شيماء إسماعيل رمضان كريم.. هو شهر التقوي والتعبد والإيمان وياليت طول العام رمضان».. في رمضان تتعدد المباهج ويزداد الكرم وتقام موائد الرحمن وينطلق الآذان الشجي معلناً بدء الصيام مع بواكير الفجر ومعلناً أيضاً ساعة بدء الافطار.. ورمضان زمان بالطبع لم يكن بمثل مظاهر رمضان الآن.. أين زفة قدوم الشهر التي كانت تنطلق من أمام المساجد الشهيرة وأين رجالة زمان بل وشيوخ زمان.. أين التقوي والورع الذي كان يميز أبناء المناطق الشعبية، حيث التعامل بالرجولة والشهامة والأصالة ومراعاة شعور الغير.. الحال الآن تبدل وتلاشي حتي الفانوس «أبوشمعة» الذي كان لا يزيد سعره علي الخمسة قروش أو العشرة قروش.. الفوانيس تستورد الآن من الصين وتتغني بأغاني رمضان.. ياسلام! ولكن أسعارها أصبحت «نارية» بسبب جشع المستورد الذي يسعد بتكديس الملايين من الجنيهات.. يتعاقد علي الصفقة بقروش ويبيعها بعشرات الجنيهات.. معقول الفانوس الصيني يباع بأكثر من 55 جنيهاً! لأ وإيه أصبح هناك فانوس «بسنت» وهو الاسم الذي كان يطلق علي الفنانة «حنان ترك» في مسلسل «بسنت ودياسطي» حتي «كرومبو» أصبح له فانوس وسعره يتجاوز ال70 جنيهاً. زمان كنت تجد الترابط بين الجيران وبين الأهل والأحباب والخلان.. كان الأطفال يمرحون ويلعبون في الشوارع والحواري والأزقة حاملين «الفانوس» فرحين ومبتهجين علي أصوات طفولية بريئة تردد «وحوي» يا وحوي.. وحالو يا حالو.. رمضان كريم يا حالو!! ثم أين «المسحراتي» الذي كان يؤدي النداء بكلمة «اصحي يا نايم! طبعاً النوم زمان كان بعد صلاة العشاء بقليل.. لم يكن هناك السهر حتي الصباح.. كانت منظومة الحياة المصرية هادئة وبدون إزعاج.. لم يكن هناك «الدش» ولا ألعاب الفيديو! فقط الاستماع إلي القرآن والتواشيح والله يرحم الشيخ نصر الدين طوبار والشيخ سيد النقشبندي وطبعاً ألف رحمة ونور علي الشيخ علي محمود والشيخ محمد رفعت صاحب الصوت الملائكي الذي يذكرنا وللآن بشهر رمضان بمجرد سماع ترتيله وآدائه العذب لسور القرآن الكريم.. كانت أيام وبعودة يا شهر الصيام الذي تمضي أيامه والتي تنتهي كسرعة البرق لأنه شهر الخيرات والرحمات والصلاة والدعاة والعطف علي أبناء السبيل والمساكين وصلة الرحم والقربي. فعلاً ما أحلي قدوم هذه الشهر.. وكلها أيام لنسعد برؤية هلاله ويا روعته وجماله.. ومدد يا سيدنا الحسين مدد.. ومدد يا أم هاشم.. ومدد لكل أولياء الله الصالحين الذين قدموا لأرض الكنانة التي كرمها الله في كتابه الكريم. وفانوس رمضان من المظاهر الطيبة والمحببة للأطفال في عدد من البلاد الإسلامية.. ظهر فانوس رمضان في مصر عام 973م حيث كان يحمله المصريون في استقبال المعز لدين الله الفاطمي، وأصدر قراراً يلزم كل مواطن بشراء الفانوس ويقوم بتعليقه فوق منزله مضيئاً منذ ساعة الغروب حتي شروق الشمس في اليوم التالي لإضاءة الطريق ومنذ ذلك التاريخ ارتبط الفانوس بشهر رمضان وأصبح الأطفال يطلقون الأغاني ويصاحبون المسحراتي مرددين خلفه «وحوي.. يا وحوي». واتخذت صناعة الفانوس مساراً حرفياً وابداعياً حيث ظهرت طائفة من الحرفيين في صناعة الفانوس وابتكرت عدة أشكال وقامت بتزيينها وزخرفتها حتي وصل الفانوس إلي شكله الحالي وصورته النهائية وتحولت صناعة الفانوس إلي فن شعبي وقام القائمون علي صناعته بتطوير الشكل العام للفانوس وظهرت العديد من الأسماء التي أطلقت علي الفانوس منها أبونجمة والمربع أبورجلين والمسدس. وتعد منطقة تحت الربع بباب الخلق أشهر ورش صناعة الفانوس المصري حيث يصنف الصناع بها أن الفانوس المصري مازال يحتفظ بمكانته رغم وجود الأنواع الأخري التي ظهرت خلال الفترة الماضية حيث إن هذه الأنواع تفتقد إلي الروح الإسلامية في التصميم سواء من حيث الشكل أو الخامات التي يصنع منها فيما يقدم الفانوس الصيني أحدث الأشكال والأسماء التي ترتبط بالمشاهير مثل المفتش كرومبو والحيوانات وآلة الجيتار والتوك توك إلا أن الفانوس المصري مازال يتميز بالأشكال والأنماط التراثية المتعددة خاصة الفانوس أبوشمعة. وتعتبر صناعة الفانوس من الصناعات الدائمة وليست موسمية ولكن يعتبر شهر رمضان هو المعرض والسوق لبيع الانتاج منه، خاصة أن معدلات الاقبال وبيع الفوانيس مازالت تحتل مرتبة رئيسية في ميزانية كل أسرة علي الرغم من ارتفاع الأسعار لباقي السلع الأخري. ويظل الفانوس أحد مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم فهناك كثير من المواطنين يحتفظون بالفانوس علي مر السنين باعتبار أنه ذكري أو كهدية غالية. لذلك بدأت المحال التجارية بعرض فوانيس رمضان ابتهاجاً بقدوم الشهر حيث قامت بتعليق الفوانيس الملونة علي واجهاتها بأشكالها المختلفة الجميلة. وتشهد حالياً الأسواق المصرية اقبالاً كبيراً من الأطفال والكبار علي شراء فانوس رمضان مع اختلاف أسعارها التي تتراوح ما بين 30 جنيهاً و300 جنيه طبقاً لامكانياته ومميزاته. كما ظهر بالأسواق موديلات جديدة مثل أبوتريكة وهو يحمل كأس مصر وحسن شحاتة يقود موتوسيكل بسعر 45 جنيهاً وسحس بومب ويباع بسعر 58 جنيهاً وسعر الفانوس التقليدي «الصاج» أبوشمعة يتراوح ما بين 5 إلي 35 جنيهاً.. ورغم الأشكال الجديدة والتنوع في شكل الفانوس إلا أن الفانوس المصري هو سيد الموقف وصاحب الرقم القياسي في نسبة المبيعات!.