المركزي للمحاسبات: ملتزمون بأقصى درجات المهنية في نظر الحساب الختامي الموازنة    73 ألف طالب وطالبة بتعليم السويس يؤدون امتحان نهاية العام    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    سحر فوزي رئيسا.. البرلمان يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة.. يتألف من 13 عضوا.. وهذه تفاصيل المواد المنظمة    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    رئيس المركزي للمحاسبات: الجهاز يباشر دوره على أكمل وجه في نظر الحساب الختامي للموازنة    تراجع البصل والملوخية بسوق العبور اليوم الأربعاء    توريد 147 ألف طن قمح للشون والصوامع بكفر الشيخ    رئيس الجامعة الأمريكية في الإمارات يزور الأكاديمية العربية لبحث التعاون المشترك    فولكس فاجن ID.3 موديل 2024 الكهربائية تنطلق رسميًا    نواب ينتقدون «عدم الاستفادة من القروض»: «عيب مسؤول يكون تحت إيده مبالغ ولا يستغلها»    بنك مصر يحصد 5 جوائز من مجلة ذا يوربيان البريطانية لعام 2024    القوى السياسية تستنكر الجرائم الوحشية غزة    "سكاي نيوز": واشنطن أبلغت السلطة الفلسطينية بأنه سيتم إغلاق معبر رفح    روسيا تستأنف هجماتها على محطات وشبكات الطاقة بأوكرانيا    أحمد دياب يكشف موعد انتهاء الدوري وكيفية حسم الأندية المشاركة في البطولات الأفريقية    تحرير 129 محضرًا للمخالفين لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    السجن لمدة سنة لربة منزل لقتلها نجلة شقيق زوجها بقليوب    خلاف على الجيرة.. إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    في عيد الميلاد الزعيم.. إعادة عرض فيلم «زهايمر» في السينمات المصرية والخليجية    ياسمين عبد العزيز: «بنتي سندريلا وبترجع البيت الساعة 12»    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج.. ماذا سيحدث لهم في شهر مايو؟    مهرجان المسرح العالمي يكشف أسماء لجنة تحكيم دورته الثالثة    الذكري ال 22 لرحيل أحمد مظهر فارس السينما .. أسرته تحيي ذكراه في مقابر العائلة    فرقة قصر ثقافة طنطا تفتح بوابة سحرية ل"تمارة" بطنطا    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    وزير النقل يترأس الجمعية العامة العادية للشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    "لابد من وقفة".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة كارثية بشأن إيقاف القيد    زعيم كوريا الشمالية يرسل رسالة تهنئة إلى بوتين    أتربة ورمال وتحذير للمواطنين.. الأرصاد: تقلبات جوية وارتفاع الحرارة لمدة 72 ساعة    مرصد الأزهر :السوشيال ميديا سلاح الدواعش والتنظيمات المتطرفة    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة وادى ماجد غرب مطروح اليوم    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    مواد البناء: أكثر من 20 ألف جنيه تراجعًا بأسعار الحديد و200 جنيه للأسمنت    البورصة المصرية تستهل بارتفاع رأس المال السوقي 20 مليار جنيه    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    شوبير يوجه الشكر لوزير الشباب والرياضة لهذا السبب| تفاصيل    "لم يسبق التعامل بها".. بيان من نادي الكرخ بشأن عقوبة صالح جمعة    تعرف على قيمة المكافآة الخاصة للاعبي الزمالك من أجل التتويج بكأس الكونفدرالية (خاص)    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    سها جندي: نحرص على تعزيز الانتماء في نفوس أبناء الوطن بالخارج    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «القاهرة الإخبارية»: إصابة شخصين في غارة إسرائيلية غرب رفح الفلسطينية    تقرير: مشرعون أمريكيون يعدون مشروع قانون لمعاقبة مسئولي المحكمة الجنائية الدولية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    لسبب غريب.. أم تلقي طفلها في نهر مليء بالتماسيح    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الديكتاتورية لا تتحمل نصف الحقيقة
طارق الشناوي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 13 - 06 - 2010

· الفيلم انتقل إلي هذا الزمن لنعيش "هذه الأيام" وليست "تلك الأيام" التي كانت تجري فيها أحداث الرواية حيث بدأت في منتصف الثلاثينيات وانتهت في مطلع الستينيات
· الفيلم لم يصل إلي الطموح الإبداعي للرواية ولكن لا شك أنه بداية مبشرة للمخرج "أحمد غانم" الذي حافظ علي الجو العام
هل هي صحوة في السينما المصرية فقررت أن ترتكن للرواية تعتبرها بمثابة البنية التحتية وتبدأ بعدها في تشييد البناء السينمائي.. هل هي حقاً صحوة أم مجرد صدفة، حيث شاهدنا في بدايات الموسم السينمائي الصيفي فيلمين مأخوذين عن روايات أدبية "عصافير النيل" رواية "إبراهيم أصلان" أحالها "مجدي أحمد علي" إلي فيلم.. ثم "تلك الأيام" لفتحي غانم قدمها "أحمد غانم" في أول تجربة روائية له بعد أن أخرج قبلها عدداً من الأفلام الروائية القصيرة الهامة.. أتصور أن الصدفة هي التي صنعت هذا التوجه وذلك لأننا تعودنا أن السينمائيين تحركهم بوصلة أخري لصناعة الفيلم السينمائي، حيث تخضع رؤية المخرج لإرادة النجم .
