتذكروا زمنًا مضى، حيث كانت السيدة تجلس في المكان ذاته حيث يتواجون. للسيدة خاصية تفردت بها دون حفيدات الرسول، لذا فإن حتى المسميات تتعدد لتصف السيدة، "زينب الكبرى، الحوراء، الطاهرة، أم المصائب|، وأم المصائب هذه تعني أنها شاهدت مصيبة وفاة جدها الرسول، ومصيبة قتل أبيها، وكذا استشهاد أخيها الحسن بالسم، ومصيبة قتل أخيها الحسن التي شاهدتها من بدايتها لنهايتها، كل هذه المصائب التي واجتها السيدة بشجاعة، جعلتها أقرب لقلوب المصريين، الذين أوقنوا أن بإمكانها أن تمكنهم من مواجهة مشاكلهم هم الشخصية. "من أراد أن يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده ألم تسمع إلى قولهم سمع الله لمن حمده فخف الله لقدرته عليك واستح منه لقربه منك"، هكذا ذكر كتاب بلاغات النساء، على لسان زينب بنت علي، التي تحملت صنوف الألم، والفقد، ذات الأصل الشريف، التي لن يتوقف مريديها عن اللجوء لها، والاحتفاء بها، في مصر والعالم كله.