عن جدارة واستحقاق أصبح المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون رجل الساعة، وكل ساعة خلال شهر رمضان وهو صانع الشعارات البراقة بداية من «مفيش حاجة حصري» حتي «كله حصري علي التليفزيون المصري»، وهو ايضا الساحر الذي أخرج «الكتكوت» من العلبة الفارغة، فوجدنا شاشات التليفزيون المصري مزينة بحوالي 30 مسلسلا، وعدد لابأس به من حلقات الست كوم، بالاضافة إلي «33» برنامجا حصريا.. ولأن عدد ساعات هذه الاعمال تزيد علي 60 ساعة أي يومين ونصف اليوم في اليوم الواحد الذي هو 23 ساعة فقط، فإن الشيخ يؤكد أنه فعل ذلك متعمدا، فالديمقراطية فرضت عليه أن يقدم هذه الوجبة الدسمة حتي يترك لنا، نحن الشعب العامل حرية الاختيار!!. وتذكرني «وجبة» اسامة الشيخ أوبمعني أدق و«ليمته» بحكاية «عمي مرزوق» وهذه الحكاية لمن لايعرفها، كانت صورة إذاعية غنائية عن الاخ مرزوق الذي تطارده الديانة في كل مكان، فقرر الهروب وركب مركب وسط مياه البحر الهائجة فغرقت به، فأمسك بقطعة خشب حتي قذفت به المياه في احدي الجزر، وأصبح اسيراً لسكان هذه الجزيرة وسألوه: عدو ولاحبيب؟!.. لم يكن مع مرزوق سوي «سلطنية» كانت امرأته قد اعطته اياها لزوم شراء بعض الاشياء، فقدم السلطنية لحاكم الجزيرة الذي صرخ قائلا: تاج عظيم؟! وتمضي بنا هذه الصورة الغنائية الجميلة حيث يعود مرزوق محملا بالذهب والمرجان، وطبعا يسدد كل ديونه، ويعيش في يسر مع اسرته التي كانت بائسة، والمهم أن احد الطماعين والتجار الكبار علم بحكاية مرزوق فقرر أن يحمل الهدايا الثمينة للجزيرة متوهما أن الحاكم سوف يمنحه أضغاف مع حصل عليه مرزوق ولكن الحاكم يقول له أن هداياه لاتقدر بثمن، وأن الشيء الوحيد الذي يستحقه هو أفضل ما عندهم، والذي هو «تاج الجزيرة».. السلطينة! وهذا ما فعله اسامة الشيخ بالضبط مع ملايين المشاهدين أعطاهم: السلطنية! .. وكان ثمن هذه «السلطنية» مليار ونصف المليار من الجنيهات حسب الارقام المعلنة، وقد افتتح الشيخ قناة جديدة «دراما2» لتستوعب كل ما لديه!.. وأنا شخصيا لا أجد تفسيرا أو سببا واحدا لشراء كل الاعمال الدرامية «المعروضة» عليه والتي شارك قطاع الانتاج بالتليفزيون في انتاج العديد منها فالغث منها يزيد علي 80% ولا يزيد الثمين فيها علي 20%؟! ولو اكتفي الشيخ بعرض ما هو ثمين أي حوالي 12 ساعة يوميا من المسلسلات والبرامج ليقدم لنا شاشة محترمة وقوية ولاتعرف المجاملات والبيزنس فمعظم البرامج تفوح منها رائحة كريهة ومنزوعة أدب الحوار والسؤال وحتي لا افتح علي نفسي نار جهنم اكتفي بذكر مثالين وادعو المشاهدين للحكم عليهما هذا الذي تقدمه ايناس الدغيدي أو مني الحسيني.. أما عن حلقات الست كوم فحدث ولاحرج.. ودعونا ننتقل إلي المسلسلات التي دفع فيها «مليار» جنيه!. هناك خمسة أو ستة مسلسلات تستحق المتابعة وهذا ما تشير إليه الحلقات الخمس الأولي ويأتي علي رأسها مسلسل «الجماعة» لوحيد حامد والمخرج محمد ياسين فهو معالجة معاصرة لواقع مصري ومقدم بمستوي فني متميز بالفعل ثم يأتي «شيخ العرب همام» لعبد الرحيم كمال واخراج حسني صالح وللأسف هذا الاخير لايدخل ضمن «حصري» الشيخ، فقد فازت به قناة الحياة أما المسلسلات الاربعة الباقية فهي تستحق مزيدا من المتابعة وستأتي حين الكتابة عنها.. وهذا ما يتعلق بالثمين من الاعمال الدرامية، فماذا عن الغث منها؟! يأتي في المقدمة مسلسل «زهرة وازواجها الخمسة» فهو نوع من السخف المسلسل للغزل في الست «غادة عبدالرازق» التي يعشقها كل الرجال فأي رجل يمر إلي جوارها يصبح عاشقا بلا أي منطق درامي ولا حتي «رجولي»!.. والمسلسل هو جاكت درامي سبق أن قدمه الكاتب مصطفي محرم في «عائلة الحاج متولي» واعاد هنا «قلبه» ليناسب أمرأة بدلا من رجل في عمل استهلاكي يخلو من الفنيات أو حتي الحدوتة المحكمة.. ثم شئ اسمه «برة الدنيا» لمخرج طالما أقنعنا ولاتعرف ما الذي حدث له: مجدي ابوعميرة.. وننتقل إلي «العار» الذي كان فيلما سينمائيا متميزا فجاء إلي التليفزيون مسخ منسوخ.. ويأتي بعد ذلك «بالشمع الاحمر» الذي تم تفصيله علي مقاس النجمة السينمائية سابقا يسرا.. وخسارة أن تهدر هند صبري موهبتها فتبدو ارجوزا في «عايزة اتجوز».. وهذا التهريج المسمي« اللص والكتاب» لممثل اسمه سامح حسين ظن أن النجومية اتته علي طبق من «المهلبية».. وما هذه «العتبة الحمرا»؟!.. و..و.. شئ مقرف!. ونكتفي بهذا القدر في هذا المقال وسوف نتابع بإذن الله، لأنه مرفض تماما أن يتحول تليفزيون الدولة في شهر رمضان إلي «مهلبية» و«سبوبة» لتجار الفن سواء من داخل التليفزيون أو من خارجه وحرام اهدار الفن بهذا الشكل الاستهلاكي المسف، وحرام أن نحول شعبنا إلي كائن استهلاكي خاضع للتهريج الترفيهي الردئ؟!. ولكن يبقي السؤال: من أين سوف يسترد التليفزيون المليار والنصف مليار من الجنيهات التي هي من اموال الشعب المصري من دافعي الضرائب والتي انفقت علي هذه الاعمال؟ الاجابة الجاهزة هي: «تورتة» الاعلانات؟!.. ولكن لايبدو أن الرياح قد آتت بما تشتهي السفن، فمن خلال المتابعة نستطيع أن نكتشف أن «التورتة» هذا العام صغيرة ومحدودة، وليس أمام المسئولين في التليفزيون سوي التحرك بسرعة لاقناع بعض «وزارات الدولة» لدفع اعانات عاجلة في شكل اعلانات لانقاذ ما يمكن انقاذه فالتليفزيون لديه ما يكفيه من «الديون» التي تجعله غير منتظم في دفع اجور من يقومون بعمل واعداد برامجه العادية!!.. ودعونا ننتظر، ما الذي يحدث بعد أن باع لنا اسامة الشيخ «السلطنية» وبعد أن اشتراها بارقام فلكية لأنه فيما يبدو لم يسمع أو يعرف حكاية «مرزوق»؟!