وقد تتدخل إرادة المنتج بنسبة ما ولكن يظل المخرج الذي يحلم بمشروعه عادة خارج المنظومة السائدة للسينما المصرية.. قبل أن يري فيلم "عصافير النيل" النور كان قد حصل السيناريو علي دعم عيني من وزارة الثقافة المصرية يصل إلي نصف مليون دولار وعلي هذا أصبح مشروع الفيلم قابلاً.. الفيلم الثاني الذي نحن بصدد الحديث عنه هذا الأسبوع هو "تلك الأيام" لفتحي غانم تحمس ابن المؤلف لقصة أبيه الأستاذ "فتحي غانم" وهو واحد من أهم كتاب الرواية العربية وهكذا ربما وجد أيضاً أن شركة إنتاج "محمد العدل" لديها قناعة بالرواية وهي من المرات القليلة التي نجد فيها شركة إنتاج تملك هذا الحس الأدبي وتوفر له أيضاً دعماً من وزارة الثقافة!!
في "تلك الأيام" الأصل الروائي تجري أحداثه خلال 30 عاماً من 1933 حتي 1962.. السنوات القليلة التي تسبق الحرب العالمية الثانية وصولاً إلي الانفصال المصري السوري بعد فشل الوحدة في عام 61 والتي لم يزد عمرها علي ثلاث سنوات!!
المرحلة الزمنية طرحت أيضاً شخصياتها مثل الإرهابي والمثقف.. الإرهابي كان يقاوم الاستعمار البريطاني في مرحلة الأربعينيات حتي قيام الثورة في 1952 والمثقف الذي بات عليه أن يدرك سواء في العهد الملكي أم الجمهوري أن عليه الخضوع لإرادة النظام في توجهاته فلقد جرب أن يتمرد واكتشف أن المجتمعات الديكتاتورية كما قال له أستاذه لا تستطيع أن تتحمل حتي ولا نصف الحقيقة!!
الفيلم يبدأ بأن نتعرف علي أستاذ الجامعة "سالم" الذي أدي دوره "محمود حميدة" وهو يقيم حفلاً في بيته ولكن قبل أن نري هذا المشهد تتحرك الكاميرا دائرياً حول رقعة الشطرنج التي تتدثر بالظلام حيث لا يبقي من النور إلا فقط بصيص خافت لا تستطيع أن تستبين منه حقيقة الصورة وذلك من خلال تنفيذ متقن لمدير التصوير "أحمد عبد العزيز" حيث تبدو وكأنها تقدم للمشاهد بداية هذه العلاقة الملتبسة بين كل الأطراف الرئيسية القائمة علي معادلات يلعب فيها العقل مثل لعبة "الشطرنج" القسط الوافر منها وينتهي الفيلم بمشهد أيضاً مماثل!!
