سعيد الحظ من يسعد بمعرفة الشاعر الكبير وابن الصعيد الأصيل «عبدالرحمن الأبنودي» الذي فاز بجائزة «مبارك» مؤخرا.. هو لم يسع لاقتناصها ولم يلهث للحصول عليها ولكن من رشحوه بالطبع قدروه بعد العطاء النبيل والجميل والواعي والنابع من وجدان أصيل كعذوبة ماء النيل الذي تحلي علي ضفافه الأغاني والمواويل. ومن يعرف «الأبنودي» يلمس بساطته المتناهية فهو ليس بالمتعالي والمغرور رغم مكانته الكبيرة في قلوب الملايين وعلي مدار من عشرات السنين. وطالما شقي وتعب وعرق جبينه وتحمل الكثير من المصاعب والمتاعب والآلام.. لم ييأس ولم يخف ولم يرتعد من السلطان لأنه ليس بالشاعر الجبان ولذلك استمر فصيح اللسان فكانت أشعار الأصالة والصدق والجمال التي خاطبت وجدان الانسان وجسدت الآمال.. أنا لن أنسي عندما كنت معه في قرية صديقه الراحل «أمل دنقل» عندما أصر علي التوجه لقرية «القلعة» التابعة لمدينة «قفط» بالصعيد الجواني.. ذهب لمقبرته يكلمه ويناجيه ومشاعره كانت تبكيه وتذكر أيام السهر والكفاح وكان يتمتم بكلمات الحب والمعزة لتوأمه في الشعر الذي رحل عن الدنيا.. كان ينظر إلي «لحده» وينعيه لفراقه الأبدي وقرأ علي روحه الفاتحة وكان الجو حارا وخانقا ولكنه عاد متهللا لأنه قدم التحية والسلام لشاعر عظيم قدم لمملكة الشعر حروف الكلام النبيل.. والمتأمل لوجه .. الابنودي يتخيل أنه «رمسيس الثاني» أعظم الرمامسة بانتصاراته وفتوحاته أو كالقائد العظيم «أحمس» الذي طرد الهكسوس ولذلك تجد الآن بعض «الهاموش» في شارع الشعر والذين لايحلو لهم سوي الطرقعة بكلام الزن ويعتقد الواحد منهم أنه «جن» الشعر الكبير ولو دققت تجد أن مثل هؤلاء مجرد هوامش ينظمون شعر «الهلاوس»! والمفترض علي كبار الشعراء المحترمين أن يحتفلوا «بالابنودي» في احتفالية تليق بجلال الشعراء ويتم دعوة الشعراء الكبار من العرب لأن أشعار «الابنودي» أكدت علي عروبته ووطنيته ومصريته وأصالته وبساطته.. و«الأبنودي» لم يحلف بالطلاق ولكنه حلف بسماء مصر وبترابها وتغني بأمجادها ولم ينظم الشعر.. الفالصو» لأنه ليس «البلياتشو»!. ولأنه قال يا بلدنا لا تنامي وقال لمصر أيضاً دوري علي مخلصينك اللي من زمان شاريينك . والأن من يستطيع أن يكشف عن المخلصين والجادين اللذين لا يبخلون علي مصر بكل غال وثمين رغم الأنين !