· صورة مفاجئة للتليفزيون المصري بعد سنوات من الغفلة والنوم الطويل والعميق مفيش حاجة حصري.. كله علي التليفزيون المصري ، شعار أسعد ملايين المشاهدين، وأعاد الثقة في التليفزيون المصري.. ولكن!. صحوة مفاجئة أصابت التليفزيون المصري بعد سنوات من الغفلة أو النوم الطويل والعميق، وادرك أنه موجود أساسا لخدمة الإنسان المصري البسيط، حيث قرر أن يخوض معركتين كبيرتين خلال شهر واحد فقط، وأن يساند الفقراء الذين لايملكون «دشا» أو أجهزة القنوات الفضائية «المشفرة».. هكذا فجأة. المعركة الأولي كانت من أجل إذاعة مباريات الدوري المحلي لكرة القدم، والتي أرادت أن تحتكرها بعض المحطات الفضائية، وتحرم المواطن البسيط من واحدة من المتع التي تستهويه، لأن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية، واستطاع أن يحصل علي حق إذاعة المباريات علي القنوات المحلية والفضائية وقد خاض معركة تطلبت تدخل د. أحمد نظيف رئيس الحكومة شخصيا. وما هي إلا بضعة أيام حتي وجد نفسه يخوض المعركة الثانية لصالح المواطن المصري البسيط أيضا مع عرض الأعمال الدرامية الرمضانية، والتي يعتبرها المشاهد«مكسرات» الشهر الكريم.. ففي السنوات الأخيرة كانت دراما النجوم حكرا علي القنوات الفضائية التي كانت تتفاخر بأنها تعرض هذا العمل أوذاك بشكل حصري ولأن المشاهد المصري يعشق نجومه فقد كان يشعر «بالحصرة» لأنه ليس من حقه مشاهدة المسلسل الجديد للفخراني أو نور الشريف أو يسرا أونبيلة عبيد أو الهام شاهين أو جمال سليمان وغيرهم.. وللمرة الثانية ينجح التليفزيون المصري في تحقيق رغبات جمهوره العريض مقابل 90 مليون جنيه دفعها للمنتجين، وهذا النجاح جعل التليفزيون يدفع بضعة ملايين أخري في إعلانات الشوارع والصحف لاعلان هذا الخبر السعيد «مفيش حاجة حصري.. كله علي التليفزيون المصري»!. إلي هنا والأمر يستحق الثناء والشكر لكل من أنس الفقي وزير الإعلام، وأسامة الشيخ اللاعب الرئيسي في هاتين المعركتين.. ولاشك أن كلاهما حقق هدفا نبيلا يسعد عشاق الكرة وهواة مشاهدة الدراما في رمضان.. ولكن يبقي السؤال: إذا كان تحقيق رغبات المواطن المصري البسيط من خلال جهازه الإعلامي الحكومي ممكنا، ويمكن تحقيقه كما حدث هذا العام، فلماذا تأخرلسنوات عديدة؟!.. سنوات جعلت جمهور الكرة يذهب للمقاهي وينتظر لبضعة ساعات ليشاهد مباراة لناد مصري أو مباراة للمنتخب تحتكر اذاعتها قنوات أحد المشايخ!.. أو يشاهد المسلسلات الشهيرة باثر رجعي بعد أن تذاع في رمضان علي المحطات الفضائية.. ما الجديد الذي حدث بالضبط؟ دعونا نقول إنها صحوة كما ذكرت في بداية المقال- أو بمعني آخر وادق نقول إن التليفزيون المصري الذي يروج بمناسبة وبدون مناسبة أنه صاحب «الريادة» لم يعد له تواجد في الساحة اصلا فكانت ثورة الأسد صاحب العرين وقد اراد أن يسترد المكانة الضائعة وحسنا فعل. وإن كنت أظن أن الصورة التي أصبحت شعارا «مفيش حاجة حصري» بكل ما تحمله من ايجابية لصالح المواطن المصري تخفي تحتها أكثر من مشكلة أو اشكالية سوف تصبح في الأيام القادمة عناوين يجب مناقشتها وحسمها حتي لاتصبح هذه الايجابية التي حققها التليفزيون مسألة موقتة وطارئة وربما تؤدي إلي سلبيات عديدة ودعونا نرصد الاجزاء التي لم تظهر في الصورة. نبدأ أولا بمسألة انتاج المسلسلات فنجد أن التليفزيون من أقوي الجهات الانتاجية ومع ذلك فإن الأعمال الأهم والتي يلعب بطولتها النجوم لم تكن من انتاجه، وأنه دفع ملايين لايستهان بها في الشراء، بينما ظلت الاعمال التي انتجها حبيسه العلب، أو تمت اذاعتها علي استحياء لمرة واحدة في وقت ميت علي إحدي المحطات.. مما يعني أن هناك خللا في مسألة الانتاج التليفزيوني. أن التليفزيون من أجل اثبات مسألة الريادة قام بعرض أكثر من 20 مسلسلاً في اليوم الواحد، مما يعني أنه ليس هناك تنسيق أو تخطيط وأن المسألة «فتونة» وعدم ادراك لقيمة الأعمال التي يقدمها في فترة زمنية محدودة وتمثل «حرقا» للمسلسلات ونجومها ولاشك أن هذا سوف يؤثر سلبا علي حركة الانتاج نفسها في الفترة القادمة. أن إعلانات الشوارع والصحف دخلت كلاعب رئيسي في صراع المحطات الفضائية مع التليفزيون، وهو أمر لم يكن يحدث من قبل، وبعد أن كان مجرد الإعلان عن مسلسل لنجم معين يجذب المعلنين للتليفزيون أصبح يحدث العكس.. وهو أمري يستدعي البحث عن «الرابح» من هذا الأمر، وهل أصبح التليفزيون «سلعة» تبحث عن من يروجها بعد أن كان هو الذي يروج للسلع.. مسألة تحتاج إلي تأمل! إن مسألة« مفيش حاجة حصري» أكثر تعقيدا مما نظن، فهي ليست دعاية إعلامية، فهناك أمور اقتصادية تختفي وراءها تبدأ بالانتاج وتتحرك بالتسويق، وتتحكم فيها الدعاية والإعلام، وكلها تخضع لميزانيات بالملايين.. وبكل تأكيد فإن شعار «مفيش حاجة حصري» يخفي اسرارا وسلبيات لم تظهر بعد، ربما بسبب ما يحمله الشعار من بريق.!