في الدراما دائماً ما نجد الثالوث الشهير الزوج والزوجة والعشيق ولكن ليست هذه هي الرؤية التي يقدمها لنا "فتحي غانم" في الرواية الأصلية وليست هي أيضاً ما حرص عليه "أحمد غانم" رغم أننا ظاهرياً نري هذا الثالوث ولكن لا "سالم" الذي أدي دوره "محمود حميدة" زوج مخدوع بالمعني المباشر للكلمة ولا الفنانة الجديدة التي أدت دور "زينب" ليلي سامي هي الزوجة الخائنة و لا "أحمد الفيشاوي" هو العشيق بمعناه التقليدي.. الفكرة التي نبت منها العمق الروائي الإبداعي هي أننا أمام شخصيتين عاجزتين بالمعني الرمزي والفعلي هما "محمود حميدة" و "أحمد الفيشاوي" حتي في علاقة كل منهما مع "زينب".. الزوج والعشيق وجهان متناقضان ظاهرياً متماثلان داخلياً.. وهكذا جاءت نهاية الرواية تملك كل القوي والعمق والإبداع عندما منح "أحمد الفيشاوي" المسدس إلي "حميدة" ليقتله فلم يستطع رغم أنه سوف يغادر المكان مع زوجته.. الرواية تقدم الاثنين وهما يجلسان جنباً إلي جنب بينما تتحرك البطلة بالعربة فتغادر الموقع متجهة للقاهرة فهما وجهان لعملة واحدة الإرهابي القديم والمثقف الذي يبيع نفسه.. بينما لجأ الفيلم لحل درامي آخر يخصم الكثير من الألق الذي قدمته الرواية وذلك عندما يطلق "حميدة" النار علي نفسه ويخر قتيلاً ويخرج "أحمد الفيشاوي" و "ليلي سامي" معاً.. وهي نهاية قد ترضي الجمهور أكثر فهو يحب أن يطمئن علي أبطاله وظل السيناريو الذي اشترك فيه المخرج مع الكاتبة "علا عز الدين" حريصاً علي التمهيد له علي حساب الرؤية المطروحة في العمق الأدبي للرواية.. "أحمد الفيشاوي" الذي يؤدي دور "عمر" إرهابي في الرواية لكنه في المعالجة السينمائية ضابط يطارد الإرهابيين أثناء تعرض مصر لأحداث العنف الذي اجتاح البلاد في مطلع التسعينيات عندما أطل الإرهاب الديني المسلح بقسوة علي البلد ومقدراتها ثم إن الرؤية مختلفة تماماً بين أن تشارك في الإرهاب والقتل وأن تتحول إلي شرطي يطارد الإرهابيين حتي لو قتلت الإرهابيين يظل الفرق واضحاً وكذلك الخيانات التي مارستها "زينب" في الأصل الروائي الفيلم حاول أن ينفيها تماماً ليظل يلعب علي مشاعر المتفرج بالمفهوم الأخلاقي لشخصية البطل والبطلة الإيجابيين حتي يستمر التعاطف معهما ولم يكن هذا هو هدف الروائي لأنه لم يحمل لأي منهما أي إدانة أخلاقية بمعني الخيانة الزوجية من أي نوع.. الفيلم انتقل إلي هذا الزمن لنعيش "هذه الأيام" وليست "تلك الأيام" التي كانت تجري فيها أحداث الرواية التي بدأت في منتصف الثلاثينيات وانتهت في مطلع الستينيات بمتغيرات أخري رغم أن الإطار الزمني الذي قدمه "فتحي غانم" راهن علي التحليل النفسي والاجتماعي لشخصياته وهي تصلح لكل زمان ولكن عندما انتقل لهذا الزمن اضطر أن يلعب بكل تفاصيله مثل الموبايل ليشكل نقطة فارقة في علاقة "زينب" مع "سالم" وأيضاً العلاقة مع إسرائيل والتطبيع كأحد القضايا الثقافية المطروحة علي الساحة ولم تكن بالطبع لها أي حضور في زمن