أعتقد أن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات لفت انتباه الكثيرين كما لفت انتباهي، وأثار حفيظة المصريين علي مجموعة من المستثمرين والمسئولين الذين يتعاملون مع أملاك البلد بمنطق المال السايب الذي ليس له صاحب، التقرير نشرته جريدة المصري اليوم بحيادية ولم تبد أي رأي فيما ساقته من معلومات رصدها التقرير. أربع حلقات رصد فيها المركزي للمحاسبات مخالفات الهيئة العامة للتنمية الزراعية واستصلاح الأراضي بخصوص الأراضي التي تقع تحت ولايتها سواء في مسائل التقنين بالخالفة للقانون، أو التغاضي عن مساحات شاسعة تجاهلت الهيئة فكرة الاستيلاء عليها دون أن تكشر عن أنيابها وتصدر قرارات إزالة لتلك التعديات رغم انها تقع تحت سمع وبصر الهيئة وإن لم تكن واقعة تحت أبصارها فتلك كارثة أخري، التقرير رصد أيضا أوجه التقصير والتقاعس من الهيئة في أداء دورها المنوط به، وكذلك عدم التزام مجلس إدارة الهيئة بعمل اجتماعات منتظمة مما أدي لتراكم خطابات التقنين، بخلاف تقصيرها في رقابة المستثمرين الذين تعاقدت معهم والذين غيروا أنشطة الزراعة إلي منتجعات سياحية وبحيرات صناعية وملاهي مائية وملاعب جولف وحمامات سباحة ومزارع سمكية وكل ذلك طبعا علي حساب المقننات المائية والمزارعين الجادين الذين هددت أراضيهم تلك المنتجعات بالبوار، مئات المخالفات التي ارتكبتها الهيئة العامة للتنمية الزراعية رصدها تقرير المحاسبات ونشرته المصري اليوم ونقلته عنه في برنامجي اليومي ( بزنس لايف) علي قناة ( لايف ستايل)، ولأنه لا يفتي ومالك في المدينة، قررت أن أستوضح بعض الحقائق من رئيس الهيئة الحالي اللواء إبراهيم العجمي، والذي للحق لم يكن له أي يد في مئات المخالفات التي تحدثنا عن بعض قليل منها، ولكنه علي الأقل يعرف الكثير عن قوانين التقنين، وعن اوضاع الأراضي التي تملكها الهيئة، ولكنه رفض الظهور معي كما رفض الظهور مع غيري، فهو من ضمن أنماط قليلة من البشر لا تهوي الظهور الإعلامي، ونحن لن نلوم عليه ولن نعتبره هروبا، ولكن كان من الأجدي أن يتحدث ليوضح بعض الحقائق التي ربما لو قالها تبرئ ساحة الهيئة وثوبها الملطخ برذاذ الفساد، نحن جميعا نثق في تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، فهو يحسبها بالآلة الحاسبة التي لا تخطئ، ولكنها تنتج أرقاما صحيحة لا يمكن تغييرها، كما أنه جهاز حكومي منوط به المراقبة والإفصاح، وربما هو الجهاز الوحيد الذي يحظي باحترام وثقة المواطن، ويعتبره الجهاز الحكومي المعارض الأول في مصر، إلا أن البعض يري أننا بشر وأننا نخطئ ونصيب ويجب أن نعمل روح القانون في بعض الأحيان، وأن الآلة الحاسبة التي تقيس الأداء بنصوص القانون لا تنتج أرقاما صحيحة 100% وذكرلي علي شاكر رئيس مجلس ادارة بنك التنمية والائتمان الزراعي واقعة مثيرة وقال إن البنك يملك مزرعة دواجن تنتج 19 مليون بيضة، مرضت مجموعة كبيرة من الدجاج، فاشتري لهم مشرف المزرعة الدواء، اعتبرها الجهاز المركزي مخالفة لأنه لم يشتري الدواء من خلال مناقصة عامة، ربما يكون ذلك منطقا صحيحا ولكنه لا ينفي مخالفات أخري كثيرة للهيئة، وأؤكد ذلك بحكم تواجدي أحيانا في أوساط بعض مسئولي وزارة الزراعة والهيئة، وأشهد بنفسي محاولات المستثمرين في الوصول إلي أوضاع تقنينية وضعوا أيديهم عليها، ويتم فعلا التقنين بالمخالف للقانون، في المقالة القادمة سوف نعرض أمثلة لتلك المخالفات الصارخة التي خرجت عن تقرير المركزي للمحاسبات لكي نضيف إلي قائمة المخالفات نوعا جديدا ومختلفا.