كتب "جاكسون ديهل" نائب رئيس تحرير صحيفة "واشنطن بوست " الأمريكية اليوم مقالا له، قائلا إن الربيع العربي "ذا التسمية المضللة" بحسب رأيه- انقسم إلى نوعين من الصراعات الاجتماعية. ويرى الكاتب أن أول هذه المسارات التي انحدر إليها الربيع العربي هو صراع المصالح في سوريا، مؤكداً أنه إذا لم تنته الأزمة في وقت قريب فربما تتسع رقعتها لتشمل العراق ولبنان والبحرين وربما تستمر لسنوات بل عقود. ويشير "ديهل" إلى أن الربيع العربي اتخذ مسارا آخر في مصر وليبيا وتونس وربما تركيا، ألا وهو الصراع من أجل السلطة السياسية بين الأحزاب الإسلامية والتيارات الليبرالية، لافتاً إلى أن المسألة في هذا المسار تعتبر أكثر تعقيداً، متساءلا فهل يوافق الجانبان على تحمل وجود بعضهما البعض وخلق نظام سياسي ديمقراطي يقيم وفاق حول المبادئ المتنازع عليها؟. ويستكمل "ديهل" بأنه حتى الآن فإن الواقع لا يبدو جيدا خاصة في مصر، فبدلا من بناء توافق في الآراء، تلجأ الأحزاب الإسلامية والليبرالية إلى استقطاب أجزاء من الشعب إلى جانبها، محاولة التنافس في الحشد، ونتيجة لذلك فإن كل طرف قد اتخذ جانبا متطرفا تجاه الآخر. ولكن الرئيس محمد مرسي الذي يعتقد بأحقيته في حكم البلاد وذلك لمجيئه وفق صناديق الانتخابات، ينفذ نظرية سياسية يرى أنه يحق له تنفيذها، حيث يعتقد أن من فاز في الانتخابات له الحق في فرض أجندته على الشعب، وكذلك كبح الصحفيين والقضاة والأقليات وكل من يقف في طريقه. ويوضح "ديهل" أن هذا النهج الذي يتبعه مرسي هو نفسه الذي ينفذه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في بلاده وهذا ما سبب اندلاع التظاهرات منذ عشرة أيام تقريبا. وعلى صعيد آخر، يوضح "ديهل" أن الوضع يختلف قليلا في تونس، فحركة النهضة أكثر تسامحا وأكثر تساهلا مع الأطراف الليبرالية على عكس جماعة الإخوان المسلين في مصر. ويستشهد الكاتب بما ذكره الغنوشي رئيس حركة النهضة بأن " الشريعة تقوم في الأساس على العدالة والمساواة ونشر السلام وكذلك احترام حقوق الإنسان". ويشير "ديهل" إلى أن حركة النهضة التونسية لا تتمسك بقوة بعقيدة الأغلبية أو التغلغل بقوة في المجتمع والتي يتبعها مرسي وأردوغان، فقد سبق وقال الجبالي إن " علينا أن نتحرك من سياسة الأغلبية الحزبية إلى الأغلبية في المجتمع، ولكن هذا لن نمارسه إلا بعد أن نصل إلى مرحلة النضج التي وصلت لها الولاياتالمتحدة". ويقول الكاتب بصحيفة " واشنطن بوست " إن النهضة عملت قبل إقرار دستور جديد على التفاوض بشكل دائم مع جميع الأطراف، وقبولها رفض العديد من التيارات الليبرالية لمسودات الدستور التي تم اقتراحها من قبل، على عكس الرئيس مرسي الذي أقر الدستور على الرغم من رفض تيارات كثيرة في المجتمع المصري لهذا الدستور، معتمدا في ذلك على مبدأ حشد الناس للموافقة على الدستور دون أن يضع في اعتباره الشخصيات والتيارات الأخرى التي اعترضت. وفي هذا الشأن يستشهد "ديهل" بما قاله الغنوشي بأن اثنين من التيارات الكبرى في مصر وهما الإخوان والسلفيين وافقوا على هذا الدستور، بينما لم يقم الطرف الثالث، وهو التيار الليبرالي، بالتعبير عن رفضه بشكل حقيقي – في إشارة إلى رفض هذا التيار المشاركة في الاستفتاء، ويوضح الغنوشي بأن " هذا ما لا نريده لتونس، فنحن نسعى إلى الوفاق مع جميع الأطراف". ويختتم "ديهل" مقاله قائلا، بأنه نتيجة لسياسة النهضة فإن المشكلة الكبرى التي تواجهها في الحقيقة هي التيارات الإسلامية المتطرفة وليس التيارات الليبرالية كما يحدث في مصر.