الرواية وهكذا يبدو المثقف طبقاً للرؤية السينمائية حائراً في تحديد موقعه من تلك القضية.. العجز المادي والأدبي بمعناه الجنسي وأيضاً بالقدرة علي الفعل كما هو في الرواية تجاوزته المعالجة الدرامية ويبقي أمامه الفعل الأكبر وهو دخول قناة "الجزيرة" وبالطبع فإن قناة "الجزيرة" في الدراما المصرية هي العدو اللدود.. في الأسابيع الأخيرة بالطبع حدث تغير ما علي المستوي الثقافي أو أظنه يعبر عن تغيير في المؤشر السياسي لمصر في علاقتها مع الدوحة لن يتضح بعد بالطبع علي المعالجة الإعلامية.. الفيلم يقدم تنويعة قبل نهايته علي المشاهد الأخيرة من فيلم "الكيت كات" عندما ينفتح ميكروفون سرادق العزاء بدون أن يعلم الشيخ "حسني" ويفضح كل أهل الحي عندما يذيع كل آرائه فيهم.. وهذا هو ما حدث بالضبط في "تلك الأيام" مع تغيير في طبيعة الأداة.. كان "سالم" هو ضيف من القاهرة عبر الستالايت علي قناة الجزيرة بينما تلقي الشرطة القبض علي زوجته علي الكوبري ويبدأ في فضح نفسه وأفكاره والنظام عبر الاتصالات التليفونية التي يجريها وهو لا يدري أنه علي الهواء.. كان في البداية ينتظر أن يمنحه النظام منصب وزير بعد أن قدم لهم العديد من الخدمات وينتهي الأمر بضياع هذا الحلم وعودته للبلد ثم انتحاره.. الفيلم لم يصل إلي الطموح الإبداعي للرواية ولكن لا شك أنه بداية مبشرة للمخرج "أحمد غانم" الذي حافظ علي الجو العام للفيلم سواء أداء ممثليه أو التعبير بالصورة والصوت وأري أن هذا هو أفضل دور قدمه "أحمد الفيشاوي" طوال رحلته الفنية 10 سنوات وتوظيف جيد جداً لإمكانياته.. كما واصل "محمود حميدة" صعوده الفني في تلك المساحة والمرحلة العمرية التي يعيشها الآن والتي منحته أدواراً يتجدد من خلالها لأنه قادر علي اقتناصها محافظاً علي اسمه.. "ليلي سامي" هي بالتأكيد "زينب" كما تخيلها "فتحي غانم".. اختيار جيد درامياً أن يقدمها لنا المخرج وهي تردد بصوتها الأغاني بين كل مقطع وآخر للتعبير عن المواقف.. أداء نغمي ممتع وليس فقط أداءً درامياً.. كنت مبهوراً طوال الفيلم بتلك القدرة وهذا الحضور لهذه الممثلة الجديدة وكانت دائماً قادرة علي أن تسرق العين.. "أحمد عبد العزيز" مدير التصوير المبدع الذي حافظ علي أن يمنح الفيلم خصوصية في التناول بالضوء كما أن موسيقي "عبده داغر" و "يحيي الموجي" نسجت بجمال حالة الفيلم.. مونتاج "أحمد داود" كان أحد أبطال الفيلم.. "تلك الأيام" ليست هي الفترة الواقعة في زمن الرواية حوالي 30 عاماً من الثلاثينيات حتي مطلع الستينيات وليست أيضاً هي تلك السنوات من زماننا التي نعيشها الآن ولكنها كل الأيام التي نعيشها وعشناها أو سوف نعيشها.. المعادلات لم تتغير ولا أيضاً الحسابات وكثيراً ما نري المثقف في عالمنا العربي وهو يبيع نفسه لمن يدفع أكثر ثم يكتشف في النهاية أنه يمسك الهواء بيديه!!
*************
من «يا جارحة قلبي بقزازة» إلي «الخرنج»
هل تمنع نقابة الموسيقيين «أبو الليف»؟!
