يرتدي بذلته العسكرية، بينما يغلق الزر الأخير، ينظر للمرآة التي تظهر قسماته الشركسية الأصل ، يقرر بثقة الانضمام لسلاح الفرسان، لم يكن يعرف في هذه اللحظة أنه سيسمى ب "فارس السينما المصرية" ، يتخرج الفارس المصري من الكلية الحربية عام 1938 مع الرئيسين " أنور السادات " و " جمال عبد الناصر " ، حينها ما كان مستقبل السينما الذي ينتظر "أحمد مظهر" لائحًا في الأفق، ربما كان ينتظر مظهر مستقبل آخر يتعلق بقيادة الثورة كمثل زميليه، وبرغم مشاركته فيها إلا أنه لم يكن مع قاداتها أثناء اندلاعها في 23 يوليو 1952 حيث كان في هذه الفترة في العاصمة الفنلندية هلسنكي مشاركاً كبطل في الفروسية في دورة الألعاب الأولمبية هناك، وقد حقق مظهر أرقام عالمية في رياضة الفروسية مكنته من الصعود بين كبار أبطال هذه الرياضة في العالم. بعد تخرجه من الكلية الحربية، تولى قيادة مدرسة الفروسية، وشارك في حرب فلسطين، وشارك مع الجيش المصري في مهام خطرة،حيث يرصد الألغام البحرية التي تلقيها طائرات الألمان في قناة السويس، ليتمكنوا من تطهير القناة منها بعد ذلك، وترجع أهمية وظيفته أنه كان الوحيد المطالب بالتواجد خارج الخنادق أثناء قصف الطائرات الألمانية لتحديد مكان سقوط اللغم، وبرغم هذه النجاحات في الجيش ومجال الفروسية إلا أنه لكل جواد كبوة، الأولى في مسابقة عندما كان طالبًا، والثانية أثناء تصويره لريبورتاج صحفي، فقد على إثره ذاكرته لسبع ساعات كاملة! عندما رآه زكي طليمات عرف أن هذا الجندي، ينظره مستقبل آخر غير ما خطط هو له، ليشترك أحمد مظهر في أول عمل فني وهي مسرحية "الوطن". لم يترك "مظهر" الفروسية، فكما اختار الفروسية من قبل، ستصبح هي باب دخوله مجال الفن، حيث اختاره المخرج إبراهيم عز الدين ليقوم بدور في فيلم "ظهور الإسلام"، أما عمله الثاني "رد قلبي" فيصبح من أشهر أعماله والذي رشحه لهذا العمل الروائي الكبير "يوسف السباعي" زميله في الكلية ذاتها. ليرتدي البذلة العسكرية في أفلامه، ويخلعها في الواقع، بعد أن طلب من عبد الناصر "تصريح" للتمثيل، ولكنه اقترح عليه أن يستقيل من الخدمة، وبالفعل يستقيل برتبة عقيد، وتعطيه السينما رتبة فارسها الأول. لم تكن حياة الممثل والفارس المصري كما يظن البعض غير خالية من العقبات، ففي فترة من عمره قرر مظهر الابتعاد عن السينما والأضواء، وذلك بعد خلاف مع الفنانة سعاد حسني التي صممت أن يكون اسمها الأول في الأفيش، غضب جندي الجيش ذو الطباع الحادة، و قرر بحسب صحيفة "الموعد" عام 1972، أن يفتتح ورشة "إصلاح سيارات" كبيرة في منزله بمساعدة بعض أصدقائه؛ حيث كان من المعروف عنه حبه للميكانيكا، كما فكر أيضًا في افتتاح استديو للتصوير الفوتوغرافي بعدما حصل على شهادة جودة من المصور السينمائي الشهير أحمد خورشيد، ولكنه برغم ذلك لم يترك ميدان الفن، وعاد مرة أخرى، ليترك أفلام أثرت في تاريخ السينما، ولكنه يجتمع مع السندريلا مرة أخرى في فيلم "شفيقة ومتولي" الذي أبدع فيه كلاهما. 135 فيلم هذا هو عدد الأفلام التي تركها أحمد مظهر في السينما المصرية. كذلك شارك في 20 مسلسل ك"ليالي الحلمية وعصر الفرسان وعلى هامش السيرة". لم تتوقف موهبة "مظهر" في التمثيل فقط بل كتب وأخرج فيلمين وهما "نفوس حائرة، وحبيبة غيري" فقد عرف عن مظهر حبه للأدب والكتابة، جعله ذلك يصبح عضواً مؤسساً في جمعية الحرافيش التي يرأسها الكاتب الكبير"نجيب محفوظ". وبعد مشوار حافل قضاه أحمد مظهر في السينما، أصبح رصيده من الجوائز 40 جائزة كتكريمًا له، بينما قد كرمه الرئيس جمال عبد الناصر نفسه. ليودع العالم في مثل هذا اليوم عام 2002 بداخل مستشفى الصفا بالمهندسين في القاهرة بعد رحلة صراع مع المرض، ويذهب إلى ربه، بعد أن استعد للرحيل.