شغلت التطورات الأخيرة فى مصر الأوساط الأمريكية المهتمة بشئون الشرق الأوسط فى الولاياتالمتحدة وهو ما أنعكس فى كتابات بعض المحللين الأمريكيين المتخصصين فى الشأن المصرى ومنهم ستيفن كوك الذى كتب فى مقال بموقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية محللاُ بعض جوانب العلاقة المصرية – الأمريكية، حيث ذكر أن مقالين لفتا أنتباهه الأول فى مجلة فورين بوليسى بعمود جيمس تروب انتقد فيه البيت الأبيض بشأن فشل الإدارة الأمريكية فى اتخاذ موقف صارم تجاه ما وصفه بأنه توجه غير ديمقراطى للجيش المصرى خلال فترة ما بعد حكم مرسى. أما الثانى فكان افتتاحية كتبها جاكسون ديهل نائب محرر صفحة الرأى فى صحيفة الواشنطن بوست وانتقد فيه فشل جون كيرى فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط خاصة ما يبدو وكأنه رغبة أمريكية فى قبول ما يتشكل فى مصر كمرحلة انتقالية غير ديمقراطية. ويقول كوك أن كلا الكاتبين يعدان من المراقبين الجادين للسياسة الخارجية الأمريكية كما أن إسهاماتهما فى الجدل الأخير بشأن السياسة الخارجية الأمريكية لا ينبع من دوافع سياسية. ولكن المشكلة محل الشك هى فى اعتقادهم، هم وكثير من الطبقة السياسية الأمريكية بأن الولاياتالمتحدة يمكن ان تكون أداة للإصلاح والتغيير فى مصر. وأضاف أنه شعر بالدهشة من اعتقاد المحللين السياسيين الأمريكيين بأن الترويج للديمقراطية سواء فى شكل برامج فعلية صممت للتشجيع على خلق مجتمع منفتح وعادل أو من خلال الدعم اللفظى لتحقيق تغيير للأمام يمكن أن يحدث فرقاً فى الأمر. ويقول كوك إن الشكوك التى يشعر بها من مدى قدرة الساسة الأمريكيين على إحداث تأثير فى المشهد الحالى نابعة من واقع أن المخاطر التى يتعرض لها المصريون فى طريق نضالهم لتحديد شكل مؤسساتهم السياسية والاجتماعية تعد كبيرة ولهذا فإن تأثير القوى الخارجية على الشكل الذى يراه المصريون مناسباً لبلادهم يبدو ضعيفاً. وتوقع أن شكل وتوجهات السياسة المصرية لن يحدده من قاموا بثورتى 25 يناير و30 يونيو بل أن ملامح النظام السياسى ستحدده حرب المواقع بين الجيش والمخابرات والشرطة والبيروقراطية المضادة للثورة، ويضيف أن تلك ليست البيئة المناسبة التى يمكن لأمريكا أن تحدث فيها تغييراً بالنظر إلى الموارد الأمريكية المحدودة. وقال كوك إن أحد الاشياء التى يمكن أن تساعد الولاياتالمتحدة مصر فيها على دعم الديمقراطية والترويج لها يكمن فى مساعدة مصر اقتصاديا، وهو أمر يعتقد البعض أنه بمقدورها القيام به نظراً لنفوذها الواسع فى المؤسسات الأقتصادية العالمية كصندوق النقد الدولى ودول اسيا وأوروبا كما أن واشنطن لا تزال تعد حتى اليوم القوة الاقتصادية الأكثر تأثيراً فى العالم. ولكن الواقع يقول أن الولاياتالمتحدة بدأت تفقد هذا التأثير بسبب صعود قوى أخرى علاوة على السياسات الأمريكية الفاشلة الأمر الذى سيجعل من الصعب على الولاياتالمتحدة مساعدة مصر اقتصادياً. ولكن لا يعدو فشل واشنطن فى ذلك أكثر من نصف المشكلة، حتى أن السياسات المصرية وحالة عدم الاستقرار تعوق فاعلية المساعدات الخارجية. ويرى كوك أنه لو كانت الولاياتالمتحدة تعانى من ضعف القدرة فى الإسهام فيما يعتقده البعض أحد شروط الديمقراطية وهو التنمية الاقتصادية، فإن قدرتها على تشكيل حسابات قادتها محدودة للغاية أيضاً. ويرى أنه من غير المحتمل أن تتمكن الولاياتالمتحدة من إحداث أى تغيير فى المشهد حتى لو قدمت مليارات الدولارات كمساعدات لمصر. ويضيف أنه فى الوقت الذى يشعر فيه المصريون بأنهم فى صراع من أجل بقاء روح بلادهم، فإن الأطراف الخارجية سيكون تأثيرها ضعيفاً لإجبار قادة مصر على فعل شئ لا يرغبون فى القيام به. ويرى كوك أن بعض السياسيين الأمريكيين يحلو لهم القياس على مثال العلاقة بين الاتحاد الأوروبى وتركيا التى تعد مثالاً على النفوذ الحاسم لقوة خارجية على توجهات السياسة فى دولة ما. فاحتمالات إنضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبى غيرت من توجهات الإسلاميين الأتراك ووضعت قيوداً على كبار القادة العسكريين فيها بشكل سمح بالقيام بتغييرات ديمقراطية واسعة (تبين فيما بعد أنها كانت عكسية) فبوجود فرصة حقيقية لتركيا للانضمام للأتحاد الأوروبى، كان لبروكسل تأثير فعال على السياسات التركية. وعلى العكس من ذلك، فإن الولاياتالمتحدة لا تنوى عرض العضوية فى ناديها الحصرى على مصر. ولهذا يرى كوك أن الأدوات التقليدية للدبلوماسية الأمريكية لا تعنى كثيراً فى مصر وعلى الأمريكيين تقبل ذلك.