عدد من الموسيقيين تقدموا بشكوي إلي نقيب الموسيقيين "منير الوسيمي" بمجرد انتخابه من أجل أن يتدخل لإيقاف ما وصفوه بالتردي والتدهور في الذوق العام خاصة مع انتشار أغاني المطرب "أبو الليف" والتي احتوت علي كلمات "كاورك" و"خرنج" وغيرها.. "منير" وعد بإعمال القانون خاصة أن لديه مادة صريحة تمنح النقابة مسئولية الحفاظ علي الذوق العام أكد "الوسيمي" أنه في سبيله لاتخاذ الإجراءات المناسبة ولم يكن "الوسيمي" هو أول من يفكر في ذلك دائماً نقابة الموسيقيين يتم دفعها لهذا الاتجاه.. سبق وأن تابعنا آخر قرار مماثل أصدره الموسيقار الراحل "حسن أبو السعود" الذي كان يشغل موقع رئيس نقابة المهن الموسيقية المصرية والذي كان يمنع غناء أي مطرب جديد لأي من الأغنيات القديمة ولاقي قراره وقتها حفاوة بالغة من الرأي العام قبل أن يشيد به عدد كبير الموسيقيين لأنه يدعم اتجاها بات مؤثراً جداً في المجتمع يري أن قوته تكمن في الإبقاء علي ماضيه بلا أي إضافة وأن أي مساس بالقديم يتدخل في إطار إهانة التراث.. كان عدد من المغنيين الشعبيين يفكرون في إعادة تقديم أغاني من التراث الموسيقي بعدها أصدر النقيب الراحل تحذيراً من نقابة المهن الموسيقية ضد كل من تسول له نفسه ويفكر بإعادة تقديم أي من الأغنيات القديمة لأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وغيرهم وذلك حفاظاً علي تراثنا الغنائي من التشويه وهذا هو ما يردده أيضاً في كثير من أحاديثه نقيب الموسيقيين الحالي "منير الوسيمي".. وينسجم هذا الموقف تماماً مع ما حدث تحت قبة البرلمان المصري عندما انفعل زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية ضد محمد سعد في فيلم "اللمبي" قبل 8 سنوات وقال كيف يغني رائعة أم كلثوم "حب إيه" حيث تضمن الفيلم مشهداً لسعد وهو يغني "حب ايه" وكالعادة انضم إليه كل الأعضاء وقالوا "آمين" وأغلب الأقلام انحازت إلي رئيس الديوان الجمهوري.. أما الرقابة فلقد تراجعت عن موقفها الأول وحذفت الأغنية بعد أن كانت قد صرحت بها في فيلم "اللمبي".. وأيضاً بطل الفيلم "محمد سعد" بعد أقل من عامين من هذه الواقعة حرص علي أن تتضمن الأحداث في فيلمه الثالث "عوكل" أغنية بصوت أم كلثوم وأخذ يشيد بها حتي يغفر له الجمهور ما فعله بها في "اللمبي".. وعلي الجانب الآخر فإن الرقابة نفخت كالعادة في الزبادي ومنعت وقتها "أحمد حلمي" من غناء مقطع لقصيدة الأطلال "هل رأي الحب سكاري مثلنا" ضمن أحداث فيلم "صايع بحر"!!
المجتمع العربي دائماً ما يرحب بهذه القرارات المحافظة التي تبدو في ظاهرها الرحمة إلا أن في باطنها تخفي العذاب.. وجه منها نراه وكأنه يحمي القيم الراسخة وعلي الوجه الآخر نري مجتمعاً فقد روحه الساخرة التي كانت عنواناً له سبق وأن أصدرت نقابة الفنانين في سوريا قبل بضع سنوات قرارات مماثلة تمنع غناء "هيفاء" و "نانسي" و "اليسا" هناك!!
هذا المجتمع قبل نحو 50 عاماً لم يكن لا هو يضيق بمحمود شكوكو ولا هي أيضاًَ أقصد أم كلثوم تضيق به عندما غني لها علي موسيقي لحن "حب ايه" مع تغيير في الكلمات والمونولوج لا تزال فضائيات الأبيض والأسود تقدمه بين الحين والآخر وتقول كلماته "حب إيه اللي انت جاي تقول عليه هو في ف الدنيا أحلي من البوفيه" وكل أغانيها الأخري مثل "أراك عصي الدمع" "ذكريات" "أنا لن أعود إليه" تحولت إلي مونولوجات ساخرة قدمها "شكوكو" وغني مرة أخري ساخراً من قصيدة "لا تكذبي".. "لا تكذبي إني رأيتكما معا كنت أحسبك ملوخية لكن طلعتي مسقعة" ولم نسمع أن شاعر "لا تكذبي" كامل الشناوي ولا ملحنها "محمد عبد الوهاب" ولا