· مصر التي حصلت علي 300 مليار دولار معونات وتتهمني بتلقي أموال من الخارج · تنتظرني 28 قضية آخرها دعوي أقامها محام من الحزب الوطني يتهمني بتحريض البرادعي علي ترشيح نفسه وتهديد استقرار مصر · لم ألتق البرادعي في أمريكا بسبب عدم دعوتي وحين أرسلت له لكي أقابله جاءني الرد بأنه لن يحضر إلي نيويورك وأتوقع أن ينجح في تغيير الدستور · مراكز حقوق الإنسان ليست «سبوبة».. ومن يدعي عكس ذلك عليه اثبات كلامه بالبراهين هذه هي المرة الأولي التي ألتقي فيها الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون.. ذلك الرجل الذي أثار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والبحثية ومراكز حقوق الإنسان والمتهم في مصر بتلقي أموال من الخارج. التقيته في أحد فنادق «منهاتن» بمدينة نيويورك ليدور الحوار بيننا عن عودته إلي مصر والأحكام الصادرة بحقه، كان يبدو متعباً، مرهقاً، يتكئ علي عصا تساعده علي المشي. عن مواقفه السياسية وكتاباته ضد النظام في مصر كان هذا اللقاء في البداية يعترف سعد الدين إبراهيم انه يعاني من الوحدة والحرمان بعيداً عن مصر فهو حالياً في الولاياتالمتحدةالأمريكية لتلقي العلاج بأحد المستشفيات.. وممارسة العلاج الطبيعي وبمجرد الانتهاء من ذلك سيعود إلي مصر. كيف تعود إلي مصر.. ألا تخش من السجن وهناك 28 بلاغاً وقضية في انتظارك تم تحريكها بين مايو 2007 إلي ديسمبر 2009؟ - لا أستطيع أن أعيش خارج مصر أكثر من ذلك.. أشعر بالوحدة والحرمان بعيداً عن وطني وأبنائي وأحفادي.. أشعر بحنين للحياة في مصر وسندوتشات الفول والطعمية والملوخية سأعود وأواجه الاتهامات الموجهة ضدي وخاصة أن بعض هذه البلاغات والاتهامات قد سقطت بمرور الوقت وحفظها النائب العام. وما آخر بلاغ ضدك؟ - بلاغ تقدم به أحد محامي الحزب الوطني يتهمني بتحريض الدكتور البرادعي علي ترشيح نفسه وتهديد استقرار مصر. وهل قابلت البرادعي من قبل؟ - أبداً، لم أقابله.. وحين جاء إلي أمريكا والتقي بالمصريين في واشنطن فكرت أن أقابله ولكن لم تصل لي دعوة للمشاركة في اللقاء وحين أرسلت لمقابلته بعدما أشيع أمر ترشيحه جاءني رد أنه لن يحضر إلي نيويورك. كتبت مقالاً عن الدكتور البرادعي تسأله عن الخطة «ب»؟ - نعم تساءلت ماذا بعد تحريك الماء الآسن ماذا سيفعل إذا لم ينجح في تغيير الدستور؟ هل سينزل إلي الشارع، هل سيقود العصيان المدني؟! هل يقود اعتصاماً، اضراباً، مظاهرة، الحقيقة أننا لم نعرف حتي الآن ما هي الخطة «ب» للبرادعي. وهل تتوقع نجاح الدكتور محمد البرادعي في تحقيق أهدافه وتغيير الدستور؟ - أتوقع أن ينجح في اجبار النظام علي تعديل ولو جزئي لإرضاء الحركة التي تنمو حول البرادعي من خلال الجمعية المصرية للتغيير. وفي رأيي أن الوضع في مصروصل إلي درجة من السوء والجمود لابد أن تكسر بأي طريقة والتغيير ربما يجئ من الخارج في شخص البرادعي ولو كان البرادعي عاش كل عمره في مصر بلا أكسجين لأصبح مثل بقية المصريين.. ولمجرد أنه انسان قادم من الخارج حاز علي ثقة الناس وكل تغيير كبير حدث في مصر جاء من الخارج خلال ال300 سنة الماضية ولنتذكر الحملة الفرنسية، سعيد باشا، رفاعة الطهطاوي، الاحتلال الانجليزي. وفي كتاب فلسفة الثورة، قال جمال عبدالناصر «ونحن محاصرون في الخنادق بالفالوجة عيننا علي القاهرة أي كان خارج القاهرة أيضاً». وصفت مصر بجمهورية «الخوف» إذن لماذا تريد العودة إليها؟ - نعم النظام استطاع أن يشيع الخوف في كل أرجاء البلاد حتي الذين يتركون مصر ويسافرون للخارج تبقي رواسب الخوف معهم. وكنا في مركز ابن خلدون ورواق كل ثلاثاء نحاول أن نتخلص من هذا الخوف ونناقش أمور الوطن بحرية كاملة.. ولكن الدولة لم تستطع أن تتحمل الخلاف بيننا وبينها وتناست أن المجتمع المدني قائم علي الاختلاف والفرق بين الدولة وبين المجتمع المدني أن الثاني قائم علي التنوع والإرادة الحرة دائماً تحدث الاختلاف.. والدولة دائماً تصنع من نفسها رقيبة علي الكتابة والتعبير وكل ما هو غير مألوف وغير شائع وتقوم بمحاولات التشويه.. ونجح النظام في تشويه المعاني والألفاظ واخترع تعبيرات يسئ بها للمناضلين والمعارضين مثل «عميل للخارج».. و«الاستقواء بالأجنبي»، «أقباط المهجر». وظل طوال الوقت يزرع الخوف في قلوب المواطنين. ولماذا تريد العودة لجمهورية الخوف؟ - لأنني أحبها وأعشقها ولا استطيع العيش بعيداً عنها وحيداً في الولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة أن زوجتي الأمريكية تعيش حالياً في مصر مع الأبناء والأحفاد وتعتبرني مواطن درجة سادسة في ذيل اهتماماتها وسأعود وأواجه كل الاتهامات فدوري الحقيقي في وطني مصر. وما الدور الذي تقوم به في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وما حقيقة ما يشاع عن التنسيق بينك وبين معارضين في الخارج؟ - لا أنسق مع معارضين في الخارج وأقوم بدوري كمواطن مصري وأري أن المعارضة الحقيقية لابد أن تبدأ في الداخل وتستطيع أن تحقق التغيير. لكنك متهم بتلقي أموال من الخارج والعمل لصالح أمريكا؟ - هذا غير صحيح، الحكومة المصرية هي التي تتلقي أموالاً من الخارج في صورة معونات وحصلت خلال 28 عاماً علي 300 مليار دولار والآن تشوه صورتنا وتضعنا أمام الرأي العام في صورة العملاء الذين يعملون ضد مصلحة بلدهم وهذا ليس صحيح علي الاطلاق. ولكن معظم مراكز حقوق الإنسان في مصر تحولت إلي «سبوبة».. ويبدو علي القائمين عليها مظاهر الثراء والتكسب خلال فترة قصيرة من العمل بها؟ - من يتحدث في مثل هذا الكلام لابد أن يكون لديه براهين واثباتات وليس كلاماً في المطلق وخاصة أن معظم هذه المنظمات والجمعيات مسجلة في الشئون الاجتماعية حيث يوجد ما يقرب من 20 ألف جمعية حقوق إنسان و500 منظمة للدعوة مثل مركز القاهرة ومركز ابن خلدون.. وهي جزء هام من المجتمع المدني وللسيطرة علي هذا الانحرافات لابد من الضبط الاجتماعي والرقابة علي المجتمع المدني.. وأنا شخصيا مستعد أن أنشر اسم أي جمعية أو منظمة يثبت عليها أي تجاوزات ولابد أن تكون هناك شفافية في المراقبة والمحاسبة. إذا كان الأمر كذلك فما سبب الانقلاب عليك؟ - أول الأسباب مقال رأي نشرته بعنوان «الجملوكية» عام 2000 تحدثت خلاله عن توريث بشار الأسد للسلطة حين شاهدته في جنازة حافظ الأسد وتخيلت السيناريو الذي سيحدث حتي يتولي الحكم وقد حدث وقلت أن هذا السيناريو سيحدث أيضاً في اليمن وليبيا. وتحدثت عن مساهمة العرب في علم السياسة في القرن الحادي والعشرين «بالجملوكية» أي نصف جمهورية ونصف ملكية. ومن الأسباب الأخري لانقلاب النظام علي.. مراقبة الانتخابات عام 1995 حين رفعنا القضايا وحصلنا علي أحكام بالبطلان والتزوير. وكذلك تناولي لموضوع الأقباط والأقلية في مؤتمر بقبرص مثل هذه الأمور التي كان لا يجرؤ أحد علي التطرق إليها هي التي قلبت النظام ضدي. متي تعود إلي مصر؟ - خلال شهر يونيه لقد قمت بحجز التذاكر وسأعود.. فكل تلاميذي يرسلون لي.. ويدعونني إلي العودة من أجل مركز ابن خلدون والمشاركة في مراقبة الانتخابات القادمة.