المطربة "نجاة" احتجوا .. أما أحمد عدوية فلقد غني لعبد الحليم "نار يا حبيبي نار فول بالزيت الحار" ورد عليه عبد الحليم حافظ وغني له في إحدي الحفلات الخاصة "السح الدح امبوه ادي الواد لأبوه" بل إن عبد الحليم حافظ كان أول من سخر من التراث الغنائي عندما غني قبل 55 عاماً في فيلم "أيام وليالي" يا سيدي أمرك أمرك يا سيدي اشتملت الأغنية علي تهكم علي العديد من الأدوار والقصائد القديمة التي كانت ترددها أم كلثوم وعبد الوهاب وصالح عبد الحي وأيضاً لم يغضب أحد.. لا يتذكر أحد الآن مونولوج شهير اسمه "يا جارحة قلبي بقزازة لماذا الظلم ده لماذا"؟! هذا المونولوج غناه محمود شكوكو من تلحين "محمد عبد الوهاب" وكلمات "حسين السيد" وكلنا نتذكر تحية كاريوكا في فيلم "لعبة الست" وهي تغني يا خارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة ولم يضج الناس بهذه الكلمات التي كتبها "بديع خيري" ولحنها "محمود الشريف".. هل يعلم البعض أن الصحفي والزجال الراحل حسن إمام عمر كان يسمع أم كلثوم زجلاً يسخر فيه من كل أغانيها العاطفية والوطنية يكتبه علي نفس الوزن والقافية وكانت أم كلثوم تردده بعد ذلك لأصحابها في جلساتها الخاصة.. كان مجتمعاً قوياً يؤمن بروح الدعابة.. الآن أصبحنا نعيش في مجتمع "فقد ظله" عندما افتقد ومع سبق الإصرار والترصد "خفة ظله".. قدم صلاح أبو سيف فيلمه التراجيدي "ريا وسكينة" عام 1955 وبعد عام واحد قدم المخرج حماده عبد الوهاب فيلمه الكوميدي "إسماعيل يسن يقابل ريا وسكينة" وبنفس بطلتي الفيلم نجمة إبراهيم وزوزو حمدي الحكيم بينما اعترضت الرقابة قبل عشر سنوات علي سيناريو ساخر كتبه "داود عبد السيد" لفيلم صلاح أبو سيف "شباب امرأة"!! في السينما الإيطالية يقدمون كاوبوي اسباجيتي يسخرون فيه من الكاوبوي الأمريكي وتقبل الأمريكان تلك السخرية الإيطالية اللاذعة رغم أن الكاوبوي يحمل رمزاً وطنياً أمريكيا في إيطاليا قدمت مؤخراً المخرجة التسجيلية "سابينا جورجيني" فيلم "دراكيولا" تسخر فيه من "بيرلسكوني" رئيس الوزراء وعرض الفيلم مؤخراً في مهرجان "كان" وكان قد سبق عرضه تجارياً في إيطاليا.. أنا أتمني أن نعود إلي التسامح مع تلك المداعبات التي تدل علي أن صحة مجتمعنا العربي لا تزال بخير وعافية طالما روحه الساخرة لا تزال منطلقة ومجلجلة!!
*************
قبل الفاصل
الألفة والدولة
المثقف والدولة علاقة من الممكن أن نتابعها بكل تفاصيلها في موقف "أسامة" من النظام" وموقف النظام من "أسامة".. الكاتب الكبير تواجد في منطقة شائكة جداً في دول العالم الثالث وهي مؤسسة الإعلام.. "كتيبة الإعلام" كما كان يطلق عليها وزير الإعلام الأسبق "صفوت الشريف".. هذا التعبير الصارم به من التوصيف العسكري الكثير وهي بالفعل كذلك.. الإعلام يبدو لي عدد من العاملين فيه وكأنهم موظفون عسكريون في زي مدني خلعوا الكاكي ولكنهم ارتدوه في أعماقهم..
هذا هو مأزق الإعلام حيث تمت برمجة أفراده علي هذا النحو التحرك كفريق واحد وكلنا نتذكر أكثر من مرة كيف أن "أنس الفقي" قاد مظاهرات ترفع علم مصر وصورة الرئيس متجه إلي مقر الحزب الوطني الكائن بجوار مبني "ماسبيرو" علي الكورنيش المرة الوحيدة التي غضب فيها أهالي "ماسبيرو" رأيناها في الصيف الماضي عندما رفع عدد محدود من العاملين شعارات تطالب بالحصول علي حقوق مادية لمساواتهم بالعاملين من خارج المبني وتم احتواء الموقف في مكتب الوزير وأنهي كل شيء وهي غضبة محدودة ومبرمجة أيضاً لا علاقة لها بالسياسة ورغم ذلك فهي غير قابلة للتكرار وبالفعل تم إحباط أكثر من محاولة مؤخراً!!
ما علاقة كل ذلك بكاتبنا الكبير "أسامة أنور عكاشة".. إنه يمارس مهنته ككاتب درامي داخل هذا الملعب الإعلامي المحاط بالكثير من المحاذير.. كان "أسامة" يحاول جاهداً أن يعثر علي منطقة حيادية بينه وبين الدولة.. هو يعلم أنه لن يستطيع أن يقول كل شيء إلا أنه في نفس الوقت كان حريصاً علي ألا يقول سوي فقط ما يريده أن يصل للناس.. أتذكر أنه عندما وصل إلي محطة انتصارات 6 أكتوبر 73 في مسلسل "ليالي الحلمية" في نهاية الثمانينيات كان الاتهام الذي لاحقه أين دور الرئيس "السادات".. لم يكن "أسامة" يكتب نصاً تاريخياً ولكنه كان يرصد الشارع ومن خلال شخوص لها مفرداتها لم يقفز علي الحقيقة ولكن أيضاً وبنفس القدر لم يقل سوي ما يعتقد.. كان "أسامة" ناصرياً في الاتجاه الفكري لكنه ليس درويشاً أحادي النظرة.. بينما الإعلام الرسمي يحمل في داخله نبض توجيهي مباشر هم يريدون أعمالاً فنية تحقق لهم أهدافاً اجتماعية وسياسية ولم يكن هذا غائباً عن "أسامة" لكنه كان يرفض أن يصبح بوقاً لما تريده الدولة.. البعد الاجتماعي للنص التليفزيوني كان أحد أهم مقومات الكتابة الدرامية لأسامة أنور عكاشة فهو يدخل البيت ولهذا عليه أن يمرر قيماً اجتماعية راقية من خلال الدراما ومن هنا مثلاً كان هو أول من تنبه لغياب الشخصية القبطية عن الدراما المصرية ومنذ أن قدم "الشهد والدموع" ثم "ليالي الحلمية" وأيضاً في السينما مع "كتيبة الإعدام" وهو حريص علي زرع هذه الشخصيات.. كنت أراها شخصيات مثالية أكثر مما ينبغي وعليها أوراق "سوليفان" ولكن "أسامة" - وله الحق - كان يري أن الغياب القسري للشخصيات القبطية عن الدراما يجعلنا نتعامل معها في البداية بقدر من الحذر والحساسية وبعد ذلك نفتح الباب أكثر.. الدولة لا ترضي بنموذج "أسامة" إنها تريده أكثر مباشرة في توصيل أفكارها إنها تسعي لاحتكار موهبة المبدع خاصة لو أنه سوف ينطلق من خلال ملعبها التليفزيوني الرسمي.. ولم يكن "أسامة" من الممكن أن يصبح أحد أسلحة الدولة ليس لأن بينهما خصومة دائمة ولكن لأنه لا يريد سوي أن يكون نفسه.. كانت مقالات "أسامة" ومواقفه السياسية خارج حدود الدراما هي المتنفس له لكي يعبر عن كل قناعاته وظل يكتب في الصحافة أكثر من 25 عاماً صحيح أنه كان له نافذة أسبوعية في "الأهرام" يكتب فيها ومضات خاصة بحياته لكن أفكاره ومواقفه التي في كثير من الأحيان التي قد تتعارض مع الدولة فإنه ينشرها في عدد من الصحف المستقلة والحزبية ومن أشهر الجرائد التي فتحت صفحاتها له "الوفد" برغم الخلاف السياسي بين معتقدات "أسامة" وحزب الوفد إلا أنه في تلك المساحة من الحرية كان يستطيع أن يعثر علي منطقة محايدة خضراء يكتب فيها.. الخلاف بين الدولة و "أسامة" لم يصل إلي حدود المنع ولكنه يراوغ الدولة وتراوغه لا تحتضنه ولكنها أيضاً لا تدير تماماً ظهرها له.. نفذ "أسامة" في تلك المساحة إلي الناس وصار هو الكاتب الدرامي الألفة.. وأتصور أنه سيظل يحتفظ بلقب "الألفة" في الزمن القادم!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.